في خطوة يراها المراقبون السياسيون في العراق تحدياً من قبل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للفصائل المسلحة التي تحمل السلاح خارج إطار الدولة، وتمهيداً للحوار الاستراتيجي المحتمل انطلاقه في 1 يونيو (حزيران) المقبل بين بغداد وواشنطن، أعلن الكاظمي لدى زيارته، أمس (الخميس)، قيادة العمليات المشتركة أنه «لا يمكن لأي جهة أن تكون خارج إطار الدولة».وقال مكتب الكاظمي في بيان له إن «رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، زار مقرّ قيادة العمليات المشتركة، واطلع على آخر مستجدات العمليات الجارية، وفعاليات التطهير المستمرة ضد عناصر تنظيم (داعش)».وأشار الكاظمي خلال لقائه عدداً من المسؤولين العسكريين والأمنيين، إلى أن «تطوير المؤسسات الأمنية وإصلاحها من أولويات المنهج الوزاري الذي ينصّ على تعزيز أداء الأجهزة الأمنية المختلفة وتحقيق التكامل المطلوب بينها، والعمل بمبدأ أنَّ كلَّ القوات العسكرية والأمنية في خدمة الشعب وتطلعاته ووحدته وأمنه وحماية مقدراته، وأن لا جهة أو قوة من حقِّها أن تكون خارج إطار الدولة»، مؤكداً «استمرار العمليات العسكرية وتأمين الحدود».وشدد الكاظمي طبقاً للبيان، على «أهمية التنسيق بين قواتنا الأمنية بمختلف صنوفها؛ الأمر الذي سينعكس إيجاباً على العمليات العسكرية والأمنية ومطاردة خلايا الإرهاب». وفيما لم يعرف كيفية تطبيق عملية حصر السلاح بيد الدولة في ظل تفشي مختلف أنواع الأسلحة لدى العشائر والأفراد والفصائل المسلحة، فإن الكاظمي وضع هذا الهدف ضمن البرنامج الحكومي لوزارته من دون أن يحدد سقفاً زمنياً لذلك، مثلما لم يحدد سقفاً زمنياً لإجراء الانتخابات المبكرة التي تطالب بها جميع القوى السياسية والحزبية والمظاهرات الجماهيرية التي اندلعت منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2019.في غضون ذلك، فإن من المتوقع أن تجري كل من الولايات المتحدة الأميركية والعراق حواراً استراتيجياً بشأن كيفية تنظيم الوجود العسكري الأميركي في العراق، فضلاً عن إعادة تقييم الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين منذ 2008. ويثير الوجود العسكري الأميركي جدلاً واسع النطاق في العراق. ففي الوقت الذي يطالب فيه الكرد والسنة ببقاء القواعد الأميركية في العراق بوصفها ضمانة للتوازن، فإن غالبية القوى الشيعية وكل الفصائل المسلحة ترفض بقاء الأميركيين في العراق.إلى ذلك، أكد وزير الدفاع الأميركي الأسبق تشاك هاغل، أنه لا ينبغي للعراق أو غيره أن يتطلع إلى الولايات المتحدة بعد نحو 20 سنة لمواصلة مهامها القتالية، مشيراً إلى أن «على العراق ألا يعتمد علينا عسكرياً». وقال تشاغل في تصريحات صحافية أمس (الخميس): «على الحكومة العراقية أن تكون واضحة جداً فيما تريده منا وما الذي يمكننا القيام به، ويجب أن أعترف بأن حلفاءنا وشركاءنا حساسون جداً في هذا النوع من المواقف، لكنني لا أعتقد أن دورنا ينحصر فقط في محاربة (داعش)». وأضاف: «بإمكاننا الاستمرار في تقديم التدريب والدعم والمعدات العسكرية والمعلومات الاستخبارية، ويجب أن يكون لنا دور في العراق بصفتنا حلفاء، لأن لدينا قوات وحلفاء آخرين من جميع أنحاء العالم في البلاد».وكان أستاذ الأمن الوطني الدكتور حسين علاوي أبلغ «الشرق الأوسط» بشأن الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، بأن «كلا البلدين مستعد للحوار بصورة مفتوحة من دون تحفظات أو خطوط حمر؛ حيث إنه آن الأوان لأن يضع العراق خياراته الصحيحة من دون الضغط الإيراني أو الاستثمار المحلي للفصائل المسلحة». وأضاف علاوي أن «موقف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يمثل اليوم قوى الاعتدال الوطنية، والجهاز الحكومي، والمجتمع، لجهة الحوار مع الأميركيين». وأوضح علاوي أن «مصير القوات الأميركية سيبقى في ضوء العمل الاستشاري والتنسيقي والتدريب وتبادل المعلومات، والصيانة للمعدات الأميركية في صفوف القوات المسلحة، من خلال الشركات الأميركية، وقد جرى تحديد ذلك في ضوء خطة إعادة التموضع الاستراتيجي في القواعد العسكرية العراقية، في قاعدة (عين الأسد) وقاعدة (حرير)، وفي حال طلبت الحكومة العراقية أبعد من ذلك، فالاستجابة الأميركية ستكون من خلال التحالف الدولي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)». ولفت علاوي إلى أن «الحوار لا بد من أن يُنقل من حوار سياسي – أمني، إلى حوار اقتصادي - استثماري، وهنا سيكون اختباراً لقدرة الكاظمي وفريقه الحكومي ونيات القوى السياسية العراقية الحاكمة في العملية السياسية»، موضحاً أن «الغرف الخلفية للمفاوضات الإيرانية - الأميركية كفيلة بتفكيك عقدة الصراع الأميركي - الإيراني، غير أن الكاظمي يريد الانطلاق بالعلاقات نحو مسار شامل ومتوازٍ، بما يحفظ المصالح الوطنية العراقية، لأن الكاظمي أقرب إلى قوى الاحتجاج التي ترفض النفوذ الإيراني على القرار السياسي - الاقتصادي العراقي، ولكن تريد علاقة طبيعية من دون تدخل، ما جعل الإيرانيين يدركون ذلك من خلال منظومات صنع القرار التي أظهرت تراجعاً واضحاً، وهو ما يجعلهم يركزون على المصالح والأسواق والتجارة بين إيران والعراق، مع استمرار الخط الموازي للمساعدات للأطراف الصديقة لهم في العراق».
مشاركة :