تونس- اتسعت في ولاية تطاوين الاحتجاجات الشبابية، لتمتد إلى مختلف المعتمديات والمناطق الريفية، وذلك للمطالبة بتنفيذ اتفاق الكامور الممضى يوم 16 يونيو 2017 بين تنسيقية الكامور والحكومة التونسية. وتجلى تصعيد الاحتجاجات، التي كانت انطلقت الخميس الماضي، بعد أن تم تعليقها بسبب الحجر الصحي الشامل في منتصف شهر مارس، من خلال تزايد عدد خيمات الاعتصام التي تم تركيزها وسط مدينة تطاوين وأمام مقر الولاية، فضلا عن أغلب مراكز المعتمديات وفي عدد من القرى الريفية. وأكد الناطق الرسمي باسم تنسيقية اعتصام الكامور طارق الحداد في تصريح لـ”العرب” أنه “منذ إبرام اتفاق مع رئاسة البرلمان حول تفعيل القرارات المتفق عليها مع الحكومة، لم يتصل بنا أي طرف”، مضيفا “راشد الغنوشي قدم لنا وعودا بحل الأزمة بعد تشكيل حكومة لكنه تنكر بعد ذلك”. وكان رئيس البرلمان التونسي ورئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي قد التقى ممثلين عن محتجي الكامور منتصف يناير الماضي، حيث أكد أنه “ملتزم بما التزمت به الحكومة وسيسعى إلى حثّها على التسريع في تنفيذ الاتفاقية”. وينص اتفاق الكامور على رصد 80 مليون دينار (27 مليون دولار) للاستثمار، وامتصاص البطالة، وانتداب 1500 عاطل في الشركات البترولية و500 شخص في شركة البيئة والغراسات والبستنة. طارق الحداد: راشد الغنوشي قدم لنا وعودا لحل الأزمة لكنه تنكر بعد ذلك طارق الحداد: راشد الغنوشي قدم لنا وعودا لحل الأزمة لكنه تنكر بعد ذلك وسبق أن وقعت حركة النهضة في منتصف مارس الماضي رفقة منظمات نقابية وأحزاب سياسية بيانا حملت من خلاله مسؤولية تعطل الاستجابة لمطالب معتصمي الكامور إلى الحكومة الماضية برئاسة يوسف الشاهد والتي كانت فيها طرفا أغلبيا، فيما صدرت الأزمة إلى الحكومة الحالية برئاسة إلياس الفخفاخ المشاركة فيها أيضا. ويرى متابعون أن مساندة الحركة الإسلامية لمعتصمي الكامور وتحميلها المسؤولية إلى الحكومة السابقة (حكومة يوسف الشاهد) يدخلان في إطار تصفية حسابات سياسية مع رئيس الحكومة السابق ومواصلة سياسة النأي بالنفس عن فشل تحقيق المطالب الاجتماعية والركوب على أي منجز اجتماعي وطني ونسبه إليها. ويشير هؤلاء إلى أن الحركة كانت ممثلة بأغلبية في حكومة يوسف الشاهد وأخلت بتعهداتها تجاه معتصمي الكامور واليوم تتبنى من جديد كما تبنت في وقت سابق مطالبهم وذلك بتصديرها إلى حكومة إلياس الفخفاخ الحالية الممثلة فيها أيضا. وبنت الحركة الإسلامية حملتها الانتخابية (الرئاسية والتشريعية 2019) في الجنوب التونسي على مساندة اعتصام الكامور والمطلبية الاجتماعية في الجهة، حيث تعهدت بتلبية جميع مطالب المحتجين، مثلما وعدت في 2018 بفض اعتصام الكامور المتواصل منذ ذلك الوقت، إلا أن ذلك لم يحصل. ويرى المتابعون أن الحركة الإسلامية تتقن “فن التموقع” حسب ما تقتضيه مصالحها الخاصة من الوقائع والمستجدات، فهي تدعم مكانتها في الحكم وتوظفها حال وجود “إنجازات” وتسارع بنسبها لنفسها، لكنها أيضا تتنصل من الفشل عبر تصدير الأزمات. وجدد المحتجون تحميل الحكومة بمن فيها حركة النهضة (صاحبة الأغلبية النيابية في التحالف الحاكم السابق والحالي) المسؤولية عمّا تشهده الجهة من تهميش بسبب عدم تنفيذ ما جاء في اتفاق الكامور. وقال عضو تنسيقية اعتصام الكامور خليفة بوحواش في تصريح لوسائل إعلام محلية إن “شباب تطاوين استأنف حراكه الذي أطلقه سنة 2017، بعد تأكده من مماطلة الحكومة وتلكئها في تنفيذ الاتفاق الذي ناضل وضحى من أجله شباب الجهة”. وأشار بوحواش إلى أن “مطالب المحتجين مشروعة وشرعية ولم تتجاوز إلى حد الآن سقف ما وافقت على تحقيقه الحكومة، التي من المنطق أن تحترم نفسها وتولي الجهة والمعطلين فيها عن العمل حقهم في العيش الكريم والكرامة التي هم جديرون بها”. وحمّل الحكومة تبعات تزايد احتقان الوضع بالجهة والتحرك الشبابي، إذا لم يقع التفاعل مع هذه المطالب عبر تنفيذ ما تبقى من الاتفاق، خاصة منه انتداب 1500 معطل في الشركات البترولية و500 آخرين في شركة البيئة والغراسات والبستنة، إلى جانب رصد 80 مليون دينار للاستثمار والتشغيل
مشاركة :