من هي؟ لولوة الفيصل، لا يذكر هذا الاسم إلا وتهب نسائم سيرة حافلة بالعطاء، ونكران الذات، وتحضر أيقونة مشرفة للمرأة السعودية الرائدة في مجالات العلم والاقتصاد، والعمل الطوعي والريادي، وحقوق المرأة. تشربت حب التعليم منذ نعومة أحلامها، ونشأت في ظل ملك آمن بأن التعليم هو الرفيق الأمثل في الحياة، ليس للمرأة وحسب، بل للإنسان عموما، فكان أن دعم زوجته، الملكة عفت رحمها الله، رائدة تعليم المرأة بالمملكة العربية السعودية في رؤيتها المتمثلة في ضرورة البدء في تعليم المرأة، وافتتاح مدارس للبنات بالمملكة العربية السعودية، والتي أخذت على عاتقها هم النهوض بالمرأة السعودية فكريا وثقافيا ومنحها حقها في التعليم وريادة المجتمع. وإيمانا بأن التعليم هو الخطوة الأولى في طريق الحرية الفكرية والثقافية للمرأة عامة والسعودية خاصة، سارت الأميرة لولوة الفيصل على خطى والدتها الملكة عفت، وكانت خير عون لها في مشاريعها الخاصة بتعليم المرأة السعودية ومنحها حقها في التعليم والحياة. وكرست حياتها في تمهيد هذا الطريق من خلال سعيها الدؤوب لتغيير الصورة النمطية للمرأة السعودية ومنحها حقوقها. ذلك أن المرأة في معظم المجتمعات القديمة لم تتح لها فرص تعليمية متساوية مع الرجل، رغم تأكيد الإسلام على ضرورة السعي لتحصيل العلم والمعرفة للرجال والنساء على حد سواء، وبروز أسماء كثيرة لنساء كان يؤخذ عنهن العلم والفقه والمعرفة في زمن الصحابة والتابعين. “إن والدي ووالدتي كانا مهتمين بالتعليم عامة، وليس تعليم المرأة فحسب، وكانت نظرتهم إلى التعليم مستقبلية جدا، كانا يريدان بناء وطن متعلم”، هكذا لخصت الأميرة لولوة الفيصل رؤية الملك فيصل بن عبدالعزيز وزوجته الملكة عفت رحمهما الله ورسالتهما الخالدة. تلقّت الأميرة لولوة الفيصل تعليمها في سويسرا، ثم عادت لأرض الوطن لتوظف ما تعلمته في خدمة قضايا المرأة والتعليم، وانتسبت لجمعية النهضة الخيرية للنساء بالرياض منذ سبعينيات القرن الماضي. كما تولت الإشراف على مدارس دار الحنان بجدة، وهي أول مدرسة ثانوية خاصة بالبنات في المملكة العربية السعودية، كما ساهمت مع والدتها في إنشاء كلية الملكة عفت عام 1999 والتي تطورت فيما بعد لتصبح جامعة الملكة عفت. لم يقتصر حضور الأميرة لولوة الفيصل ونشاطها على داخل الوطن وحسب، ولكنه امتد للخارج حيث سجلت حضورا لافتا في المنتديات الاقتصادية العالمية وكانت خير سفيرة للمرأة السعودية في الخارج، واستطاعت من خلال ما تقدمه من أوراق علمية وفكرية مميزة، تغيير الفكرة السائد عن المرأة السعودية ودورها في المجتمع. فكانت ممن لهم السبق في إنتقاد الحظر المفروض على قيادة النساء في المملكة العربية السعودية خلال جلسة علنية في المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2007. بالإضافة إلى دعوتها إلى منح المزيد من الحقوق للمرأة السعودية، وأضافت في ذات الجلسة أنها تعمل أيضا على تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى الغرب عن المرأة السعودية. ووضحت إصرارها على أن تُمنح النساء المسلمات حقوقهن المشروعة في الإسلام التي لا تعني بالضرورة مساواتها بالرجل. لم تنحصر مجهودات الأميرة لولوة في تطوير تعليم المرأة السعودية والمناداة بمنحها حقوقها وحسب، ولكنها استطاعت بمشاركتها في البعثات التجارية السعودية الخارجية، وعضويتها في لجنة التجارة الدولية أن تثبت قدرة المرأة السعودية على أداء الأدوار الريادية والإسهام في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في بلادها. تعد الأميرة لولوة الفيصل أحد أبرز الوجوه النسائية في الأسرة المالكة السعودية، والتي استطاعت بمجهوداتها الدؤوبة رسم صورة مشرقة ومشرفة للمرأة السعودية المعتزة بوطنيتها وانتمائها، ووضع أساس متين لتعليم النساء بالمملكة العربية السعودية وقوده الإصرار والمثابرة والشعور بالمسؤولية تجاه الوطن والإنسانية. نالت الأميرة لولوة الفيصل التكريم وعدة جوائز في مسيرتها الإنسانية الحافلة، ولعل أكبر تكريم نالته هو شهادتها على التحول الكبير في المملكة العربية السعودية نحو رؤية 2030 ، الذي بادر بتمكين المرأة السعودية ومنحها مكانتها التي تستحقها، بدءا بحقوقها المدنية وصولا للسماح لها بقيادة السيارة، وليس إنتهاء بمنح النساء مقاعد بمجلس الشورى. على الصعيد الشخصي، تزوجت الأميرة لولوة الفيصل من ابن عمها الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود، ولها من الابناء كل من فيصل ونهى ونورة. ختاما يحضرني حين تعداد مناقب وانجازات الأميرة لولوة الفيصل قول المتنبي: وَإنْ تكنْ خُلقتْ أُنثى لقد خُلِقتْ كَرِيمَةً غَيرَ أُنثى العَقلِ وَالحَسبِ
مشاركة :