تعددت المظاهر المُعبّرة عن الحضارة المصرية في أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعي والطبيعي، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وازدهار.«البوابة» تصحبكم في جولة لتاريخ مصر القديم، حينما كانت أغلب دول العالم تنام في العراء، وتقتات من الترحال في دروب الصحاري، وتلتحف السماء غطاء لها، وكانت مصر قوة ضاربة على كافة المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله الواحد وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة في الطبيعة أو في الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله»، لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم سنتحدث عن الإلهة «تفنوت» والإله «شو»."تفنوت» هى أحد الآلهة المصرية القديمة، وتمثل الإلهة «تفنوت» عنصر المياه والرطوبة، وترتبط بأشعة الشمس والقمر، وكانت هى وأخيها وزوجها «شو» أولى المخلوقات التى خلفها «أتوم» من ذاته وحيدًا، وهما يمثلان عينا «حورس» رمز الشمس والقمر.كانت الإلهة «تفنوت» تُصور كمزيج ما بين جزء من الجسد إنسانى والجزء الأخر حيواني، لأن في الديانة القديمة بعض الحيوانات كانت تُعتبر مقدسة للاعتقاد بأن روح الله تسكن هذه الحيوانات مثل اللبؤة أو الأسد، والتى تمنح الإله التبجيل ليعبد كما أن جسده يمنحة الحياة الابدية، فكانت «تفنوت» جسد امرأة شابة، ورأس لبؤة أو الأسد، وتوحدت مع أخيها وزوجها «شو» لتكون التوأم الأسد.عُرفت أسطورة قديمة حول الإلهة «تفنوت» تقول أنها خُلقت بواسطة «أتون» إله الشمس، أو «رع» الذى كون عنصر الرطوبة الممثلة في «تفنوت» وعنصر الهواء الممثل في أخيها وزوجها «شو» وقد طور الكهنة المصريون الأوائل أسطورة بدء الخلق أو نشأة الكون وذلك لتفسير وشرح كيفية خروج بعض الآلهة لحيز الوجود ممثلين لجميع العناصر المادية والمعنوية التى تشمل الصفات الحسنة والصفات السيئة المحيطة بالبشر، فالكهنة الأوائل طوروا شجرة العائلة والأقارب الخاصة بالآلهة الرئيسية.عُرف أن الاتحاد ما بين «شو» إله الهواء، وأخته وزوجته «تفنوت» إلهة الماء أثمر عن ذريتهم «إله الأرض، وآلهة السماء"، والأربعة يتألف منهم العناصر الرئيسية في الحياة وهى «الأرض، والهواء، والسماء، والماء، فقد أعتقد المصريون القدماء أن الأرض بدون ماء يمكن أن تجف وتحرقها حرارة الشمس.كان مركز عبادة ومعبد الإلهين «تفنوت»، و«شو»، في مدينة «ليونتوبوليس» بدلتا مصر، وكان من الممكن للفرعون والكهنة قبل دخول المعبد بإلقاء حجر في بركة عميقة قبل دخولهم الحرم الداخلى للمعبد لبدء طقوس العبادة، كنوع من التطهير لهم ويسمح للمصريين العاديين أن يأتى لأبواب أو مقدمة ساحة المعبد للتبرك وتقديم الهدايا.يتألف الهيكل داخل المعبد من بوابات ثقيلة تؤدى لقاعة ضخمة على جوانبها أعمدة حجرية كبيرة، وبعد ذلك سلسلة من الغرف وهذه الغرف أو الدوائر يتم إشعال الشموع والبخور فيها لتنقية هواء المعبد، أما الإضاءة في المعبد والغرف منخفضة إلى حد كبير لخلق جو عميق من الغموض ويوجد بالمعبد ضريح بداخله حجر يضم تمثالا كبيرا لآلهة المطر، ويوجد تمثال كبير في الحرم الداخلى للمعبد، ولهذا التمثال المقدس كاهن خاص يقوم بإجراء مراسم الصلوات والطلاسم، كما يوجد كاهن آخر مسئولا عن نظافة التمثال وتأهيله وغسله، ثم يرتدى التمثال البوص ويوضع له مكياج العين ومسحوق على الشفتين وطبقات من الزيت المقدس يفرك على جبين التمثال، ويحتفل المصريون العاديون به في المهرجانات والأعياد بمواكب ذات طقوس كرنفالية.
مشاركة :