النظام القطري الذي يحاول تصوير دوره بالمنطقة أكبر مما هو عليه أضر بالكثير من الدول العربية مع الخامس من يونية لهذا العام (2020م) يكون قد مضى على الأزمة الخليجية ثلاثة أعوام، فمقاطعة قطر دخلت يومها ألف بالتمام والكمال، فقبل ثلاثة أعوام وبالتحديد في الخامس من يونية 2017 اتخذت ثلاث دول خليجية مع الشقيقة الكبرى جمهورية مصر العربية قرارًا صعبًا وخيارًا لا بديل له، فقد قطعت تلك الدول (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) علاقاتها مع دولة قطر الداعم الرئيس للأعمال الإرهابية بالمنطقة. لقد قطعت تلك الدول كل أشكال العلاقات وعل كل المستويات مع النظام القطري بعد أن بذلت كل السبل لإقناع هذا النظام بعدم التدخل في شؤون الدول، ولكن بسبب إصرار النظام القطري على دعم تلك التنظيمات الإرهابية والمليشيات العنفية في الكثير من الدول العربية لزعزعة أمنها واستقرارها كان لابد لهذه الدول من قطع علاقاتها من هذا النظام. ولربما البحرين كانت الدولة الأكثر تضررًا لقربها من النظام القطري، فما من عملية إرهابية إلا وترى أصابع النظام القطري لها نصيب، ورغم كل المناشدات البحرينية إلا أن النظام القطري يتمادى ويستمر في التدخل بشؤون البحرين الداخلية، ويحسب تلك (المناشدات) ضعفًا، وقد سخر كل إمكانياته لزعزعة امن واستقرار البحرين وضرب الوحدة الوطنية فيها، وإشعال فتيل الصراع الطائفي في ساحاتها!! فمنذ العام 1996 والنظام القطري يسعى لزعزعة أمن البحرين واستقرارها، وقد نسى وتناسى أن البحرين هي عضوة بمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، وهي أقرب الجيران، ويرتبط الشعبين بأواصل الدين والقربي والجيرة وغيرها، وقد استمر النظام القطري في تسخير اجهزته الإعلامية ومنها (قناة الجزيرة) للتدخل في شؤون البحرين تحت شعار (حرية الرأي والكلمة). ولم يكتفِ النظام القطري بذلك ولكنه دعم وبكل قوة الجماعات الإرهابية المرتبطة إيديولوجيًا بالحرس الثوري الإيراني وبقيادات النظام الإيراني من أجل التفجير والتخريب ونشر الفوضى بالبحرين، بل وقدم الأموال الطائلة سواء نقدًا أو بشيكات بنكية أو من خلال دعم البعض للانخراط في الاستحقاق الانتخابي في انتهاك صارخ لكل الاتفاقيات والمواثيق ومبادئ القانون الدولي، متجاوزًا لمبادئ حسن الجوار، ودون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق. النظام القطري الذي يحاول تصوير دوره بالمنطقة أكبر مما هو عليه أضر بالكثير من الدول العربية، وما الدول الأربع المقاطعة إلا جزء يسير من تلك الدول، لذا لم يكن أمام البحرين والدول الأخرى إلا التصدي لتلك الأعمال بعد أن بذلت الكثير من المحاولات لإعادة النظام القطري إلى جادة الحق. وبدل أن يفيق النظام القطري ويعود إلى عمقه العربي بعد تصحيح مساره فقد أصر بكل عناد على موقفه، بل قام بتوقيع الاتفاقيات مع دول تضمر الشر لهذه المنطقة، فقد استجلب الدعم الإيراني والتركي للإضرار بالمصالح الخليجية والعربية، واستمر بدعم الجماعات الإرهابية المتطرفة بالمنطقة مثل تنظيم حزب الله الإرهابي للتدخل في شؤون دول المنطقة. الف يوم ولا يزال النظام القطري مصر على موقفه من دعم الجماعات الإرهابية وتسخير الإعلام للتدخل في شؤون الدول، ويسعى لتزييف الحقيقة من خلال خطابين متناقضين، الأول يسعى لتأصيل مفهوم المظلومية، وأن الشعب القطري يشكو من حصار مزعوم، دون ذنب أو جريرة، وهذا الخطاب للداخل!! والخطاب الآخر للخارج وهو أن النظام القطري قد حقق انتصارات وهمية. بعد ألف عام يجب أن نعود إلى أسباب الأزمة لا نتائجها وآثارها، وهل بذل فيها الجهد الكافي؟ وهل هناك وساطات لحلحلة الأزمة؟ وحتى لا ننسى أسباب الأزمة فلابد من العودة إلى: أولاً: الخامس من مارس 2014 ففي هذا اليوم أعلنت السعودية والإمارات والبحرين عن سحب سفرائها من الدوحة لعدم التزام النظام القطري باتفاق مبرم معه في 23 نوفمبر 2013م بالعاصمة السعودية، وفي 16 نوفمبر 2014م تم توقيع اتفاق آخر مع النظام القطري، وذلك في الرياض، وكانت أبرز بنود الاتفاق وقف دعم تنظيم الإخوان الإرهابي، وطرد العناصر التابعة له من غير المواطنين من قطر، وعدم إيواء عناصر من دول مجلس التعاون تعكر صفو العلاقات الخليجية، وعدم تقديم الدعم لأي تنظيم أو فئة في اليمن يخرب العلاقات الداخلية أو مع الدول المحيطة، بل وتعهدت قطر بعدم التدخل في شئون الدول الخليجية، وعدم إيواء أو تجنيس أي من مواطني دول المجلس ممن لهم نشاط يتعارض مع أنظمة دولته إلا في حال موافقة دولته. ثانيًا: الخامس من يونيو 2017 استنفذت تلك الدول بالإضافة إلى الشقيقة مصر كل الوسائل لإقناع النظام القطري بالعودة إلى طريق الحق إلا أنه أصر على موقفه، لذا لم يكن أمام تلك الدول ومنهم البحرين الذين تضرروا كثيرًا من الجماعات الإرهابية التي يدعمهم النظام القطري سوى اتخاذ موقف موحد وهو مقاطعة ذلك النظام، فتم الإعلان عن المقاطعة في يوم الخامس من يونية 2017م حتى يتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية. وبعد أن استنفذت الدول الأربع كل الوسائل لإقناع قطر بالتوقف عن دعم تلك الجماعات، فقد قدمت عبر دولة الكويت وأميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح قائمة تضم 13 مطلبًا لإعادة العلاقات، كلها قد وافق عليها أمير قطر سابقًا ووقع عليها! ومع ذلك رفض النظام القطري وساطة الأمير صباح الأحمد. ثلاثة أعوام والنظام القطري يحاول المراوغة، وعمل تحالفات علنية مع إيران وتركيا للإضرار بأمن واستقرار دول المنطقة، وقد فوت الفرص الكثيرة لعودة العلاقات مع الدول الخليجية والعربية، ولكن كما جاء في الحديث: إنما يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية!!
مشاركة :