تحليل البيانات.. قدرات خارقة في مواجهة «كوفيد- 19»

  • 6/8/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دبي: حمدي سعد أكد خبراء ومتخصصون على القدرات الضخمة لتوظيف تحليل البيانات القائم على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مواجهة «كوفيد19»، مشيرين إلى أن هذه التقنيات لديها قدرات لربط جميع شبكات المعلومات المتعلقة للسيطرة على انتشار الفيروس. وقال الخبراء إن علوم تحليل البيانات الآنية يمكن أن تقدم دعماً كبيراً وسريعاً جداً لاتخاذ قرارات مواجهة الفيروس في جميع القطاعات، فضلاً عن توفير قدرات استباقية للتنبؤ بالأخطار المتعلقة بمواقع انتشار الفيروس أو نفص الإمدادات. دعا الخبراء إلى ضرورة ترابط شبكات البيانات بين الأجهزة المعنية لمكافحة الفيروس وتبادل المعلومات معها بسلاسة تامة ولتكوين قواعد بيانات على درجة عالية من الدقة لاستخدامها في توفير كافة أشكال الدعم لخطوط الدفاع الأولى للحد من تأثيرات الوباء في السكان وفي الاقتصاد في آن واحد. وتتمتع الإمارات بأعلى نسب عالمية في انتشار استخدام الإنترنت السريع بالشبكات الأرضية وأعلى نسبة انتشار في استخدام الهواتف والأجهزة الذكية بين السكان، وتوافر البنية التحتية القوية المتعلقة بربط الخدمات الحكومية الذكية وتقديمها على مدار الساعة، الأمر الذي ساهم في ربط سكان الدولة مع الدوائر الحكومية والأجهزة المعنية لمواجهة «كوفيد19». البيانات الكبيرة أكد د.مارك لامبريخت، مدير إدارة الممارسات العالمية في الصحة وعلوم الحياة في شركة «ساس»، أن قادة الأعمال في العديد من القطاعات يلجأون إلى التقنيات الحديثة لمواجهة التحدّيات الجديدة، وهنا يبشّر الذكاء الاصطناعي، ولاسيما تقنيات تعلم الآلات، بتحسين القدرة على الحدّ من تأثير الأوبئة. وقد صُمّم تعلّم الآلات للتعامل مع كميات ضخمة من البيانات، والعثور على أنماط محددة في تلك البيانات، وتقديم التنبّؤات في كثير من الحالات. ونجد أنه في حالات تفشي الأمراض المعدية مثل «كوفيد19»، فإن للذكاء الاصطناعي وتعلم الآلات قيمةً مذهلةً في المساعدة على صناعة القرارات السليمة وتمكينها، ولاسيما في مجالي أتمتة التحليلات والمهام والعمليات. وإذا ما نظرنا إلى الذكاء الاصطناعي نجده يساعد في أتمتة تحليلات البيانات وتحديد الأنماط وبناء النماذج بالاستناد إلى المخاطر، للمساعدة في تحليل سيناريوهات انتقال العدوى، وهنا يتفوق الذكاء الاصطناعي في رؤية العلاقات والارتباطات التي قد لا يتمكّن البشر من العثور عليها أو ملاحظتها. دقة كبيرة وعن القدرة على التمكّن من زيادة دقة الذكاء الاصطناعي يقول لامبريخت: يتم ذلك من خلال أمرين الأول: ندمج مصادر المعلومات المتنوعة في مجموعات من البيانات التحليلية، كالسجلات الرسمية للإصابة وبيانات الطوارئ السريرية وسجلات الأطباء ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي وسجلات الطيران ومعدلات الغياب المدرسي وبيانات مبيعات الأدوية المضادة للحمى. أما المجال الثاني: فيتمثل في إمكانية أن يساعد الذكاء الاصطناعي والتحليلات المتقدمة في إنجاز المهام الملقاة على عواتق الأطباء والسكان بطريقة مؤتمتة، مثل استخدام برمجيات الدردشة الآلية لسرعة استبيان الأعراض المرضية لدى السكان. وبوسع هذه الأنظمة التعامل مع آلاف المرضى في الساعة، بخلاف مراكز الاتصال التي تحتاج إلى وقت طويل، ووضع تقارير عالية الدقة. ويمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في فحص البيانات المتعلقة بأمراض فيروسية مماثلة واستخدام هذه البيانات للتنبؤ بأنواع العقاقير واللقاحات الفعالة، كما يمكن تطبيقه على الاكتشافات والتجارب السريرية والتصنيع لضمان استخدام العقاقير واللقاحات الآمنة والفعالة المضادة للفيروسات. تدفق البيانات ويوضح لامبريخت أن الخبرات في تقنيات الذكاء الاصطناعي لا تتراكم بين عشية وضحاها، إذ تتطلب مقاديرَ مناسبةً من المعرفة والبيانات المنظمة المتدفقة ومواقف استباقية تنطوي على قيمة كبيرة عند حدوث جائحة مثل كورونا المستجد. ويضيف لامبريخت أن تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات يمكن أن تساعد في تحقيق الاكتشافات وإجراء التجارب السريرية والتصنيع لضمان الحصول في نهاية المطاف على العقاقير واللقاحات الآمنة والفعالة المضادة للفيروسات، كذلك يمكن لتحليلات البيانات الاستفادة من الأدلة الواقعية التي تُتاح في كل مرحلة من مراحل دورة حياة المنتَج. إن تحليلات البيانات بوسعها جمع كميات هائلة من البيانات وتحليلها بسرعة باستخدام قدرات التحليل التنبئية القائمة على الذكاء الاصطناعي واستخدام النماذج التحليلية الحاصلة على براءة اختراع للكشف عن المشكلات الناشئة بطريقة أسرع وأدق من أساليب الإنذار المبكر التقليدية، واتخاذ إجراءات تصحيحية استباقية لتحسين النتائج. والتحكم في العمليات باستخدام أساليب «النمذجة التنبئية»، مثل التواصل العصبي وتحليل الانحسار والتكتل والمراقبة التلقائية لجميع عمليات تصنيع الأدوية للمساعدة في ضمان الجودة المستمرة للمنتج. التحليلات التنبئية وعن مدى استخدم «التحليلات التنبئية» في المستشفيات للمساعدة في الحدّ من انتشار الفيروس قال لامبريخت: بدأت المستشفيات والمطارات في استخدام تقنيات التحليلات التنبئية لتحسين قدارتها على التنبؤ بالحالات التي تكون بحاجة إلى حضور الطواقم الطبية أو تسجيل خطر إصابة المرضى بالعدوى أو تقييم احتمالات وقوع مشاكل أمنية أو صحية بين المسافرين. ويؤكد لامبريخت أن هذا الأمر يتطلب استثمارات كبيرة في استراتيجيات تحليلية حقيقية قائمة على البيانات وتحظى بدعمٍ طويل الأمد من مجالس إدارة المستشفيات والمطارات، لا بل إن هذه الاستثمارات كان ينبغي أن تحدث قبل وقت طويل من وقوع أزمة صحية عالمية مثل الجائحة الراهنة. النماذج التنبئية لعلّ المسؤولين الصحيين يأملون في تقليل معدلات الوفيات في المناطق الأكثر تضرراً من الجائحة، عبر استخدام النماذج التحليلية التنبئية لرفع مستوى الكفاءة وتشمل هذه النماذج والأساليب التحليلية ما يلي: * تطبيق النماذج الوبائية وتنقيحها للتمكّن من توقّع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد ضمن منطقة محددة. *توقع الأعداد المحتملة للأشخاص المصابين التي تتطلب حالاتهم التدخّل الطبي، وتوقع مستوى الرعاية. *التنبؤ بعدد مقدمي الرعاية الصحية المطلوبين بناء على نمذجة السيناريوهات. استقرار النظام الغذائي وبالإشارة إلى قدرة تحليل البيانات في المساعدة على استقرار النظام الغذائي أوضح لامبريخت أن هذه الجائحة توجّه إنذارًا إلى جميع القطاعات، بما فيها تجارة التجزئة وسلاسل توريد السلع، وإن الشركات التي تتبع هذه الممارسات تتمتع بالقدرة الفورية على إدراك أي المنتجات والمصانع وشرائح العملاء هي الأكثر تأثرًا، فعلى سبيل المثال، يعاني العديد من تجار التجزئة قفزات هائلة في الطلب على أدوية البرد والإنفلونزا التي لا يستلزم الحصول عليها وصفة طبية، بنسب تزيد على 800 %، في حين يزداد الطلب على المواد الغذائية بنسب تتراوح بين 25 و50 %. ويمكن لشركات السلع الاستهلاكية التي تتبع ممارسات التنبؤ بالطلب، تحديد التأثير الذي يُحدثه الإفراط في التحميل أو التخزين، وتحديد قابلية التبديل بين المنتجات والفئات، علاوة على أي تحوّل كبير بين أنماط التسوّق سواء عبر الإنترنت أو داخل المتاجر. وبالنظر إلى تأثر سلاسل التوريد الطبية، وهل يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تجنّب الزيادة أو النقص المفرط في المعروض من السلع يقول لامبريخت: في حالات الأحداث غير المسبوقة مثل جائحة فيروس كورونا المستجد، يسارع واضعو الخطط المتعلقة بإدارة الطلب في جميع القطاعات، ولاسيما الإمدادات الطبية، إلى وضع سيناريوهات عالية المستوى لأفضل الاحتمالات وأسوئها وأوسطها. ومع تطوّر الأحداث وتتابع المستجدات ستبدأ النماذج في التعرّف الى أحدث التوجهات وستبدأ مجموعة النتائج المحتملة في التقلّص، كما يمكن أن تساعد النماذج في تحسين إدارة الموارد الشحيحة. وقال د.مارك لامبريخت، مدير إدارة الممارسات العالمية في الصحة وعلوم الحياة في شركة «ساس»: كلما زادت البيانات المتاحة لنا حول عدد الحالات، ومعدلات الإصابة والوفيات، وكيفية انتشار المرض، ومدى قدرة الفيروس على إحداث العدوى، كانت القرارات التي يمكن اتخاذها لوضع حد له والوقاية منه وعلاجه، أفضل وأكثر نجاعة. قدرات استباقية قال زكريا حلتوت، المدير التنفيذي لشركة «إس إيه بي» في الإمارات: نشهد إقبالاً قوياً من الجهات الحكومية ومزودي الرعاية الصحية والصيدليات في المنطقة عموما والإمارات خصوصاً على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وذلك لربط البيانات الخاصة بأعراض المريض، وتوظيف المتخصصين في الرعاية الصحية، وإدارة التوريدات الطبية وأسرّة المستشفيات، وذلك بهدف تعزيز تجارب المريض. ومن إحدى أهم الطرق التي يمكن أن يساعد بها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال هي إجراء المعاينة الاستباقية وتوجيه السكان، حيث يستطيع الناس من خلال الاستبيانات أو مراكز الاتصال القيام بإدخال تفاصيل الأعراض، ومن ثم يباشر الذكاء الاصطناعي بإحالتهم إلى موارد متاحة على الإنترنت أو نصيحتهم للاتصال بالطبيب ويمكن للحكومات ومزودي الرعاية الصحة توليد تقارير تتطرق إلى التوجهات والأنماط وطلبات المعلومات. كما يمكن للحكومات كذلك استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي في الإبلاغ المبكر عن المرضى المعرضين لمخاطر مرتفعة من خلال مشاركة النتائج وتحليلها بشكل آني، ما يتيح الفرصة لتخصيص خدمات العناية المركزة بشكل هادف وفعال. وفي ما يتعلق بمزودي الرعاية الصحية والعاملين على الخطوط الأمامية في أنظمة الرعاية الصحية والمستشفيات والصيدليات والعيادات، فباستطاعة أنظمة الذكاء الاصطناعي تتبع واستخلاص المعلومات الواردة عن احتياجات مقدّمي العلاج للمرضى من ناحية الموارد والسلامة والقدرة على التكيف وقدرات التواصل. قيمة كبيرة للبيانات بدوره قال تيري نيكولت، النائب الإقليمي للرئيس لوحدة أعمال المؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا الوسطى في شركة «سيلزفورس»: نلاحظ أن هنالك 3 مراحل في الخط الزمني لمرض كوفيد-19: الأولى كانت بداية الأزمة والاستجابة لها، والثانية المرحلة الراهنة في التعافي ومعاودة النشاط، والثالثة ستكون بداية الواقع الطبيعي الجديد والعودة إلى النمو. وفي ظل الأزمة الراهنة، أصبح للبيانات الرقمية أهمية أكبر من أي وقت مضى فالطب الإلكتروني يسهم بدور مركزي في الجهود المبذولة في الشرق الأوسط والعالم للتصدي لهذه الأزمة وأصبحت البيانات ذات قيمة أكبر في البحوث والصيدلة وإيجاد اللقاحات، وفي إدارة سلاسل التوريد لمعدات الوقاية الشخصية كما تقوم الشركات في أنحاء الشرق الأوسط والعالم باستخدام حلول الذكاء الاصطناعي والتحليلات الآنية للبيانات لأجل التصدي لفيروس «كوفيد19». ويضيف، يمكن للحكومات ومؤسسات الرعاية الصحية إقامة منظومة للكشف والوصول الاستباقي لمرضى الحالات الخطرة ونشر الوعي بين المرضى من خلال جمع وتحليل ومشاركة بيانات المرضى بشكل آني. تحليل الحالات الطبية فعلى سبيل المثال، تستعين مؤسسات الرعاية الصحية بأدوات مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحليل الحالات الطبية القائمة مسبقاً بهدف التوصل إلى درجة المخاطر الصحية، كما يتلقى المرضى توصيات صحية تلبي حالاتهم الشخصية مع منحهم القدرة على الاتصال بمزود الرعاية الصحية عن طريق دردشة الفيديو. وشهدت الأدوات الرقمية لتتبع أثر مخالطي المرضى ارتفاعاً، وفي هذا السياق، ينبغي للحكومات ومزودي الرعاية الصحية وشركات التقنية التعاون لضمان وضع ضوابط بين الصحة الشخصية والخصوصية، خاصة بتجنب التمييز اعتماداً على الأوضاع القائمة في الرعاية الصحية. وتشمل الحلول تقييم الحالة الصحية للموظفين وإدارة مناوبات العمل وتعقب مخالطي المرضى وإدارة الاستجابة للحالات الطارئة، إضافة إلى إدارة العمل الطوعي والهبات، وتوفير كافة موارد البيانات حتى تتمكن المجتمعات وقطاعات الأعمال من اتخاذ قرارات مستنيرة أكثر، فضلاً عن المشاركة بالتحليلات العالمية وأفضل الممارسات المعمول بها والعودة إلى الانتعاش. ضرورة حتمية للتقنيات قال سامر عبيدات، الرئيس التنفيذي لشركة «ستاليون» للذكاء الاصطناعي: ظهر فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» في فترة زمنية وجيزة كواحد من أكبر التحديات التي تواجه العالم وبالرغم من المحنة التي يمر بها العالم حالياً بسبب الوباء، انتهزت دولة الإمارات الفرصة لتوظيف العديد من تطبيقات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على أرض الواقع لتتبع انتشار الوباء والتشخيص المبكر للمصابين وتسريع عملية اكتشاف العلاج وتعقيم الأماكن العامة وإدارة الأزمة بفعالية ما يبرر العائد على الاستثمار الذي قامت به هذه الدول في البحث والتطوير في مجال علم البيانات والذكاء. وأضاف عبيدات: قامت العديد من الشركات ومختبرات البحث والتطوير والمؤسسات الحكومية حول العالم باستخدام هذه التكنولوجيا للتعامل مع الوباء الحالي من خلال تكنولوجيات ذكية متعددة مثل معالجة اللغات الطبيعية والتحليلات التنبئية وأنظمة الدردشة الآلية وأنظمة التعرف الى الوجوه والتعرف الى الأشخاص المصابين بالحمى وتتبعهم وأنظمة التشخيص الذكية والتعرف الى الأنماط وتحديدها من البيانات الضخمة ومما لا شك فيه أن الذكاء الاصطناعي يساعد الآن في مكافحة وباء كوفيد-19 ويساهم في كبح أسوأ آثاره. وطرح عبيدات 7 تطبيقات للذكاء الاصطناعي يتم استخدامها حالياً لمكافحة وباء كورونا وهي: أنظمة التنبؤ والتحذير من الأوبئة والدردشة التفاعلية الذكية والتشخيص المبكر وتكنولوجيا التعرف الى الوجوه والكشف عن الحمى والطائرة المسيرة والروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي في البحوث العلاجية وأنظمة التحقق من المعلومات الخاطئة. وقال عبيدات إن انتشار «كوفيد 19» وما سببه من آثار صحية واقتصادية واجتماعية سلبية، وضع دول العالم أمام اختبار حقيقي وجعلها تدرك أهمية الاستثمار في البحث والتطوير في مجال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبئية لدورها الملموس في التنبؤ والتشخيص واكتشاف العلاج خلال فترة قياسية، كما جعلنا ندرك أهمية كوادرنا الطبية وأهمية باحثي وعلماء ومهندسي الذكاء الاصطناعي والبيانات (التي أثبتت أنها تقنيات مكملة لمساعيهم) لإيجاد الحلول التي يحتاج اليها العالم بشدة خصوصاً في ظلّ هذه الظروف العصيبة.

مشاركة :