وسط احترازات أمنية مشددة، ومروحيات تراقب مكان الجنازة، وبحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أجريت، أمس، مراسم الجنازة العسكرية لتشييع جثمان النائب العام المستشار هشام بركات من مسجد المشير طنطاوي في منطقة التجمع الخامس، شرق القاهرة، ونقل بعدها الجثمان إلى مثواه الأخير في مدافن أسرته، في منطقة المقطم في جنوب القاهرة. وعقب انتهاء مراسم الجنازة، قدم السيسي وأعضاء الحكومة واجب العزاء إلى أسرة النائب العام الراحل. وقدم السيسي العزاء إلى نجلة النائب العام المستشارة مروة بركات، ووعدها أن دماء والدها «لن تذهب هباء، وأن الجناة سيتم القبض عليهم ومحاسبتهم». وقال: «يد الإرهاب الغادر لن تستطيع النَّيل منّا، ولن تُسكت صوت الدولة، ولن تصمت مصر». وأضاف: «النائب العام رجل قانون من الدرجة الأولى، وتوفي في أيام مفترجة، وهنجيب حقه». وأعلن اعتزام الدولة تعديل القوانين من اجل تحقيق العدالة بأسرع وقت. وتابع أن «دم الشهيد هشام بركات في رقبه المصريين جميعا، وعلى رأسهم الجيش والشرطة والقضاء والإعلام»، مشيرا إلى أن «العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين، ولكننا سنعدل القوانين لنحقق العدالة بأسرع وقت». وقال إنه سيتم تنفيذ أحكام الإعدام طالما بالقانون، مضيفاً إن الدولة المصرية ملتزمة بتنفيذ القانون، وعندما يصدر حكم بالإعدام ضد أي أحد سيتم تنفيذه على الفور، مشيراً إلى أن هذه الأحكام تنفذ في إطار القانون. وأكد السيسي على أن «الشعب المصري ليس مهزوزاً ولا مرتبكاً ولا مرتعشا والنائب العام سقط لكي تعيش مصر»، مضيفًا: «نحن مستعدون أيضا أن نسقط لتبقى مصر». ونُقل جثمان النائب العام إلى مثواه الأخير، في موكب من 200 سيارة من أعضاء النيابة العامة ورجال القضاة والشخصيات العامة وسط حراسة من رجال الجيش والشرطة والقوات الخاصة. وقال وزير العدل المستشار أحمد الزند إن «الإرهاب قتل المستشار بركات والدور القادم عليه، وهو مرحّب جدّا، لأنها شهادة لا يعلوها أجر»، مضيفا، عقب انتهاء الجنازة، إن «كل أعضاء السلطة القضائية سيعملون في الإجازة القضائية من أجل روح الشهيد»، لافتا، إلى أن «مصر لن تهدأ ولن تسكت عن الجرائم الخسيسة التي ترتكبها الجماعة الإرهابية في حق الشعب المصري، ولن تهدأ روح المستشار هشام بركات إلا وقد اقتصينا له». في المقابل، كشفت مصادر أمنية، عن توقيف أدمن صفحة «المقاومة الشعبية» في الجيزة، التي أعلنت تبنيها اغتيال النائب العام. وذكرت أن «الأدمن ينتمي لجماعة الإخوان ويدعى محمود العدوي (23 عاما)، ويتم البحث عنه لتوقيفه». وكشف مساعد وزير الداخلية المصري لشؤون الإعلام اللواء أبوبكر عبدالكريم، أن السيارة المفخخة التي استهدفت موكب بركات، كانت تحمل نحو 400 كيلو غرام من المواد شديدة الانفجار. وأشار، إلى أن «السيارة التي كان يستقلها الشهيد مصفحة، لكن قدرة التحمل لا تتجاوز تفجير 200 كيلو غرام فقط». ونفى، أن يكون النائب العام طلب تغيير سيارته قبل استشهاده، لافتا إلى أن «هناك تغييرا لخطوط السير، فهناك 4 خطوط لسير الموكب، لكن في النهاية يصل الموكب إلى مخرج وحيد وهو المؤدي إلى مقر عمل الفقيد. وتابع: «هناك خدمات أمنية حتى 30 أو 40 مترا من المنزل»، لافتا، إلى أن «أجهزة المعلومات تصل إليها معلومات مهمة عن بعض العمليات ويتم إحباطها، وتنشط الأجهزة وتعمل وتصل إلى سبب الجريمة، ولا يوجد اختراق للأجهزة الأمنية في مصر». وقال مصدر أمني إن «السيارة المفخخة تبين من خلال فحص أوراقها، أنه مبلّغ بسرقتها، وجارٍ العمل على التوصل إلى مالك السيارة للتحقيق معه». وكشفت النيابة العامة عن استخدام خاصية «التفجير عن بُعد» في تفجير السيارة المفخخة التي استهدفت موكب المستشار بركات. وقال الناطق باسم الطب الشرعي هشام عبدالحميد، إن «الوفاة نتيجة تهتك في الرئة اليمنى والكبد وكسور في الأضلاع والطرف العلوي الأيمن للمستشار الراحل علاوة على وجود نزيف في التجويف البطني والصدري». وقال مدير مستشفى النزهة الدولي، الذي لفظ فيه بركات أنفاسه الأخيرة، إن «محاولات إنقاذ النائب العام استمرت لنحو 4 ساعات في غرفة العمليات»، مضيفا، أن «الشهيد وصل المستشفى وهو في كامل وعيه، ثم دخل في غيبوبة». وكشفت مصادر أمنية مصرية، عن «إحباط محاولات إرهابية لاستهداف عدد من مباني المحاكم في سيناء ومدن القناة واستهداف سيارات القضاة هناك، بالتزامن مع تنفيذ حادث اغتيال النائب العام في القاهرة». وأشارت لـ «الراي»، إلى أن «قوات الأمن داهمت ليل الأحد الماضي، أحد مخابئ الجماعات الإرهابية في مدينة العريش وأوقفت 17 عنصرا إرهابيا من تنظيم ولاية سيناء، أنصار بيت المقدس سابقا، وبينهم 3 عناصر غير مصريين، وعضوان سابقان في جماعة الإخوان، وبحوزتهم خرائط لعدد من مباني المحاكم وخطوط سير سيارات القضاة الموجدين في سيناء ومدن القناة». وأوضحت، أن «الإرهابيين كانوا في اجتماع خاص لترتيب تنفيذ العملية الإرهابية التي أطلقوا عليها اسم القصاص، وهي الخطة التي تعتمد على استهداف القضاة ومباني القضاء الموجودة في محيط سيناء ومدن القناة باستخدام السيارات المفخخة والعمليات الانتحارية والقنابل اليدوية». ونشرت مروة بركات، نجلة المستشار الراحل، عبر حسابها على موقع «فيسبوك»، رسالة وجهتها للسيسي، قائلة: «مش عايزة الجنازة العسكرية. أنا عايزة حضنه يا سيادة الرئيس، إنت عارف أنا نايمة في نفس مكانه بنفس غطاه بس برضه مش مرتاحة لأن حضنه مش موجود». وأضافت: «يا سيادة الرئيس ممكن تحس بي، هي مصر تستاهل بس أنا كمان أستاهل لأن مصر ليها كتير بس أنا مكنش ليا غيره هو وبس، يا سيادة الرئيس هاتلي حق البطل، هات حق اللي سابني أنا علشان مصر، هات حق الشهيد البطل، هات حق بنت البطل اللي اتحرمت من البطل». في سياق آخر، قال مصدر قضائي إن قانون السلطة القضائية نص «في حال تغيب النائب العام، يحل محله أقدم نائب عام مساعد أو من يقوم مقامه»، وعليه سيقوم المستشار علي عمران بأعمال النائب العام باعتباره أقدم المساعدين للمستشار الراحل. متهم فيها نشطاء وسياسيون وإعلاميون القضية «250 أمن دولة عليا» ... هل هي سبب رئيسي في الاغتيال؟ في حادث اغتيال النائب العام المصري هشام بركات، وبين الاتهامات والتحقيقات والإدانات، كان من اللافت، طرح القضية 250 أمن دولة عليا، كسبب رئيس لهذه الجريمة التي استهدفت «محامي الشعب». واتهمت حركة «الدفاع عن الأزهر والكنيسة» صراحة أجهزة مخابرات دولية، لم تسمها، بالتورط في حادث الاغتيال «بهدف إغلاق القضية المعروفة إعلاميا بالقضية 250 أمن دولة عليا التي تكشف دور جماعة الإخوان وبعض الدول المعادية في استهداف البلاد إبّان ثورة 25 يناير 2011». وذكرت مصادر قضائية، ان النائب العام الراحل «كان حظر، قبيل اغتياله بساعات قليلة، النشر في القضية 250 أمن دولة عليا». وكشفت لـ «الراي»، أن «القضية تتعلق بتلقي عدد من الشخصيات المصرية والمنظمات تمويلات أجنبية أثناء وبعد ثورة يناير»، لافتة إلى أن «القضية بدأت أواخر مارس العام 2011 بعد اقتحام مقار أمن الدولة في 6 محافظات، وتضم 12 ألف ورقة و3 آلاف مكالمة هاتفية و4 آلاف فيديو، وشملت شهادات قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة السابق والحالي، وقيادات جهازيّ المخابرات السابقين والحالي وضباط الأمن القومي وقيادات أمن الدولة، وتضم قوائم الاتهام سياسيين وإعلاميين ونشطاء».
مشاركة :