متابعة: ضمياء فالح يقولون إن الحقيقة «مرة» لكن القلوب الصادقة والعقول المتفتحة تعشق الحقيقة وتميل إليها كما تميل أزهار عباد الشمس نحو الشمس، لأن الشمس تبقى شمساً حتى لو غطاها كائن من كان بغربال. نتحدث اليوم عن الفارق الشاسع بين واقع حقيقي ملموس وأكاذيب وخيالات عبر الفضاء الإلكتروني طالت نادي مانشستر سيتي ومالكيه ونحاول كشف الألاعيب والخدع والحبائل التي تحاك باسم الرياضة وتحت عنوان «الروح الرياضية»، التي لم تنطل حتى على مجموعة فيسبوك لذا أقدمت مؤخراً على شطب حسابات وهمية دفعت قطر أموالاً لإنشائها في الهند مستغلة فقر وحاجة الشباب المهاريين في السوشيال ميديا للعمل وكسب لقمة العيش، كما فعلت مع عمال ملاعب مونديالها الذي اشترته بالرشى.اتهمت هذه الحسابات مالكي سيتي بأنهم يستغلون الرياضة كواجهة لأجندة سياسية، وهذه التهمة أحرى بشبكة قطر الرياضية، فمجموعة أبوظبي للاستثمار المالكة لمانشستر سيتي لم تشتر نادي عاصمة كما فعلت قطر بشرائها نادي باريس سان جيرمان مقابل وعد من الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي بشراء صوت بلاتيني وترجيح كفتها للفوز بحقوق تنظيم مونديال 2022 باعتراف بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا ) السابق: «اتفقت مع بلاتيني ولم يكن ملف قطر مطروحاً للفوز، صدمت عندما علمت بأنه صوت لقطر وعندما سألته قال لي إنه تعرض لضغوط في حفل عشاء بقصر الإليزيه من قبل ساركوزي وكان في الحفل أحد شيوخ قطر». وتواصل لعب قطر على الوتر السياسي مع استضافة ساركوزي في المنصة الرئيسية لملعب حديقة الأمراء معقل سان جيرمان، ناهيك عن شراء أسهم وماركات شركات فرنسية شديدة الصلة بالطبقة السياسية الفرنسية. توجهت قطر صوب فرنسا بعد أن كشف الإسبان ألاعيبها عبر رعاية قميص برشلونة لذا بدل النادي الكاتالوني قميصه من «قطر للطيران» إلى «راكوتن» بضغط من أعضاء مجلس إدارة برشلونة عقب احتجاجات مشجعين اتهموا قطر برعاية الإرهاب.توافق هوى مجموعة قطر للاستثمارات الرياضية مع هوى القائمين على النادي الفرنسي قبل شرائه، فالنادي أصلاً عبارة عن دمج فريق باريس الغني الذي تأسس في 1969 وفريق سان جيرمانو الذي تأسس 1904 كي يكون للعاصمة ناد واحد لا منافس له فيها ويكون الغريم بعيداً في الجنوب (مرسيليا ). عمقت قطر بعد شرائها النادي مشاعر المنافسة الشديدة مع مرسيليا لأسباب رياضية على حد قولها ودفعت للصحفيين كي يطلقوا على المباراة بينهما «كلاسيكو» على غرار كلاسيكو الريال وبرشلونة، لكن الفرنسيين يفضلون مصطلح «كلاسيك» الأقرب للغتهم وصدم المالكون عندما أدركوا أن الطبقة العاملة والفقيرة في ضواحي باريس وأغلبهم من المهاجرين من إفريقيا يعشقون مرسيليا، حيث لعب نجمهم الإيفواري ديدييه دروجبا قبل انتقاله لتشيلسي ويشجعون مرسيليا ضده. وقبل أن تنفض قطر أيديها من برشلونة استمالت نجم الفريق البرازيلي نيمار ولعبت على وتر «أنت هنا في فريق ميسي، تعال معنا ليكون لديك فريق نيمار». صدمت صفقة نيمار العالم الكروي ليس لأنه انتقل من العملاق برشلونة لنادي سان جيرمان بل لأن الصفقة ضخمة جداً(222 مليون يورو) قفزت بأسعار نجوم الكرة إلى الفضاء وسببت تضخماً غير مسبوق لكن «كورونا» على علاتها، أعادت الأسعار للواقع.نجح باريس سان جيرمان في حصد الألقاب المحلية بجمع نجوم عالميين مثل نيمار ودي ماريا وكافاني مقارنة بمنافسيه مرسيليا وليون أصحاب الميزانية المحدودة لكنه مع ذلك لم ينجح في كسب قلوب الطبقة المتوسطة والفقيرة في فرنسا. بقي سان جيرمان نادي الطبقة السياسية والأرستقراطية حتى أن نجوماً مثل كريم بنزيمة نجم ريال مدريد وأنطوان جريزمان نجم برشلونة أعلنا صراحة عدم رغبتهما في اللعب فيه مستقبلاً، لماذا ؟ لأنه خليط غريب من الرياضة والسياسة. لقب أوروبا بأي ثمن-------------------استطاع سان جيرمان حصد الألقاب المحلية عاماً بعد آخر وازدادت مشاعر الكره للنادي لذا وجه أنظاره إلى الخارج لحصد لقب أوروبا فهذا اللقب هو الوحيد الذي سيجعله على الخريطة العالمية ويعوضه عن كره المحليين، ونجح الفريق في فك نحسه هذا الموسم وبلغ ربع نهائي دوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ 4 سنوات، لكن جاء وباء «كورونا» وعطل مسيرته نحو اللقب وعندما توج بطلاً للموسم المحلي بعد إنهائه مبكراً قدم للاعبيه حافظة هاتف من الذهب الخالص تحمل اسم اللاعب كما فعل ليفربول الإنجليزي بعد تتويجه بلقب أوروبا الموسم الماضي رغم أن لقب فرنسا ليس مثل لقب أوروبا، ولتسهيل المهمة الأوروبية، ضغط مالكو سان جيرمان على البرلمان الفرنسي لإنهاء الموسم مبكراً وسط اعتراضات من ليون السابع الذي حرمه إنهاء الموسم من المنافسة على مقعد في مسابقتي أوروبا لأول مرة منذ 1997، وتقدم رئيس ليون ميشيل أولاس برسالة للبرلمان نقلت صحيفة «لو بروغريه» مقتطفات على موقعها الرسمي في الإنترنت قال فيها إنه «حصل على تأكيدات من الاتحاد الأوروبي للعبة كون تاريخ 3 آب/أغسطس لإنهاء البطولات كان مجرد توصية فقط ولم يكن تاريخاً رسمياً ولا موعداً نهائياً وإن ألكسندر تشيفيرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) اعتبر أن قرار فرنسا بعدم السماح باستئناف المسابقة كان سابقاً لأوانه ولكن لا حياة لمن تنادي إذ سارع رئيس الاتحاد الفرنسي للعبة نويل لو غرايت لانتقاده في مقابلة مع برنامج"كانال فوتبول كلوب" وقال:«أولاس يدافع عن مصلحة ناديه بقوة كبيرة في بعض الأحيان، وقد ذهب في الآونة الأخيرة إلى حد بعيد» وهذا الحد البعيد طبعاً الخطوط الحمر التي رسمها مالكو سان جيرمان، ولم يبق أمام ليون إلا الطريق الصعب إما التتويج بلقب مسابقة كأس الرابطة على حساب باريس سان جرمان في المباراة النهائية (سيحدد موعدها لاحقاً) أو التتويج بلقب أوروبا هذا الموسم حيث يخوض الممثل الثاني لفرنسا في المسابقة إياب ثمن النهائي ضد مضيفه يوفنتوس الإيطالي (1-صفر ذهاباً في ليون)». نجاح مانشستر سيتي------------------ في المقابل، كسب مالكو مانشستر سيتي قلوب الناس في مدينة مانشستر الإنجليزية إذ أسهمت مجموعة أبوظبي للاستثمار في خلق وظائف للشباب في مجمع سيتي الضخم وانتشلت الكثير من العاطلين عن العمل من شبح البطالة وإدمان المخدرات كما فضل مالكه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، مشاهدة مباريات الفريق من بعيد باستثناء بسيط على خلاف شيخ قطر تميم الذي يحرص على التواجد بالمدرجات بجانب كبار الساسة الفرنسيين السابقين والحاليين، وعندما توقف الموسم بسبب «كورونا» وضع مانشستر سيتي ملعبه في خدمة القطاع الصحي لتسهيل إجراء ألف فحص يومي وتدريب 350 ممرضة ناهيك عن تقديم المساعدات للمجتمع، وتعهد النادي رغم خسائر توقف اللعب بدفع أجور موظفيه كاملة وعدم الاستعانة بأموال دافعي الضرائب على عكس أندية توتنهام وليفربول قبل تراجعهما عن القرار، وأعاد النادي لحملة تذاكره الموسمية ما تبقى من مبارياته على ملعبه (6 مباريات بدون جمهور)، لم يتمكن مالكو سان جيرمان من تغيير حقائق الواقع في المدينة لذا لجأ لضرب النادي من الخارج عبر بوابة أوروبا إذ نسق حملة منظمة ضد سيتي انتهت بفتح تحقيق حول صفقات شراء لاعبين ثم دفع لأحد أعضاء لجنة التحقيق في يويفا لتسريب الأخبار والنيل من سمعة سيتي في خرق واضح لقانون السرية في مثل هذه الحالات. صفقة نيوكاسل--------------وأذهب اهتمام الصندوق السيادي السعودي للاستثمار بشراء نادي نيوكاسل ودخوله في مفاوضات جدية عقل قطر وجندت كل ما تستطيع لعرقلة صفقة البيع التي يحلم بها المشجعون تارة باتهام السعودية في استخدام الرياضة للترويج لأجندتها السياسية، كما فعلت مع سيتي، وتارة بالتلويح بحرمان الإنجليز من صفقة البث المليارية عبر شبكة «بي إن سبورت» في حال تمت صفقة نيوكاسل. وذهبت قطر لأبعد من ذلك إذ دفعت خطيبة خاشقجي التركية الجنسية للنيل من الشيخ محمد بن سلمان ولي العهد ليرد عليها مشجعو نيوكاسل:«هذه ليست قضيتنا»، نعم لأن الرياضة ليست سياسة بالنسبة للمشجعين لكنها كذلك بالنسبة لمالكي سان جيرمان. وقال الحارس الإيرلندي شاي جيفين الذي ساهم في ثورة مانشستر سيتي قبل 11 عاماً بعد انتقاله من نيوكاسل في تصريح للصن:«آمل جداً أن تتم صفقة نيوكاسل، سيكون ذلك رائعاً للدوري الإنجليزي مالياً وسيعيد نيوكاسل للمنافسة على اللقب. سيستغرق هذا بضع سنوات للبناء لكنه ممكن مع لاعبين مناسبين ورؤية صحيحة من قبل المسؤولين الجدد عن النادي». وتابع جيفين الذي لعب 354 مباراة بقميص نيوكاسل:«سيكون طريق نيوكاسل أصعب من سيتي مع لوائح اللعب المالي النظيف الجديدة، أعتقد أن اللوائح أصبحت أكثر صرامة منذ شراء مانشستر سيتي»في إشارة واضحة لتأثير خارجي على الاتحاد الدولي والأوروبي للعبة. ومع جهود إنقاذ صفقة نيوكاسل، انتقل اهتمام الصندوق السعودي لعقر دار مجموعة قطر للاستثمارات الرياضية وكشفت الصحف عن وجود اهتمام بشراء مرسيليا أو ليون غريمي سان جيرمان لينقلب مستقبلاً السحر على الساحر.
مشاركة :