قدمت الحكومة الألمانية دعما كبيرا لشركة الطيران الألمانية لوفتهانزا حتى تنهض من كبوتها مجددا وتبتعد عن شبح الإفلاس من ارتفاع جبل الخسائر في أعقاب تضررها من إجراءات الإغلاق بسبب تفشي جائحة كورونا التي كبدت شركات الطيران العالمية خسائر بالجملة. برلين - أعلنت الحكومة الألمانية أنها توصلت إلى اتفاق مبدئي الاثنين مع مجموعة لوفتهانزا للطيران على تقديم مساعدات حكومية تقدر بالمليارات للشركة المتعثرة بسبب جائحة كورونا. ويأتي الاتفاق بعد سلسلة من المفاوضات نتيجة طول المسائل الفنية والقانونية المتعلقة بخطة الإنقاذ. وقالت وزارة الاقتصاد إن المفاوضات بشأن مساعدة حكومية لشركة الطيران لوفتهانزا بلغت مراحلها الأخيرة لكنها لم تنته بعد. وأوضح المتحدث باسم الوزارة في مؤتمر صحافي دوري أن الوزارة تأمل في ختام وشيك للمحادثات. ويحتاج الاتفاق إلى موافقة كل من اللجنة التوجيهية لصندوق الاستقرار الاقتصادي الحكومي ولجان لوفتهانزا والمفوضية الأوروبية. وينص الاتفاق على تقديم مساعدات للشركة بقيمة 9 مليارات يورو، وستساهم الحكومة الاتحادية في الشركة بصورة مباشرة بنسبة 20 في المئة، لتكون حصتها بذلك دون حد الأقلية المانعة التي يمكن من خلالها عرقلة قرارات مهمة للشركة. وكانت شركة الطيران الألمانية العملاقة قد أعلنت نهاية أبريل الماضي أنها تواجه خطر نفاد السيولة النقدية لديها خلال أسابيع إذا لم تحصل على مساعدات حكومية، في أقوى إشارة إلى الخطر الذي بلغه تفشي فايروس كورونا المستجد. وتوقعت حينها مزيد انخفاض مستوى السيولة النقدية لديها بشدة بسبب توقف رحلاتها ومدفوعات التزاماتها المالية وإعادة قيمة تذاكر الرحلات الملغاة إلى المسافرين. وأشارت إلى أنها لن تتمكن من الحصول على الأموال من الأسواق المالية، إلى أن أقرت الحكومة الألمانية أخيرا تقديم دعم مالي لمساعدة الشركة على تلافي أضرار الوباء الجسيمة والتوصل إلى اتفاق رسمي. 9 مليارات يورو قيمة دعم الحكومة الألمانية لشركة الطيران لتجاوز تداعيات الوباء وتأثرت لوفتهانزا أيضا بانهيار أسعار النفط بسبب خسائرها من عقود التحوط ضد ارتفاع أسعار الوقود واستبعدت أن تتمكن من تغطية الاحتياجات المالية القائمة بمزيد من عمليات الاقتراض. وواجهت الحكومة ولوفتهانزا إشكاليات قبل التوصل إلى اتفاق تتعلق بوجود خلاف داخل الائتلاف الحكومي حول نماذج التدخل في لوفتهانزا ثم انتهت بتقديم مساعدات حكومية للشركة المتعثرة جراء أزمة جائحة كورونا. وكانت لوفتهانزا قد أكدت في بيان إلزامي أرسلته إلى البورصة خلال الليلة الفاصلة بين الأربعاء والخميس الماضيين أن إدارتها تجري حاليا محادثات متقدمة حول صياغة ملموسة لحزمة الاستقرار. وكانت إدارة الشركة حذرت مرارا من التأثير المفرط للدولة على قرارات الشركة كما حذرت من الإفراط في الديون. واستأنفت لوفتنهانزا نشاط رحلاتها بعد أشهر من الإغلاق إلى كل من مايوركا وكريت ورودس وفارو والبندقية وإبيزا وملقة إضافة إلى انطلاق رحلاتها من فرانكفورت المركز الرئيسي للشركة. وسبق أن أكد وزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير أن مشاركة الدولة في مجموعة لوفتهانزا المتعثرة ستكون مؤقتة. وقال ألتماير لصحيفة زاربروكن تسايتونغ الألمانية إن “الدولة ستنسحب مجددا في أسرع وقت ممكن، حتى تتمكن لوفتهانزا من إدارة نفسها منفردة. وينطبق هذا أيضا على حالات مماثلة قد يتعين علينا اتخاذ قرارات بشأنها في المستقبل”. Thumbnail ودافع ألتماير عن مساعي الدولة للمشاركة في لوفتهانزا ضد الانتقادات، مضيفا أن لوفتهانزا شركة قوية وغنية منذ فترة طويلة، لكنها واجهت صعوبات كبرى بسبب جائحة كورونا، ودون خطأ من جانبها. وقال “لم أسمع بعد صوتا جادا يطالب بإفلاس لوفتهانزا وموظفيها”. وفي وقت سابق ذكرت مصادر أن الاتفاق يمكن أن يتضمن حصول الحكومة على أقل من 25 في المئة من أسهم شركة الطيران، ومقعدين في مجلس الإشراف، في حين لن تمتلك الحكومة حق النقض (الفيتو) على قرارات إدارة الشركة. وذكرت صحيفة هاندلسبلات الاقتصادية الجمعة الماضي أن محادثات بشأن إنقاذ حكومي للناقلة الألمانية الرئيسية لوفتهانزا توقفت بسبب خلاف بشأن كيفية التعامل مع طائرات تطلب شركة الطيران شراءها من إيرباص. ونقلت هاندلسبلات عن مصادر قولها إن الحكومة الألمانية تطلب من لوفتهانزا قبول جميع الطلبيات مع إيرباص، مما يجعل تعافي شركة الطيران أمرا مستحيلا عمليا. وقالت الصحيفة إن الناقلة التي تعاني متاعب سيتعين عليها سداد ما يزيد عن 5 مليار يورو في الأعوام الثلاثة إلى الأربعة المقبلة للطائرات. واضطرت شركات طيران عملاقة إلى تأجيل وإلغاء طلبيات شراء طائرات كانت مبرمجة بسبب كورونا وانعكاساتها على حركة السفر وانهيار الطلب العالمي حيث دفعت الأزمات المالية إلى مراجعة خطط تزويد الشركات بالطائرات الجديدة.
مشاركة :