أبناء المتوسط يجمعهم الحنين إلى العناق والتقبيل رغم أنف كورونا | | صحيفة العرب

  • 5/31/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مارسيليا (فرنسا) – كان صياد الأسماك دانييل ريجيو في مدينة مرسيليا الفرنسية المطلة على البحر المتوسط، قبل جائحة كورونا، يحيي الأصدقاء والزملاء بقبلتين، لكن الآن يصافحهم عبر الكوع. ووفقا لعالم الاجتماع التونسي محمد جويلي، من فرنسا إلى تونس مرورا بإسبانيا والجزائر ولبنان، أرغمت مكافحة كوفيد – 19 على حظر القبلات والعناق والمصافحة باليد وهي تقاليد أساسية في منطقة المتوسط التي تنتشر فيها “ثقافة التماس والقرب”. واعتمد البعض تحيات جديدة مثل وضع الكوع على الكوع كما كان ذلك سائدا في أفريقيا عند انتشار وباء إيبولا أو القدم أو عبر وضع اليد على القلب أو محاكاة القبلات عن بعد مع حنين إلى العناق الفعلي. لكن ريجيو الذي يبيع السمك في مرفأ مرسيليا ثاني مدن فرنسا يوضح “لا يمكننا القول إننا غير مشتاقين إلى ذلك لكن هذا الأمر لن يقضي على روابط الصداقة”. واعتمد إيفون تابياس وهو متقاعد ينظم نزهات في مرسيليا “تحية ووهان” تيمنا بالمدينة التي ظهر فيها الفايروس. وقال تابياس، وهو من سكان جزيرة فريول، “نلمس مشط القدم. نحن أبناء الجنوب نحتاج إلى هذا الاتصال”. وفي مرسيليا التي تقيم علاقات وثيقة مع دول المتوسط، حتى الرجال يتبادلون القبل. ويقول جان – فرنسوا شونييه رئيس متحف حضارات أوروبا والمتوسط الذي انتقل قبل سنوات من باريس إلى مرسيليا “هذا المكان الأول الذي قبلت فيه رجالا. لم يسبق لي أن فكرت بتقبيل مصرفي قبل ذلك”. وأكدت الطالبة ميلودي ريكو في مونبولييه (جنوب شرق فرنسا) حيث يتبادل أبناء المدينة ثلاث قبلات في كل المناسبات كما الحال في لبنان، “نعاني من نقص فعلي ونشعر بضيق فعلا عندما نضطر للتخلي عن ذلك”، وهي تتردد راهنا بين جمع راحتي اليدين أمام الصدر على الطريقة الهندية مع الانحناء قليلا أو التلويح باليد عن بعد. وتوقفت فاطمة بولمعات التي تسكن حي بوتي بار في مارسيليا عن تقبيل أصدقائها موضحة “أقوم بالحركة التي كانت تقوم بها جدتي المغربية بوضع اليد اليمنى على القلب مع نظرة عميقة ليشعروا بمحبتي”. وتقول إيللي كومايتي من أثينا “اشتقت إلى العناق والقبل فعلا”. PreviousNext وفي بيروت، توضح زينة عقل العاملة في مجال التأمين أنها باتت تعوض التقبيل والعناق بزيادة “التعابير اللفظية مع استخدام الكثير من الأوصاف والنعوت، لكن أحيانا لا أجد الكلام المعبر فعلا أو أن الناس لا يريدون كلاما بل مواساة عبر العناق والاحتضان”. وأضافت “أشتاق إلى التماس الجسدي والتقبيل والعناق أو حتى مجرد الربت على الكتف. أشتاق إلى ذلك خصوصا عندما يحتاج الشخص أمامي إلى دعم معنوي في حالات الحزن والحداد مثلا، أو عندما تكون هناك مناسبة فرح نريد الاحتفال بها معا”. وشددت عالمة الإناسة جنفياف زويا من جامعة مونبولييه أن “التماس الجسدي هو أساس هويتنا” في المتوسط وهو أمر مختلف عن الممارسات في البلاد المطبعة بالثقافة الإنجليزية وعن البعد الآسيوي. كما أكد جويلي “لقاء بين أشخاص يعرفون بعضهم بعضا يؤدي إلى عناق وقبلات وهذا مؤشر إلى المعرفة والامتنان”. وتابع “تصرفنا ناجم عن العادات ومن الصعب لطفل صغير أن يرى جده أو جدته من دون أن يعانقهما. وفي إسبانيا، يطلب من الشخص منذ الطفولة التقبيل وفجأة يقال له ‘لا تلمس أحدا’ هذا مخالف للطبيعة البشرية”. وأفاد الباحث في جامعة الجزائر ناصر جابي “التماس الجسدي مهم جدا في الجزائر فثمة ملامسات كثيرة وحركات تعبر عن التعاطف”. وأضاف أنه على غرار دول أخرى “يحاول البعض إيجاد حلول بديلة مثل إلقاء التحية عبر الكوع لكن هذا التصرف يبقى هامشيا. نحتاج إلى وقت للانتقال إلى ثقافة معاكسة”. ومع الكمامة التي باتت إكسسوارا أساسيا مع تخفيف قيود العزل، تعلم ريجيو في مارسيليا “الابتسام عبر العيون”. وأشار رئيس متحف حضارات أوروبا والمتوسط إلى أن “الحاجز الذي تقيمه الكمامة أكبر من عدم المصافحة أو التقبيل. نحن في مجتمع حيث وضع قناع على الوجه أمر اصطناعي بالكامل ويثير الاضطراب”. ويرى مانويل أرمايونيس من جامعة كاتالونيا المفتوحة (إسبانيا) أن “معيارا اجتماعيا جديدا” يتميز “بقدرة أكبر على التعبير عن المشاعر ظهر بعد صدمة هائلة” ناجمة عن الفايروس.

مشاركة :