صدر كتاب العالم الفرنسي المثير للجدل ديدييه راوول، أحد كبار العلماء الباحثين في علم الأوبئة والأمراض المعدية، تحت عنوان: “أوبئة، أخطار حقيقية وإنذارات خاطئة”، المليء بالمعطيات العلمية حول تاريخ الأوبئة التي انتشرت خصوصاً في المجتمعات المعاصرة. لا يزال العالم الفرنسي ديدييه راوول Didier Raoult مستقطباً الاهتمام وهو الذي أثار جدلاً واسعاً حيال جائحة كورونا ولا يزال، خصوصاً مع إصدار كتابه الجديد “أخطار حقيقية وإنذارات خاطئة” Épidémies vrais dangers et fausses alertes الذي أقرب ما يكون إلى وثيقة علمية غنية بالمعلومات والمعطيات العلمية المستندة إلى تجربة راوول وسعة اطلاعه وإلمامه الواسع بعلم الفيروسات من موقع اختصاصه وخبرته الطويلة في هذا المجال، وقد صدر الكتاب – الوثيقة مؤخراً عن مطبوعات دار ميشيل لافون 2020. ويعد “البروفيسور راوول” واحداً من أبرز العلماء الباحثين في علم الأوبئة والفيروسات والأمراض المنتقلة، ولد في العام 1952 في عاصمة السنغال داكار، ويترأس حالياً معهداً تابعاً لـ “المستشفى الجامعي للأمراض المعدية” الواقع في مدينة مرسيليا الفرنسية. وأثار البروفسور ديدييه راوول جدلاً واسعاً على مستوى العالم أخيراً، خصوصاً بعد دفاعه عن الكلوروكين Chloroquine كدواء لفيروس كورونا المستجد COVID-19، وهي المادة التي لم توافق عليها منظمة الصحة العالمية إلا للحالات الحرجة فقط، وذلك بسبب الآثار الجانبية لهذا الدواء كما تقول. موقفه هذا جعله معادياً للصناعات الدوائية في العالم. وعرف عن راوول مواقفه المنتقدة بشدة للتدابير التي اتخذتها فرنسا، والعديد من الدول الأخرى في مكافحة الجائحة، خصوصا في مـا يتعلق بطريقة الحجر الصحي التي اعتبرها منهجية بائدة تعود إلى القرون الوسطى، لذلك يعتبر أن من الأولى القيام بفحص شامل للسكان le dépistage de masse مثلما فعلت بعض الدول ومنها على سبيل المثال كوريا الجنوبية. توظيف الوباء لأغراض سياسية انطلق ديدييه راوول في كتابه أخطار حقيقية وإنذارات خاطئة من الفكرة الأساسية التي يدافع عنها هذا، وهي أن فيروس COVID-19 ليس سوى فيروس عادي من بين العديد من الفيروسات الموجودة في العالم، والتي تقدر بـ 20 فيروساً، والتي تعد نسبة الوفيات فيها مرتفعة جداً إذا ما قورنت بنسبة وفيات الفيروسات التاجية الأخرى، لذلك في نظره تم التهويل كثيراً من خطورة COVID-19، وسلطت عليه وسائل الإعلام كثيراً من الأضواء، كل ذلك من أجل توظيف الوباء لأغراض سياسية أو اقتصادية. فالبحث العلمي إذن في نظر الباحث غير مرتبط بالغايات الإنسانية النبيلة، أي بالعناية بالصحة البشرية، بل فقط بالربح الاقتصادي أو بالأغراض السياسية، يقول الباحث في هذا الكتاب إن: “سوق اللقاحات أسير بالكامل للقرار السياسي. لا يمكن لأي مختبر الالتزام بصنع اللقاحات ما لم يكن لديه ضمان بشرائها أو التوصية بها من قبل الدوائر الحكومية”. وبحسب الإندبندنت البريطانية، فإنه خلال العقود الأخيرة كانت ثمة عدة إنذارات كاذبة بصدد الكثير من الفيروسات، مثل إنفلونزا الطيور H1N1، وفيروس كورونا التاجي، والسارس والإيبولا والجمرة الخبيثة والشيكونغونيا وزيكا، فكل هذه الفيروسات قيل إنها ستقتل الملايين من البشر، لكن لا شيء من ذلك حدث فعدد الوفيات لم يكن مؤثراً، ويرى راوول أنه تم إنفاق المليارات على العقاقير التي لم تر النور، واللقاحات التي لم تنجح، ويستعرض كذلك الأخطاء التي رافقت ملف الفيروسات، بدءاً من فيروس الجمرة الخبيثة التي تم اتهام صدام حسين بامتلاكها وتبين في مـا بعد خطأ هذا الاتهام. كما تم إذكاء مشاعر الخوف لدى الناس بخصوص الإرهاب البيولوجي، لكن سيتبين بوضوح كما يقول الكاتب: “اكتشاف كذبة الدولة”. لدينا الحق في أن نكون أذكياء ويرى راوول أن فيروس كورونا المستجد COVID-19 ينتمي إلى عائلة كبيرة من الفيروسات تتميز جميعها بكونها محاطة بشكل يشبه التاج. وهي السبب الرئيسي الثالث لعدوى الجهاز التنفسي الفيروسية. تم اكتشاف هذه النوعية من الفيروسات عام 1965، ويرى أيضا أن ظهور فيروس كورونا المستجد أو المتحور خلق هلعاً عالمياً، على الرغم من أن معدل وفياته ضعيف نسبياً مقارنة ببقية أنواع الفيروسات. كما يشيد بالتدابير الصينية التي تمكنت من محاصرته، بخاصة مع استعمال الكلوروكين، إذ كان من المنتظر أن يصبح هذا الفيروس أبسط التهاب تنفسي، لكن للأسف طريقة التعامل معه من قبل وسائل الإعلام والمؤسسات السياسية، جعلت منه موضوعاً جديداً للأكاذيب. تحكم بالمصالح ويقول “لقد تحكمت مصالح المختبرات التي تنتج اللقاحات، في كل ما يقال حول هذا الفيروس، بينما تم تهميش وعزل تدخل الخبراء والباحثين. ويشير راوول إلى أنه تلقى تهديدات بمنعه من نشر أي حقائق أخرى عن هذا الفيروس، وأنه أنشأ وبعض زملائه موقعاً إخبارياً أسبوعياً على موقع “يوتيوب” بعنوان “لدينا الحق في أن نكون أذكياء”، فقط لكشف الأكاذيب التي تروج حول كورونا.
مشاركة :