اعتبر خبراء مصريون، المبادرة المصرية حول ليبيا، التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمس (السبت)، "خارطة طريق" لإنهاء الأزمة عبر تسوية سلمية، بعيدا عن الخيارات المدمرة، وتحفظ الدماء والأراضي الليبية. وأعلن الرئيس المصري أمس عن توافق رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، والقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر، على مبادرة سياسة شاملة لإنهاء الصراع في ليبيا. وتدعو المبادرة كافة الأطراف إلى وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم غد (الإثنين) ، مع إلزام كافة الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، حسب السيسي. وتنص المبادرة أيضا على تفكيك الميليشيات، وتسليم الأسلحة حتى يتمكن الجيش الليبي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بالمهام العسكرية والأمنية فيي البلاد. كما تنص على " استكمال أعمال مهام اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف برعاية الأمم المتحدة.. وضمان تمثيل عادل لكافة أقاليم ليبيا الثلاثة فى مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة لإدارة الحكم فى ليبيا، وتوحيد المؤسسات الليبية بما يمكنها من أداء أدوارها.. ويحول دون استحواذ أي من الجماعات المتطرفة أو الميليشيات على مقدرات الدولة، إلى جانب اعتماد إعلان دستوري يضمن مقتضيات المرحلة المقبلة واستحقاقاتها سياسيا وانتخابيا". ويرى رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية سمير راغب، أن المبادرة المصرية حول ليبيا تعتبر بمثابة إطار عمل وخارطة طريق للخروج من الخيارات المدمرة للدول كحالة الصراع العسكري المفتوح الذي بسبب استنزاف الموارد والانتحار الوطني، أو حالة الصراع المجمد الذي يؤدي إلى الشلل الوطني. وقال راغب لوكالة أنباء (شينخوا) إن المبادرة المصرية فرصة للجميع للخروج بتسوية سلمية تعتمد على التفاعل والتعاون (الليبي-الليبي)، كبديل عن تفاعل التواجد الأجنبي . ولفت إلى أن المبادرة تضمنت انتقالا سياسيا دستوريا سلميا، يحوي جميع الليبيين، وتوزيعا عادلا للثروة والسلطة، وكذلك الاعتراف والتأكيد على كافة القرارات الأممية والدولية ذات الصلة، والمبادرة تطلب دعم القوة الوطنية الليبية على كافة التراب الليبي وخارجها. وأوضح أن المبادرة تتطلب حشد القوى الدولية وتمريرها بقرار صادر عن مجلس الأمن قابل للتنفيذ حتى تكون قابلة للحياة والتطبيق. وحذر من أنه حال عدم قبول المبادرة، ستكون البدائل المتاحة هي استمرار الصراع العسكري واستمرار التدخل العسكري الخارجي، وفي مقدمته التركي، مع زيادة تحول ليبيا لبؤرة جاذبة للمرتزقة والإرهابيين والقوى الأجنبية. وأشار راغب إلى أن المبادرة المصرية لدعم الدولة الليبية التي أعلنها السيسي، لم تخلق من العدم وإنما تنطلق من رؤية وثوابت السياسة الخارجية المصرية بداية من الصراع في ليبيا و وجاءت أيضا متطابقة مع الرؤية الليبية المتوافقة مع الدستور الليبي والأعراف السائدة في المجتمع الليبي. ونوه إلى أن التسوية السياسية والانتقال السلمي للسلطة عبر مسار دستوري يحفظ وحدة وسلامة وتكامل الأراضي الليبية، هو السبيل الوحيد لتسوية الصراع، وهو ما أكدت عليه المبادرة. وتعاني ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة بين الحكومة في طرابلس المعترف بها من المجتمع الدولي، وحكومة موازية في شرق البلاد يدعمها مجلس النواب وقوات "الجيش الوطني" بقيادة حفتر، منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011. من جانبه، اعتبر محمد فتحي الشريف الباحث في الشؤون الليبية، المبادرة المصرية من شأنها أن تساهم بشكل كبير في إنهاء الأزمة الليبية. وقال الشريف لوكالة أنباء (شينخوا) إن المبادرة المصرية جاءت في توقيت بالغ الأهمية والحساسية، وتأتي حقنا لدماء الليبيين، وحفاظا على مقدرات الشعب الليبي، وإحياء للمسار السياسي للأزمة الذي يسعى اليه المجتمع الدولي. وأضاف أن المبادرة جيدة جدا، وتستهدف حل الأزمة الليبية بشكل كامل، ومن شأنها أن تساهم في حل الأزمة، إذا ما نجح المجتمع الدولي في الضغط على تركيا لسحب المرتزقة الذين تدفع بهم إلى ليبيا وتوقف تسليحها للميليشيات التي تدعمها أنقرة. وشدد على أن الأزمة الليبية لن تحل إلا من خلال المسار السلمي، معربا عن توقعه بأن يضغط المجتمع الدولي خلال الأيام المقبلة بكل قوة على مختلف أطراف الأزمة الليبية وخاصة المدعومة من تركيا للجلوس إلى طاولة المفاوضات والحوار السياسي لتنفيذ ما جاء بالمبادرة المصرية. ونوه إلى أن المبادرة أسست على ما تم طرحه في كل المؤتمرات السابقة الخاصة بالشأن الليبي سواء في باريس أو باليرمو بإيطاليا أو ببرلين، بالإضافة لكل الاتفاقيات التي حدثت في موسكو وأبو ظبي وغيرها من الجولات والتي شملت كل الأطراف الليبية حتى يكون هناك حل سياسي حقيقي للأزمة في ليبيا. وأوضح أن بعض الانسحابات التي تمت من جانب الجيش الليبي والتي استبقت إعلان المبادرة المصرية، جاءت تلبية لمطالب بعض القوى الدولية الفاعلة مثل روسيا والولايات المتحدة الأمريكية لتمهيد الأرضية المناسبة لإنجاح المبادرة. ولفت إلى أن الدولة المصرية عندما طرحت هذه المبادرة كان لها تفاهمات مع كافة الدول في العالم، وهو الأمر الذي برز في مباركة وتأييد أغلب هذه الدول للمبادرة المصرية .
مشاركة :