تحليل إخباري: خبراء: "قمة دول الجوار" تستهدف محاصرة الأزمة السودانية وتسويتها

  • 7/11/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أكد خبراء مصريون أن "قمة دول جوار السودان"، التي دعت مصر إلى عقدها وتستضيفها يوم (الخميس) المقبل تستهدف بالأساس محاصرة الأزمة السودانية وتسويتها سلميا، ولفت انتباه المجتمع الدولي إلى تداعيات الأزمة على هذه الدول. وتوقع الخبراء أن تحقق القمة بعض النجاح خاصة في ظل وجود اتصالات مباشرة بين هذه الدول وطرفي الأزمة الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع (شبه النظامية) بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). وأعلنت الرئاسة المصرية أمس (الأحد) في بيان أن مصر ستستضيف مؤتمر قمة لدول جوار السودان (الخميس) المقبل، لبحث سبل إنهاء الصراع الحالي والتداعيات السلبية له على دول الجوار، ووضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة". وأوضح البيان أن هذه القمة تأتي "في ظل الأزمة الراهنة في السودان، وحرصا من الرئيس عبد الفتاح السيسي على صياغة رؤية مشتركة لدول الجوار المباشر للسودان، واتخاذ خطوات لحل الأزمة وحقن دماء الشعب السوداني، وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل". وقال الدكتور رمضان قرني خبير الشؤون الإفريقية ونائب رئيس الجمعية العلمية للشؤون الإفريقية، إن قمة دول جوار السودان التي دعت إليها مصر تأتي في إطار البحث عن حلول عربية وإفريقية للأزمات الراهنة، كما أنها تأتي في سياق الجهود المصرية مع القوى الإقليمية والدولية لمحاولة حل واحتواء الأزمة الراهنة بالسودان، وذلك منذ اللحظة الأولى للأزمة وطرح مبادرة مصرية - جنوب سودانية مشتركة والتواصل مع كينيا وتشاد والقوى الدولية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين. وأضاف قرني، لوكالة أنباء ((شينخوا))، "في تصوري أن أهداف مصر من هذه القمة لن تخرج عن الأهداف التي أعلنتها القاهرة منذ اليوم الأول للأزمة وتنحصر في الأهداف والتوجهات الرئيسية المتمثلة في الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ووحدة التراب السوداني، حقن دماء المواطنين السودانيين وحفظ مقدرات الدولة السودانية". وحول طبيعة وملامح القمة المقررة، أوضح أنه رغم أن القمة تحدثت عن دول الجوار بشكل عام غير أن القاهرة تحدثت عن دول الجوار المباشر، مشيرا إلى أنه طبقا للامتدادات الجيوستراتيجية والجغرافية للسودان فإنه يشترك في الحدود المباشرة مع 7 دول رئيسية وهي مصر، ليبيا، تشاد، جنوب السودان، إثيوبيا، إريتريا، وإفريقيا الوسطى، وهو ما يؤكد أهمية الأبعاد الجيوستراتيجية للأزمة. ونوه إلى أن التحرك المصري جاء ليبعث برسالة غير مباشرة وينبه المجتمع الدولي إلى أن التحركات والمسارات الإقليمية والدولية الحالية أغفلت أو أهملت التنسيق مع دول الجوار المباشر وهي الدول المعنية مباشرة بتداعيات الأزمة السودانية، مشددا على أن هذه الرسالة مهمة جدا جدا. وأشار إلى أن تحركات منظمة الـ "إيجاد" (IGAD) ، والوساطة التي تقوم بها بعض الدول مثل السعودية بالتعاون مع الولايات المتحدة، والرباعية الدولية، والآلية الثلاثية التي تضم الايجاد والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، كل هذه التحركات أغفلت التعامل المباشر مع دول جوار السودان. وأعرب الدكتور رمضان قرني عن اعتقاده بأن الرسالة الأولى للقمة هي أنه آن الأوان كي يضع المجتمع الدولي والقوى الإقليمية والدولية دول جوار السودان المباشر في صلب الأزمة وأن يكونوا جزء من الخيارات الدبلوماسية والتسوية السياسية للأزمة. ولفت إلى أن دعوة القمة كان لديها نوعا من الطرح البراجماتي، مؤكدة على أن الأزمة شديدة الخطورة وممتدة منذ منتصف إبريل حتى الأن ولم يبدو أي بوادر لحلها سياسيا، وحتى المبادرة الأخيرة لـ "إيجاد" للجمع بين برهان وحميدتي لم تنجح. وأوضح أن مصر تدرك جيدا أن دول الجوار وحدها لن تنجح في تسوية الأزمة لذلك أكدت دعوة القمة على تسوية الأزمة بالطرق السلمية بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى. وتوقع قرني أن من بين الأطروحات التي ستعرض على القمة أن يكون هناك مشروعا لإعادة إعمار السودان مستقبلا، باعتباره أصبح ملمحا أساسيا لحل الأزمة الراهنة بالسودان، وبالتالي هناك حاجة ملحة لوجود دعم دولي وإقليمي ومساندة المؤسسات الدولية لهذا المشروع المستقبلي. وعن فرص نجاح قمة جوار السودان في تسوية الأزمة، قال خبير الشؤون الإفريقية إنه في ضوء الطبيعة الصفرية للأزمة السياسية الراهنة في السودان وأن كل طرف يسعى للحصول بكل المكاسب منها ربما لا يمكن من الوصول بشكل مباشر إلى حل سريع للأزمة. واستطرد قائلا، "ولكن أعتقد أنه سيكون هناك بعض المكاسب لهذه القمة تتمثل في إيجاد دور لدول الجوار المباشر في حل الأزمة، والتحرك لدى المؤسسات الدولية لدعم هذه الدول في مواجهة تداعيات الأزمة السودانية عليها، كما أن هذه الدول لديها علاقات مباشرة مع طرفي الأزمة سواء قوات الدعم السريع أو الجيش السودان، بما يمكنهم في الحد الأدنى إلى التوصل لفترة هدنة طويلة يتم خلالها البحث عن تسوية سياسية للوضع الراهن، والبحث عن توافقات سياسية تحافظ على مقدرات الدولة السودانية". ويشهد السودان منذ 15 أبريل الماضي مواجهات مسلحة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى. وأدت الاشتباكات إلى مقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص وإصابة ما يزيد على ستة آلاف آخرين، وفق إحصاءات وزارة الصحة السودانية. من جانبه، قال رامي زهدي رئيس وحدة الدراسات الإفريقية بمركز ايچبشن انتربرايز للدراسات الاستراتيجية، إن القمة تأتي بعد أن أصبح تداخل دول جوار السودان أمر يفرضه الواقع لتأثرها الشديد بما يحدث بالسودان بدون استثناء. وأوضح زهدي لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن السودان له 7 دول جوار مباشر، بالإضافة إلى نحو 10 دول جوار غير مباشر، وجميعها متأثر بالأزمة السودانية، أمنيا في ظل فقدان السيطرة على الحدود على الأقل من الجانب السوداني، بالإضافة إلى خطر تمدد الصراع إلى هذه الدول، واقتصاديا نتيجة توقف حركة العبور من وإلى السودان، فضلا عن حركة النزوح والفرار من السودانيين نتيجة الصراع هناك إلى هذه الدول، حيث استقبلت هذه الدول مئات الألاف من السودانيين. وبحسب إحصاءات للأمم المتحدة، فقد فر أكثر من 2.8 مليون شخص بسبب النزاع، منهم ما يفوق 2.2 مليون داخل البلاد ونحو 615 ألف لاجئ وطالب لجوء وعائد عبروا الحدود إلى دول الجوار، التي تشمل إفريقيا الوسطى، تشاد، مصر، إثيوبيا، اريتريا، وجنوب السودان. وتابع رئيس وحدة الدراسات الإفريقية بمركز ايچبشن انتربرايز للدراسات الإستراتيجية، قائلا "كل ذلك جعل لزاما على دول الجوار التدخل لتسوية الصراع السوداني واحتواء التحديات التي تواجه دولهم جراء هذه الأزمة، إذ لم يعد الأمر تطوعا أو مجرد محاولة لبذل جهود لتحقيق الأمن والسلم في القارة الإفريقية، فقد أصبح الأمن والسلم لهذه الدول مهدد بشكل مباشر". ونوه إلى أنه ما يزيد من حدة الضغوط أن الأزمة السودانية يبدو أنها ستكون طويلة الأمد ولن تتوقف في المدى القريب إذا لم تبذل جهود حثيثة لذلك حتى ولو انتهت الحرب فسوف تكون لها تبعات اقتصادية وتنموية ستعاني منها السودان بشدة، مشيرا إلى أن ما حدث هو عملية تدمير للدولة السودانية بالكامل. ولفت زهدي إلى أن قمة جوار السودان سيتم خلالها طرح الأفكار والرؤى لحلول سياسية للأزمة، خاصة وأن هذه الدول تمتلك ضغوطا جيوسياسية على أطراف الصراع، ولديها حدود مشتركة هائلة مع السودان. وأوضح رئيس وحدة الدراسات الإفريقية بمركز ايچبشن انتربرايز للدراسات الإستراتيجية، أن دول جوار السودان ستعمل خلال القمة المرتقبة على محاصرة هذه الأزمة داخل السودان ومحاولة تسويتها، وضمان عدم اتساعها أو امتدادها إلى أي منها، مشيرا إلى أن هذه الدول لديها قدرات لتقديم مساعدات إنسانية تحتاج إليها السودان بشدة في هذا التوقيت.

مشاركة :