مقالة خاصة: فريق كوماندوز شبابي في غزة لمهمة زراعة محفوفة بالمخاطر

  • 6/4/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

غزة 3 يونيو 2020 (شينخوا) بالنسبة للمزارع الفلسطيني علاء أبو طير فإن الوصول إلى مكان عمله قرب السياج الحدودي بين قطاع غزة وإسرائيل يعد مغامرة محفوفة بالمخاطر الهائلة. ففي كثير من الأحيان يضطر أبو طير (31 عاما) إلى الزحف مستلقيا على الأرض لعشرات الأمتار ويحتمي بالأشجار المزروعة للاحتماء من رصاص قوات الجيش الإسرائيلي المرابطة خلف السياج. وتفرض إسرائيل منطقة أمنية عازلة بعمق 300 متر على طول المنطقة الحدودية أقصى شرق قطاع غزة ما يجعل الوصول إلى المناطق الزراعية في تلك المناطق أشبه بمن يحمل كفنه في يديه. وتبرر إسرائيل فرض المنطقة العازلة بمنع الفصائل الفلسطينية المسلحة من شن هجمات عدائية انطلاقا من قطاع غزة. ويقول أبو طير لوكالة أنباء (شينخوا)، إنهم يعانون الأمرين لمتابعة أعمالهم في الأراضي الحدودية لكنهم مجبرون على ذلك لتحصيل قوت عوائلهم في ظل معدلات قياسية من البطالة والفقر يعانيها قطاع غزة المحاصر إسرائيليا منذ عام 2007. وبخلاف العمل الاعتيادي في مجال الزراعة في باقي مناطق قطاع غزة، فإن الدخل اليومي أكبر في المناطق الحدودية بالنظر إلى المخاطر اليومية التي تشهدها. وذلك حفز أبو طير إلى تشكل فريقا من الشبان العاطلين أطلقوا عليه اسم "فريق كوماندوز" في إشارة منهم إلى تحدي الصعوبات التي تواجههم في مجال عملهم الجديد لفلاحة وحصاد المزروعات في وقت قياسي دون التعرض لأي خطر. ويوضح أبو طير من سكان بلدة عبسان جنوب قطاع غزة، أنه تخرج من الجامعة عام 2009 من كلية التربية الرياضية، لكنه فشل على مدار سنوات في الحصول على وظيفة ثابتة في مجال دراسته. ويشتكى من أنه مر بظروف نفسية صعبة خاصة بعد إنجابه ثلاثة أطفال وعدم تمكنه من توفير حياة كريمة لهم، فيما واقع الحصار والتوترات العسكرية المتلاحقة في قطاع غزة زادت الأوضاع سوءا. ويشير أبو طير إلى أنه انخرط في صفوف المزارعين في المناطق الحدودية لتأمين مصدر دخل ثابت له ولعائلته، فيما يبرز أنه يحاول أخذ كافة الاحتياطات اللازمة لضمان سلامته من أي استهداف إسرائيلي. وعادة ما تشهد المناطق الحدودية عمليات إطلاق نيران من الجنود الإسرائيليين المتمركزين في نقاط عسكرية أو خلف تلال في الجانب الآخر من السياج الحدودي لكل من يقترب من السياج بما فيهم المزارعين. ويقول أبو طير إن "الحياة صعبة ولا يمكن التهاون بها، لكن لا يمكننا أن نبقى مكتوفي الأيدي، لذلك أنشأنا فريقنا للعمل في فلاحة الأراضي الحدودية لكسب الرزق". ويضيف أن فريقهم تعرض لعدة عمليات إطلاق نيران من قبل الجنود الإسرائيليين، على الرغم من محاولتهم الوصول باكرا إلى المكان والانسحاب بفترة زمنية قياسية. وعادة ما يتجمع الفريق المكون من 45 شابا في الساعات الأولى من الفجر، ومن ثم يتجهون جميعا إلى الأراضي الزراعية التي سيقومون بفلاحتها وحصادها، مقابل نحو 15 دولارا أمريكيا يوميا. ويسير وسام أبو لحية (28 عاما)، وهو أب لطفلة وحيدة، ما يقارب خمسة كيلومترات يوميا سيرا على الأقدام، حتى يصل إلى مكان تجمع الفريق قبل أن ينطلقوا إلى المناطق الحدودية. ويقول أبو لحية ل(شينخوا)، إنه أتم دراسته الجامعية في تخصص الشريعة وأصول الدين، ثم أتم دراسة عامين في كلية التربية ليتم تأهيله لمهنة معلم تربية دينية "لكنني لم أحصل على العمل". ويضيف بنبرات من الحسرة "تقدمت لجميع الوظائف التي يتم الإعلان عنها وكنت أحصل على درجات عالية تؤهلني للوظائف لكنه لم يتم قبولي فيها"، منوها إلى أنه مضطر للعمل كمزارع كي يستطيع إعالة أسرته. ويعتبر أبو لحية أن الانقسام الداخلي الفلسطيني يعد سببا رئيسيا في تدهور الحياة الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة، فضلا عن تأثيرات الحصار الإسرائيلي. وتسيطر حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على قطاع غزة منذ منتصف العام 2007، ومنذ ذلك الوقت تفرض إسرائيل حصارا مشددا يتضمن قيودا على حركة الأفراد عبر المعابر أو حتى الاقتراب من السياج الحدودي شرق القطاع. وشكل الحصار الإسرائيلي أحد دوافع انطلاق مسيرات العودة الشعبية على حدود قطاع غزة وإسرائيل في 30 مارس 2018 والتي قتل فيها 326 فلسطينيا في مواجهات شبه يومية مع الجيش الإسرائيلي على حدود القطاع. وكان وسام أبو مصبح (26 عاما) أحد المشاركين في مسيرات العودة، بعدما يأس من الحصول على عمل يناسبه، حيث كان يداوم على المشاركة في المواجهات الأسبوعية. ويقول أبو مصبح لـ((شينخوا)) "أنا المعيل الوحيد لعائلتي المكونة من عشرة أفراد، وبسبب عدم توفر أي فرصة عمل توجهت إلى الحدود كي ألفت نظر العالم لمحنتنا في القطاع المحاصر". وأصيب أبو مصبح في مناسبتين في قدمه اليسرى مما تسبب في إعاقة دائما له ، لكنه رغم ذلك انضم إلى "فريق الكوماندوز" لجني المال، على الرغم من تخوفاته المستمرة من إصابة ثالثة ربما تكون قاتلة هذه المرة قد يتعرض لها على الحدود. ويلجأ المزارعون في المناطق الحدودية إلى التقليم المستمر لأغصان الأشجار في أراضيهم من الأعلى بحيث لا ترتفع الأشجار عن مستوى طولهم كي لا يتذرع الجنود الإسرائيليون بعدم رؤية من هم بين الأشجار فيقوموا بإطلاق النار عليهم. وسبق أن اعتبر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره غزة، أن منع الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم يشكل انتهاكا للعديد من أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في العمل والحق في أفضل مستوى معيشة يمكن الوصول إليه.

مشاركة :