تركت القوى الكبرى وايران المشاركة في فيينا في مفاوضات عسيرة بالغة التعقيد، الثلاثاء الباب مفتوحا حتى السابع من تموز/يوليو للتوصل الى اتفاق تاريخي حول الملف النووي الايراني، لكن الرئيس الاميركي باراك اوباما حذر انه لن يوقع "اتفاقا سيئا". وقال اوباما في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء "آمل بان يتوصل (المفاوضون) الى اتفاق لكن تعليماتي واضحة للغاية (...) قلت منذ البداية انني ساغادر طاولة المفاوضات اذا كان الامر يتعلق باتفاق سيء"، مشددا الضغوط على المحادثات التي ما زالت تتعثر حول نقاط اساسية. وهذا الاتفاق التاريخي الذي لم يتم التوصل اليه حتى الان بالرغم من انه "في متناول اليد" برأي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، هو موضع مفاوضات وتحركات دبلوماسية ماراتونية منذ اكثر من عشرين شهرا. والمحادثات غير المسبوقة بين طهران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، الصين، فرنسا، بريطانيا، روسيا والمانيا) توصلت في تشرين الثاني/نوفمبر 2013 الى اتفاق مرحلي جدد مرتين ويستخدم اطارا للمحادثات الحالية. وبتوافق مشترك قررت ايران والقوى العظمى تمديد المفاوضات حتى السابع من تموز/يوليو. واعلنت متحدثة اميركية في فيينا "ان دول 5+1 وايران قررت تمديد التدابير المتخذة في اطار خطة العمل المشتركة حتى 7 تموز/يوليو، بغية اتاحة مزيد من الوقت امام المفاوضات للتوصل الى حل طويل الامد في الملف النووي الايراني"، والاتفاق المرحلي المعروف ب"خطة العمل المشتركة" والذي جدد مرتين، يسمح بتعليق جزئي للعقوبات الدولية المفروضة على ايران مقابل تجميد جزء من برنامجها النووي، ينتهي العمل بها في 30 حزيران/يونيو مساء. وقالت المتحدثة الاميركية ماري هارف ان التمديد الجديد "لا يعني بالضرورة ان المفاوضات ستتواصل حتى السابع من تموز/يوليو او انها ستنتهي في هذا التاريخ". وقبيل ذلك اعلن الاتحاد الاوروبي ايضا انه يمدد لاسبوع تجميد بعض العقوبات التي يفرضها على طهران بغية "اتاحة المزيد من الوقت للمفاوضات" الجارية. وتريد الاسرة الدولية التأكد من ان البرنامج النووي الايراني يقتصر على الجانب المدني، وان طهران لا تسعى الى اقتناء القنبلة الذرية، في مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها. لكن بعد اكثر من عشرين شهرا من المحادثات بين طهران ودول مجموعة خمسة زائد واحد (الولايات المتحدة، بريطانيا، روسيا، الصين، فرنسا والمانيا) ما زالت نقاط اساسية موضع خلاف بين المفاوضين. وقال الرئيس الايراني حسن روحاني بحسب وكالة الانباء الطلابية ايسنا، "ان جزءا كبيرا من النقاط قد تمت تسويته، لكن ما زال هناك جزء (بدون حل). يمكن تسوية البعض خلال الايام المقبلة ان لم يكن هناك مطالب مبالغ فيها وان بقينا في اطار" الاتفاقات المرحلية المبرمة سابقا. وقد استؤنفت المحادثات ثنائيا وجماعيا بشكل متقاطع وفق وتيرة باتت اعتيادية. فوزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف عاد الثلاثاء الى فيينا بعد مشاورات استمرت اربعا وعشرين ساعة في طهران، وتحادث مطولا مع نظيره الاميركي جون كيري. والتقى ايضا يوكيا امانو مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية المدعوة للعب دور اساسي للتحقق من تطبيق الاتفاق المنشود. كما التقى ظريف نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير ومن المفترض ان يجتمع مع سيرغي لافروف الذي وصل الثلاثاء الى العاصمة النمسوية. وكان ظريف صرح قبل الظهر لدى وصوله الى مطار فيينا "ان المفاوضات بلغت نقطة حساسة. والاتفاق الوحيد الذي ستوافق عليه الامة الايرانية هو اتفاق منصف ومتوازن يحترم العظمة الوطنية وحقوق الشعب الايراني". واقر مصدر ايراني الثلاثاء ب"ان المحادثات تتقدم ببطء". ويشكل تفتيش المواقع الايرانية التي يتم الاشتباه بها من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحدة من النقاط الاساسية في المفاوضات. فالوكالة تستطيع حتى الان الوصول الى المواقع النووية الايرانية المعلنة، لكنها تريد الحصول على امكانية توسيع دائرة عمليات التفتيش لتشمل مواقع عسكرية. وقد ابدى المرشد الاعلى الذي تعود له الكلمة الفصل بشأن الملف النووي معارضته مرارا لهذا الطلب. الى ذلك ما زالت مسائل اساسية اخرى تنتظر تسويتها، مثل مدة الاتفاق. وتريد المجموعة الدولية ان تحد البرنامج النووي الايراني لعشر سنوات على الاقل، لكن خامنئي رفض الاسبوع الماضي الحد من القدرات الايرانية فترة طويلة. كذلك يشكل رفع العقوبات ايضا عقدة بالغة الاهمية، لأن ايران تأمل في تدابير فورية، اما مجموعة 5+1 فتريد رفعا تدريجيا ومشروطا لهذه العقوبات. والتوصل الى اتفاق نهائي سيكون له انعكاسات دولية هامة اذ سيفتح الطريق امام تقارب قد بدأ فعلا بين الولايات المتحدة وايران، كما سيسجل عودة إيران الى الساحتين الاقليمية والدولية، وذلك على الرغم من استياء اسرائيل والانظمة السنية في المنطقة. وجدد نتانياهو الثلاثاء معارضته التوصل الى اتفاق نووي مع ايران مؤكدا ان الخيار العسكري بالنسبة الى اسرائيل "يبقى قائما". وقال "نعتقد انه سيكون خطأ جسيما السماح لهذا النظام الارهابي بالحصول على اسلحة نووية، هذا ما سيؤمنه الاتفاق المطروح لهم". وفي طهران تجمع عدد محدود من المتظاهرين الثلاثاء واطلقوا شعارات تطالب بالتوصل الى "اتفاق نووي جيد" مع الدول الكبرى، وكشفوا عريضة قالوا انها تحمل ملايين التواقيع التي تدعو الى ذلك.
مشاركة :