آلهة مصر القديمة|| «آمون» رب الشمس المحتجب متجدد الخلق

  • 4/24/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعددت المظاهر المعبرة عن الحضارة المصرية في أوج مجدها، وكان على رأس هذه المظاهر الآلهة المصرية القديمة التى عبرت عن وجودها الاجتماعي والطبيعى، والتى كانت من ضمن جوانب هذه الحياة بكل ما بها من زخم وتناغم وازدهار. وقد تخطى عدد المعبودات في الحضارة المصرية القديمة الألف معبود التى كانت تمثل جوانب الحياة المختلفة، كالنمو، والشمس، والخصوبة، والفنون، والحياة والموت، وغيرها، إضافة إلى أن العديد من النصوص المصرية القديمة ذكرت أسماء بعض الآلهة دون الإشارة إلى طابعها أو دورها. «البوابة نيوز» تصطحبكم خلال أيام الشهر الفضيلة في جولة لتاريخ مصر القديم، فحينما كانت أغلب دول العالم تنام في العراء، وتقتات من الترحال في دروب الصحارى، وتلتحف السماء غطاء لها، كانت مصر قوة ضاربة على كل المستويات، فمصر أول بلدان الأرض التى عرفت الإله ووحدته وعبدته، بل وجعلت لكل قوة كامنة في الطبيعة أو في الحياة المصرية «رمز» يعبّر عنها، أُطلق عليه لقب «إله»، لم يكن هذا الإله يعبد لدى المصريين، ولكنهم كانوا يجلونه ويقدسونه، لاعتقادهم أن روحه تحوى القوة الخارقة المسيطرة على هذا الجانب من جوانب الحياة، وفى حلقة اليوم سنتحدث عن الإله «آمون».«الإله آمون» هو المعبود الرسمى للمملكة المصرية القديمة في معظم الفترات التاريخية، وهو سيد الآلهة المصرية القديمة وخالق الأرض والسماء في التاريخ المصرى القديم، وكانت كلمة آمون في اللغة المصرية القديمة تعنى «الخفى، المحتجب، الباطن، السر، الغيب»، وجميعها ترجمات لكلمة «آمون»، ويُقال أن كلمة «آمين»، التى تُقال في ختام الأدعية ما هى إلا تحريف لكلمة «آمون» التى تغيرت من تغير نطق الكلمات لدى المصريين، الذين تميزوا بوجود بعض الحروف الساكنة التى لا تنطق في أغلب لهجاتهم، فتحولت كلمة «آمون»، إلى «آمين». آمون هو رب الشمس، ورمز إليه بالشمس بين قرنين الكبش الذى أخذ صفات المعبود «رع»، وهو رب الخصوبة وأخذ صفات المعبود «مين»، وهو رب الريح أيضًا حيث أخذ صفات المعبود «شو»، ورب الحروب كذلك متخذًا بذلك هيئة المعبود «منتو» معبود مدينة أرمنت، والذى أخذ منه «آمون» كل صفاته الحربية، وأمه المعبودة «نوت» ربة السماء، فهو الشمس التى تُلقّح أمه كل يوم ليولد من جديد متخذًا بذلك صفة المعبود «جب» معبود الأرض والمعبود «مين»، كما أطلق عليه لقب «جسد رع المتوفي».ورد اسم «آمون» لأول مرة في عصر الدولة الوسطى على لوحين من الأسرة الحادية عشرة، عُثر على أحدهما في مقبرة الملك «إنتف عا» بمنطقة «القرنة»، حيث وردت به عبارة «pr-Imn»، أى «بيت»، أو معبد «آمون»، أما اللوح الثانى فقد سجلت عليه أنشودة موجهة إلى كل من الربة «حتحور» والرب «آمون»، واللوح خاص بالملك «إنتف واح عنخ» «إنتف الثاني»، وعثر عليه بجبانة «دراع أبوالنجا»، ومحفوظ الآن بمتحف «متروبوليتان» في نيويورك. ووجد نقش آخر مدون في منطقة «وادى الحمامات» من عهد الملك «منتوحتب الرابع، نب تاوى رع»، ورد فيه اسم الوزير «أمنمحات «Imn-m-Hat»، والذى انتسب فيه صاحبه إلى المعبود «آمون»؛ إذ يعنى اسمه «آمون في المقدمة»، وهو الاسم الذى حمله بعض ملوك الأسرة الثانية عشرة بعد ذلك، وقد شغل «آمون» مكانة المعبود الرسمى في مصر، وذلك عندما تمكن الملك «سحتب إيب رع» «أمنمحات الأول» من تأسيس الأسرة الثانية عشرة، فجعل منه المعبود الأول والرسمى للدولة.كانت عبادة آمون والديانة المرتبطة بها من أعقد ثيولوجيات مصر القديمة، ففى أسمى صوره كان «أمن-رع» إلها خفيا مثلما يعنى اسمه، ولكن لاهوتيا فلم يكن الإله وحده خفيا، بل إن اسمه خفى أيضا وأن شكله لا يمكن إدراكه، كما أن الغموض المحيط بآمون سببه هو كماله المطلق، بحيث ظل منفصلا عن الكون المخلوق، مرتبطا بالهواء مما سهل له الترقى كإله أعلى، خالقًا لنفسه، وبتوحده مع رَع، الشمس، تجلى آمون للخلق، ولهذا جمع «أمن-رع» في نفسه النقيضين الإلهيين، فهو بصفته آمون كان خفيا وغامضا ومنفصلا عن العالم، وبصفته «رع» كان جليا وظاهرا ومانحا للحياة اليومية، كما مثل ارتباطه بماعت المفهوم المصرى للعدل والتوازن في الكون.

مشاركة :