أشواك السياسة وغربة السفارة | محمد بشير كردي

  • 7/3/2015
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

قصَّةُ مسارِ أُمَّة في حياةِ شخصٍ، حبك كلماتها الأديب الأستاذ محمَّد بن عبدالله السيف مُستغْرقًا وقته في التعرُّف عن كثبٍ إلى بطل حكايته، ومقابلة العديد الذينَ عرفوا البطل طفلاً في مسقط رأسه حوطة سدير، ثمَّ يافعًا في الرياض وهو يطلب العلم على أيدي المشايخ، وفي مكَّة المكرمَّة بدار البعثات التي كانت تهيِّئ خريِّجيها لمهنة التعليم، وللسفر خارج المملكة لمن لديه القدرة على الدراسة الجامعيَّة. يومها لم تكن المدارس متواحِدةً في كلِّ مدنِ المملكة وقُراها. والجامعات لا وجود لها. استقى المؤلِّف معلوماته مِمَّن عايشوا البطل ورافقوه في مشواره من حوطة سدير إلى الرياض فمكَّة المكرمَّة فالقاهرة فجدَّة فالرياض، ومن ثَمَّ خارج حدود الوطن. وإذا عرفنا ما كانت عليه وسائل السفر في بدايات القرن العشرين المنصرم حيث الجمل سفينةُ الصحراء والسيَّارة حديثةُ عهدٍ، واستخدامها مقصور على عِلْيَةِ القومِ وهم قلَّة في العددِ، أدركنا ما بذله بطل قصَّتنا من جهد وشدِّ حزام في سبيل الوصول إلى القاهرة ليدرس في جامعاتها، ويلتقي أساتذتها وجهًا لوجهٍ، ناهلاً من علمهم ما يثري الفكر ويشحذُ الهِمَم. يعود بطل قصَّتنا إلى بلده حاملاً شهادته الجامعيَّة فتفتح له وزارة الخارجيَّة في جدَّةَ أبوابها مرحِّبة بانضمامه إلى السلك الدبلوماسي، ويُذكر اسمه في مجلس وليِّ عهد ملك البلاد وهو يستشير صحبه عمَّن يعيِّنه معتمدًا للتعليم في الرياض، فيرشِّحون العائدَ من القاهرة للمنصب. ويُطلب من وزارة الخارجيَّة إبلاغه للتوجُّه إلى الرياض لمباشرة عملهِ. يمتَثلُ بطلنا للأمر، ويؤدِّي مهمَّته بمهارةٍ وإخلاص مما دفع سموَّ وزير المعارف اختياره ضمن طاقم وزارته حديثة العهد، فتتفجر طاقات العطاء لديه رافعة مستوى التعليم في المدن والقرى والأرياف، ومستقدمة المدرِّسين الأكفاء من دول الجوار، ومن أرضِ الكِنانةِ خاصَّةً. ويتوَّج عمله الهادف بالحصول على الموافقة الملكيَّة لإنشاء جامعة في الرياض، فكانَ مؤسِّسها ومديرها. وبما أنَّ لكلِّ مجتهد نصيب، فقد حظي من أُولي الأمرِ في الحكم بمنصب وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، ووزيرًا للعمل والشؤون الاجتماعيَّة؛ ليصبحَ الأقربَ من ملك البلاد وأكثر قربًا من الشعب وتطلُّعات أفراده لحياة أفضل. يدور الزمن دورته في حلقة عمل دؤوب داخل الوطن إلى مجال عمل في أرض الله الواسعة بدءًا بطوكيو سفيرًا مُقيمًا، وغير مقيم في الصين وكوريا الجنوبيَّة. ثم السويد ومن بعدُ في إسبانيا وكانت نهايةُ المطاف في لندن سفيرًا مقيمًا وغير مقيم لدى أيرلندا. محطَّات دبلوماسيَّة في دول ملكيَّة، بين بلدنا وبينها من العلاقات والآمال الشيءُ الكثير. وكان له حضورٌ مميَّز ودبلوماسيًّةِ رصينةٍ، تمكَّنَ من وتذليلَ العقبات وتخطِّي الصعابِ، وما أن ألقى عصا ترحالِ المفازاتِ الدبلوماسيَّة، حتَّى تركَ ثروةً لا تُحصى من المحبِّين والأصدقاء، منهم طلبةُ خريِّجو أكاديميَّة الملك فهد في لندن. لا بد أن قرَّاء هذا المقال قد تعرَّفوا إلى «غربةِ السفارة» في «حكاية بطلٍ من بلدي»، كما وثَّقها الأستاذ محمَّد بن عبدالله السيف؛ تحت عنوان: ناصر المنقور - أشواك السياسة وَغربةُ السفارةِ، وتركتُ لقرَّاء الكتاب التعرُّف إلى أشواك السياسة.

مشاركة :