لاحظت في الآونة الأخيرة أن هناك انتقادات وهجوم لاذع على العمل الخيري ولا أدري لمصلحة من هذا الهجوم المنظم والممنهج، فهو هجوم غير مبرر ولا يسنده دليل ولا برهان فالدعاوى إن لم تقم عليها بينات فأصحابها أدعياء. وفي رأيي أن هذا الهجوم ينطلق إما من منطلقات شخصية أو مصالح ذاتية، ولكن مثل هذا الهجوم لن يزيد العمل الخيري إلا شموخًا وعزة لما يقدمه من إسهامات وطنية ونفع متعدي لأفراد المجتمع فهو كعود زاده الأحراق طيبا؛ وسيظل العمل الخيري منارة للعمل الخيري المؤسسي المبني على قواعد الحوكمة والمهنية ونموذجًا يحتذى به، كما أنه يمثل الأمل الذي تنشده بعض الشرائح في تحسين أحوالها والعيش الكريم يقول تعالى: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) سورة الرعد. إن العمل الخيري السعودي يجد الرعاية والدعم والمساندة من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين -أيدها الله- ولهذا نجد كثيرًا من الجمعيات الخيرية يرأسها أمير منطقة الرياض أو أمراء المناطق لكونها تعبر عن عقيدة هذه الأمة وتجسد لروحها في التكافل الاجتماعي والتراحم والمواطنة ولا شك في أن الزكاة مطلوبة من كل مسلم ومن كل قادر عليها بأنصبة معروفة لكم جميعًا، لكن العمل الخيري أعتقد أن فيه راحة للنفس وشعورًا بالمواطنة والتراحم بين أفراد المجتمع، نحن في مجتمع عُرف والحمد لله بالتراحم والتواد والتواصل والمساعدة “كما أن رؤية ٢٠٣٠ وضعت القطاع الخيري ضمن أولوياتها في تحقيق التنمية المستدامة والرفاهية من حيث تحسين هذا القطاع وتطوير وتوسيع دائرته بحيث تسعى إلى زيادة عدد المتطوعين مع نهاية الرؤية من ١١ ألف متطوع إلى مليون متطوع بل وذهبت الرؤية إلى أبعد من ذلك وهو تعظيم دور هذا القطاع في الناتج المحلي بحيث تزيد مساهمته في الناتج المحلي من أقل من ١% إلى ٥% مما يعني أن الدولة تعد هذا القطاع مكملًا للدور الحكومي في المشاريع التنموية، كما أن الدولة من خلال وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قد وضعت لهذا القطاع الأنظمة واللوائح التي تنظم أعماله وفرضت عليه رقابة مشددة في قبض الأموال وصرفها مما يصعب معها التلاعب ووضعها في غير المجالات المخصصة لها بل فرضت عليها سياسة الحوكمة والشفافية بما فيها تطبيق سياسة تعارض المصالح بالنسبة للإدارة العليا والموظفين مما يصعب معها حدوث أي تجاوزت في معاملاتها ومنتجاتها، فإذا كانت الدولة قد أولت هذا القطاع أهمية بالغة وأدرجته ضمن مشاريعها التنموية فلماذا هذا الهجوم غير المبرر عليها، وما الهدف منه. وفي تصوري أن الهجوم على العمل الخيري هو مخالفة صريحة لتوجهات الدولة الداعمة له بل هو رسالة سلبية تضع العمل الخيري كله في دائرة الاتهام أمام المجتمع الدولي بعد أن اقتنع بالعمل الخيري، واعتبره شريكًا له في تقديم العون الإنساني وعده كذلك من أفضل الممارسات وهجومهم على العمل الخيري هذا يتعارض مع توجهات الدولة الداعمة له ولاسيما أنه يعمل وفق آلية منضبطة ورقابة محكمة عبر وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية؛ ولهذا على هؤلاء الإخوة أن يعيدوا النظر فيما ينسبوه من اتهامات لهذه الجمعيات حتى لا يوقعوا العمل الخيري في حرج كما عليهم أن يتحلوا بالروح الوطنية بالحفاظ على المكتسبات التي حققتها الجمعيات الخيرية والرؤية التطويرية والمستقبلية التي عبرت عنها رؤية ٢٠٣٠ وعليهم أيضًا أن يزوروا تلك الجمعيات الخيرية في مقراتها ليقفوا على حقيقتها بدلًا من رميها باتهامات تسيء للوطن والقائمين على أمرها وهم الذين نذروا أنفسهم للعمل الخيري يقول تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) سورة الأحزاب ٥٨، وفي الختام نسأل الله أن يجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر.
مشاركة :