دعا مثقفون عرب إلى وضع إطار تشريعي يحفظ للمبدعين حقوقهم، ويحمي الملكية الفكرية لما يقدمونه من أعمال، واستخدام التقنيات الحديثة في تطوير المهن الثقافية والإبداعية، وفق رؤية استشرافية مدروسة لتواكب مرحلة «ما بعد كورونا»، محذّرين من الخلط بين الثقافة الحقيقية والترفيه الاستهلاكي، مشدّدين على أهمية تطوير التعليم وتكريس التذوق الفني في نفوس الطلبة منذ الطفولة. وأكدت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، نورة بنت محمد الكعبي، ضرورة العمل على إصدار السياسات والتشريعات التي تمكن المبدعين العرب من توظيف مواهبهم وإبداعاتهم، وتحديث منظومة التشريعات القديمة لتتناسب مع روح العصر، وتطوير أسس العمل العربي المشترك في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية، إذ لم يلقَ هذا القطاع الاهتمام المطلوب في بعض الدول العربية، واستثمار قدراته لمصلحة شباب العرب. وأوصت الكعبي، خلال الجلسة، التي نظمتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألسكو»، عن بُعد، مساء أول من أمس، تحت عنوان «مستقبل المهن الثقافية والإبداعية»، بمشاركة المدير العام للمنظمة، محمد ولد أعمر، وعدد من المثقفين والمسؤولين، بتقديم التسهيلات والبرامج الحكومية للعاملين في المهن الثقافية والإبداعية، وإطلاق المنصّات الرقمية التي تساعد المبدعين على تسويق منتجهم الإبداعي إلى الأسواق العالمية. استدامة أوضحت الكعبي أن القطاع الثقافي استطاع، خلال أزمة «كوفيد-19»، توظيف التكنولوجيا في منطقتنا والعالم، للاستمرار في النشاط الثقافي واستدامة الإبداع خلال هذه الفترة الحرجة، داعية إلى البناء على ما تحقق من إنجازات وتجارب، والاستفادة منها على المدى الطويل في مرحلة ما بعد الأزمة. وأشارت إلى أن الإمارات أدركت أهمية الاقتصاد الإبداعي وتأثيراته الإيجابية على مجمل المنظومة الاقتصادية، إذ استثمرت في تأسيس مجمعات إبداعية استقطبت آلاف الشركات، ووفرت وظائف لعشرات الآلاف من المبدعين، وصاغت مفهوماً جديداً لريادة الأعمال الإبداعية في المنطقة. واستعرضت الوزيرة عدداً من المبادرات الإماراتية، معتبرة أنه «برز في الأزمة الأخيرة الاقتصاد الثقافي الرقم، هذا الشكل من الاقتصاد لم يكن موجوداً قبل الأزمة بشكل فاعل، الآن ستظهر لدينا الكثير من الأفكار الشركات المتخصصة في هذا المجال، وعلينا أن نكون جاهزين من الناحية التشريعية والتنظيمية لاستيعابها وتوفير المناخ الملائم لها». مراجعة شاملة من جانبه، أشار رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية ووزير الثقافة الفلسطيني السابق، الدكتور إيهاب بسيسو، إلى ضرورة الاهتمام بالهوية وصونها، وعدم تغليب التقنيات الحديثة عليها، مشدداً على ضرورة تنمية التذوق الفني في إطار تطوير التعليم. وأضاف: «نحن في حاجة إلى مراجعة شاملة لكل الجهود التي تبذل في مجال الثقافة، والتمييز بين ما هو ثقافي واستهلاكي لتطوير البنى الثقافية العربية، وذلك على صعيدين: الأول صعيد البنى التشريعية من أجل حفظ حقوق المبدعين، والثاني لدعم المؤسسات الثقافية التي تحاول خلق مساحة من العمل المشترك». لافتاً إلى أن الجائحة الحالية فرضت أبجديات جديدة على المشهد. في حين، دعا رئيس جامعة حمدان الذكية، الدكتور منصور العور، إلى تعميم تجربة التعليم الذكي على مستوى الجامعات في العالم العربي، وهو ما يتطلب جهداً ضخماً، خصوصاً في ما يتعلق بمعايير الجودة. كما طالب المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتوطين التكنولوجيا، بمعني توطين الوعاء الذي يتم من خلاله تقديم المحتوى، وتأسيس بنية تكنولوجية عربية، كما في تجربة كوريا الجنوبية والصين، مؤكداً أن العالم العربي يزخر بالعقول القادرة على القيام بذلك. كيان مشترك في ما يخص الإنتاج الفني، دعت المنتجة ناهد فريد شوقي، إلى إنشاء كيان عربي، مثل منصّة «نتفليكس»، يقدم أعمالاً فنية تطرح قضايا مشتركة مستمدة من الواقع الحياة في المنطقة، بما يسهم في حماية الإبداع العربي، ويحقق في الوقت نفسه عائدات اقتصادية كبيرة، ويمكن من خلاله ربط الأجيال الجديدة بواقعهم ومجتمعاتهم، بدلاً من تركهم للإعجاب بأفكار غريبة عنهم يتم زرعها في عقولهم. ودعت المنتجة المصرية إلى الاهتمام بالمبدعين باعتبارهم ثروة وطنية. وطالبت المبدعين بأن يدركوا أهمية تأثيرهم في المجتمع، والأثر الذي سيتركونه، ولذلك يجب على كل مبدع أن يهتم بانتقاء إنتاجه، وأن يعمل ليكون خالداً بأعماله في المجتمع». وشددت على ضرورة تطوير المنظومة التعليمية، لتقدم إنساناً قادراً على مواكبة التطور التقني السريع، وفي الوقت نفسه إعادة تدريس مواد مثل التذوق الفني والرسم والموسيقى منذ الطفولة، ليس فقط لإخراج مواهب جديدة، ولكن جمهور واعٍ قادر على تذوق الفنون واختيار الراقي منها ورفض الهابط. الفن والغناء في تناوله لمستقبل الفن والغناء في العالم العربي، وصف الفنان لطفي بوشناق، وضع الفنان والمثقف العربي بأنه «شديد الهشاشة»، على الرغم من أنه الوحيد القادر على إحداث تغيير في المجتمع في ظل الظروف الحالية، داعياً إلى العمل على حفظ حقوق المبدعين، واعتبار الأمن الثقافي مثل الأمن الغذائي والصحي. وأشار إلى أن التقنيات الحديثة لها ايجابياتها وسلبياتها، ويجب التعامل مع الجانبين. من جهتها، تحدثت الفنانة الدكتورة هبه القواس، عن وضع الأوبرا في العالم العربي، وقالت: «علينا أن نكتب تاريخاً قادماً من منطلق ثقافي إبداعي حقيقي وليس ترفيهياً أو استهلاكياً، وأن نعمل من أجل تصدير ثقافة عالمية عربية، وبناء ذائقة تسمع الموسيقى الدرامية والأوبرا، وهنا تبرز أهمية تطوير التعليم الفني في المدارس لنلغي التلوث السمعي من داخل الطلبة». واستعرضت المشروعات الفنية التي قدمتها بالتعاون مع الإمارات، من بينها إقامة حفلات عن بُعد في ظل الجائحة الحالية. رؤية إماراتية أشاد المشاركون بالرؤية الاستشرافية للمستقبل لقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في الإمارات، التي تعدّ من الدول السبّاقة في تبني استراتيجية وسياسة مخصصة للاقتصاد الإبداعي، تسهم في تحفيز نمو هذا القطاع، ليصبح رافداً من روافد المنظومة الاقتصادية. تطوير أسس العمل العربي المشترك في قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية. إعادة تدريس مواد مثل التذوق الفني والرسم والموسيقى منذ الطفولة. لطفي بوشناق أكد أن المبدع هو الوحيد القادر على إحداث التغيير. نورة الكعبي: «الإمارات استثمرت في تأسيس مجمعات إبداعية وفرت وظائف لعشرات الآلاف من المبدعين». منصور العور: «ينبغي تعميم تجربة التعليم الذكي بالجامعات العربية، وهو ما يتطلب جهداً ضخماً». ناهد فريد شوقي: «يجب إنشاء كيان عربي، مثل منصّة (نتفليكس)، يقدم أعمالاً تطرح قضايا من واقع المنطقة». تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :