من الحسنات التي أفرزتها مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لتنظيم الحمدين، هي تقليم أظفار هذا التنظيم الإرهابي ووضعه في حجمه الطبيعي، فقد كانت قطر من قبل بفضل المال المشبوه تصول وتجول بين التيارات المتطرفة، وتعبث بأمن الدول واستقراها دون أية فائدة. وكانت إحدى ثمرات دول المقاطعة للدوحة خروج هذا النظام المفسد من دائرة الملف السوري، بل كان هذا الخروج منبوذاً إلى غير رجعة، خصوصاً بعد أن تزايدت الضغوط الدولية على الدوحة التي كانت تمول الجماعات الإرهابية في سوريا. ومنذ العام الماضي، انكفأ الدور القطري في سوريا وذهب الأمر في سوريا إلى مزيد من تخفيف القتل والتصعيد على الجبهات، خصوصا بعد بدء اتفاق أستانة، ويرجع العديد من المراقبين انحسار معدل القتل والتدمير في سوريا إلى تراجع المال القطري في سوريا للعديد من الفصائل، والضغط الأميركي على الدوحة لوقف تمويل الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها جبهة النصرة. دور مزدوج ويقول أحد القياديين في الجيش السوري الحر وهو عضو سابق في المجلس العسكري ممثلاً لجبهة حمص، إن الدور القطري في سوريا منذ البداية كان مشبوهاً، فقد كانت الدوحة تمول العديد من الفصائل المسلحة وفي ذات الوقت تقوم بتسليم أسماء هذه الفصائل إلى النظام السوري، مشيراً إلى أن الدوحة لعبت دوراً مزدوجاً بين المعارضة والنظام، وهذا ما جرى كشفه من قبل العديد من الفصائل. ويؤكد القيادي، وهو برتبة عميد أن قطر أوقفت في العام 2013 تقدم الفصائل باتجاه دمشق، وهددت الفصائل بوقف التمويل، فيما سلمت للنظام مواقع وأسماء العديد من الفصائل للنظام، مرجحاً أن تكون الدوحة وراء العديد من الاغتيالات لقادة الفصائل خصوصاً تلك التي كانت تتعامل مع قطر. أما على المستوى السياسي، فقطر باتت صفر اليدين لدى مجموعات كثيرة من المعارضة السورية خصوصاً الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة، الذي ابتعد كثيراً عن تأثير المال القطري. ضغط سياسي وتؤكد شخصية رفيعة في الائتلاف لـ«البيان» أن الائتلاف منذ أن بدأت الأزمة الخليجية، لاحظ تراجع الدور القطري بسبب الضغط السياسي من دول المقاطعة، التي أربكت السياسة القطرية في كل الاتجاهات. وقال القيادي في الائتلاف: إن قطر حاولت في الآونة الأخيرة أن تعود إلى ساحة الائتلاف وتلعب الدور السلبي كما كان في السابق من خلال جماعة الإخوان أحد الأذرع القطرية في المعارضة السورية، إلا أن هناك العديد من القوى السورية المعارضة للسياسة القطرية التي وقفت ضد هذه الأيادي القطرية التي حاولت أن تسيطر على الائتلاف. وأكد أن الانتخابات الأخيرة في الائتلاف الشهر الماضي، حاولت قطر دفع الأموال لتصدير شخصيات قريبة من الإخوان من أجل السيطرة على الائتلاف، إلا أن الكتلة الأقوى في الائتلاف المتمثلة بالهيئة العليا للمفاوضات وقفت ضد ذلك. وفي هذا السياق، لاحظ العديد من الشخصيات السياسية في الائتلاف التي تحدثت إليهم «البيان»، أن الصراعات داخل مؤسسة الائتلاف السوري انتهت في الآونة الأخيرة وباتت شبه معدومة. صفر تأثير وأضافت أن جميع الانتخابات السابقة كانت قطر تحاول التدخل فيها من خلال المال ودعم المجموعات القريبة من الإخوان، لكن في الانتخابات الأخيرة لم تتمكن قطر من التأثير على الائتلاف بشكل نهائي، وباتت محصلة القوة القطرية في المعارضة السورية صفر.
مشاركة :