بثلاثة أعمال رمضانية هي «بنت الشهبندر» و«السبعة» و«24 قيراط»، يتواجد الفنان اللبناني فادي إبراهيم بقوة على شاشات الشهر الكريم. اللافت أن الأعمال الثلاثة تندرج تحت إطار الدراما العربية المشتركة، التي يقول إبراهيم إنها موجودة منذ سبعينات القرن الماضي، ولا تزال مستمرة حتى اليوم، وتمثل حالة فنية قائمة في ذاتها. فادي إبراهيم، الذي يصرّ على أن الدراما المحلية لا تؤمّن للممثل اللبناني الدخل المادي الذي يستحقه، رأى في حواره لـ «الراي» أن بعض النجوم اللبنانيين حققوا انتشاراً عربياً، منوّهاً بتجربة الفنان عمار شلق الذي كان من المفترض أن يشاركه مسلسل «مولانا العاشق» الذي يُصوّر في كرواتيا، ولكن الأمر تَعذّر لأسباب مختلفة. وعبّر إبراهيم عن عشقه للأعمال التاريخية، حيث يرى «أن في التاريخ ميزات لم تعد موجودة اليوم، وربما من خلال الدراما يمكن للتاريخ أن يحسّن الحاضر والمستقبل»، وأشاد بتجربة المخرج شوقي الماجري الذي أكد أنه يعتز بالتعامل معه، مشدداً على أهمية دور المخرج في اختيار الأعمال التي تحمل قيمة في مضمونها. وتحدث إبراهيم عن العديد من القضايا، وهنا التفاصيل: ● إلى جانب مسلسليْ «بنت الشهبندر» و«السبعة» تشارك أيضاً في مسلسل «24 قيراط». هل يمكن القول إن الدور الأساسي لك هو في «بنت الشهبندر»، كونك تجسد شخصية «الشهبندر» والد سلافة معمار في المسلسل؟ - دوري يُعتبر من الأدوار الأساسية في «بنت الشهبندر»، أما مسلسل «السبعة» فهو مؤلف من 15 حلقة، وأجسد فيه شخصية من الشخصيات السبعة الرئيسية في العمل وكلهم من الرجال، أما في «24 قيراط» فقد اتصلوا قبل يومين من تصويره وعرضوا عليّ المشاركة ووافقتُ. ● على أيّ أساس يمكن أن توافق على عمل عُرض عليك في اللحظة الأخيرة. هل لأسباب مادية مثلاً؟ - بل بسبب الشخصية، فإما أن تجذبني الشخصية أو لا تجذبني، وأنا أقدم شخصية «المعلّم» وهي شخصية مميزة في المسلسل. العمل هدية مني لأسرة «24 قيراط»، وهو عبارة عن ثلاثة مشاهد ولا يستغرق تصويرها سوى يومين. ● هل هذا يعني أن ثلاثة مشاهد لا تستحق أن تتقاضى أجراً عليها؟ - بل لأنها المرة الأولى التي أتعامل فيها مع المنتج جمال سنان، الذي أعرفه وجلستُ معه سابقاً. ● على ما يبدو أنك تؤسس لمرحلة مقبلة من التعاون بينكما؟ - أنا لا أفكر بهذه الطريقة، ولكنه احتمال وارد. ● اللافت أن المسلسلات الثلاثة هي أعمال مشتركة، فهل يعود السبب إلى التركيز على إنتاج الدراما المشتركة، كون الجمهور لم يعد يهمه سوى مشاهدة الأعمال المشتركة؟ - بدايتي كممثل كانت من خلال الدراما المشتركة مع رشيد علامة. وأنا أتحدث عن فترة السبعينات حيث كانت كل المسلسلات تاريخية ومشتركة، ولكن المشكلة أنه لم تكن توجد فضائيات، ولذلك لم تنتشر تلك الأعمال ولم يسمع بها الناس، ومَن كان يشاهدها هو جمهور البلد الذي يُعرض فيه العمل. أنا شاركتُ في مئات الساعات من الأعمال المشتركة مع ممثلين سوريين ومصريين وأردنيين وسعوديين وتونسيين ولبنانيين. ● هل تقصد أن الدراما المشتركة، ليست جديدة ولكنها انتشرت اليوم بوجود الفضائيات؟ - نعم، وهم يركزون عليها في هذه المرحلة لأن الناس يحبون مشاهدتها. ● هذا يعني أن الدراما العربية المشتركة ليست مجرد ظاهرة وتنتهي؟ - كلا. بل هي حالة قائمة منذ عشرات السنين. ● هل ترى أن الدراما المحلية أُلغيَ دورها بوجود الدراما المشتركة؟ - على أي مستوى تقصدين! ● على مستوى المشاهدة والتسويق؟ - على مستوى المشاهدة في لبنان، يبقى للدراما المحلية جمهورها. ● ولكن الدراما السورية المحلية ومثلها الدراما المصرية المحلية، مكانهما محفوظ في السوق العربية. لماذا لا ينطبق الأمر نفسه على الدراما اللبنانية المحلية؟ - لأن تركيبة المجتمع اللبناني تختلف عن تركيبة المجتمعات الأخرى العربية. ونحن نكاد نلامس الحرية المطلقة. ● هل تقصد أن المجتمع العربي يرفض الدراما اللبنانية بسبب جرأتها؟ - كلنا يعرف أن العرب يقصدون لبنان لأنه بلد حرّ ومختلف في مناخه ومائه. المسألة لا علاقة لها بالجرأة فقط، بل بتركيبة المجتمع. ومشكلة الرقابة ليست جديدة، بل هي كانت موجودة منذ زمن بعيد. محطات التلفزة كانت ولا تزال ترفض شراء المسلسل اللبناني، إلا إذا كان باللغة العربية الفصحى. ● وهذا الكلام، ينفي ما يقال من أن عدم نجومية الفنان اللبناني عربياً هي السبب الذي يحول دون تسويق الأعمال المحلية؟ - هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، والمسألة لا علاقة لها بالنجوم. ● وهل ترى أن النجم اللبناني منتشر عربياً؟ - لا شك أن بعض النجوم اللبنانيين حققوا انتشاراً عربياً، وكثيرون في العالم العربي يعرفوننا. ● ولكننا نلاحظ أن المنتجين في الدراما المشتركة، لا يراهنون على النجم اللبناني، بل يجب أن يكون هناك نجم عربي يشاركه البطولة؟ - لا أعتقد أن كلمة مراهنة في مكانها. ● أنا أقصد بالمراهنة الاتكال على الممثل اللبناني للتسويق للعمل؟ - أنظري ماذا حقق عمار شلق في مصر. ● هل أحببت تجربة عمار في مصر؟ - أنا لم اشاهد العمل. عمار صوّر «مولانا العاشق» في كرواتيا، ومعه الفنانة باميلا الكيك، وكان من المفترض أن أشارك أنا أيضاً في المسلسل، ولكن بعدما اتفقتُ معهم على أن أسافر إلى كرواتيا، على أن أعود يوماً واحداً إلى لبنان، رفضوا هذا الطلب. إلى ذلك كان من المفترض أن تكون مدة التصوير 8 أيام، ولكنهم ما لبثوا أن تراجعوا وأرسلوا لي خبراً أن مدة التصوير 15 يوماً، ولذلك شعرت بأن ثمة مشكلة ما، وأنا لا يمكنني أن أمكث لمدة 15 يوماً في كرواتيا. ● وهل شعرتَ بأن المشكلة مفتعلة أم طارئة؟ - بصراحة لا أعرف ما الذي حصل، ولكن هم تكلموا معي وأكدوا لي أن التصوير لن يزيد على ثمانية أيام، وبعد يومين أخبروني أن التصوير يحتاج إلى ما لا يقلّ عن 15 يوماً، ما يعني مشكلة في التواصل بين الإنتاج والإخراج، مع أنه لا يفترض أن يحصل ذلك، أو ربما الأمر له علاقة بموقع التصوير. لا أعرف ما الذي حصل، ولكن الموضوع لم يُرِحني. ● في شكل عام هل تشعر كممثل بأنك مرتاح كونك تعمل في مهنة التمثيل، بعد معاناة كبيرة وطويلة عاشها كل الممثلين اللبنانيين؟ - نحن نعاني على المستوى المحلي، لأن المهنة لا تدرّ علينا الدخل العادل الذي من المفترض أن يريحنا، ولكن هناك مشكلة يعرفها الجميع، وهي أن كل المحطات التلفزيون اللبنانية تعاني أزمات. ● حتى المحطات العربية تعاني أزمات؟ - كل المحطات التلفزيونية تعاني مشاكل مادية، منذ أن استغنت الدولة عن الوكالات الحصرية. ● لكن في المقابل، محطات التلفزيون تدفع مئات آلاف الدولارات للفنانين عند استضافتهم في البرامج الحوارية؟ - هذا صحيح، ولكن «التوك شو» يقوم على شخصين، وتكلفته أقل من الدراما. أحياناً يُجبِر المشاهد المحطة على إنتاج أنواع معينة من البرامج. ● هذا عدا عن أن الدراما التركية تجتاح هواء الفضائيات العربية؟ - هذا صحيح. ● هل لا تزال الدراما التركية تسبب إزعاجاً لكم؟ - ممكن، ولكنني لا أشاهدها. ● من خلال متابعة الإعلانات الترويجية الخاصة بدراما رمضان، بدا أن أياً منها ليس محمّساً للمتابعة، والغالب عليها هو التكرار في الأسماء والوجوه والتركيبات الدرامية وكأنها قصص مستنسخة أو معرّبة. فهل أصبحنا أمام إنتاج درامي يتميز بالكمّ وليس بالنوع مجاراة لموسم رمضان الذي تسيطر عليه المنافسة؟ - لطالما كان رمضان هو موسم للإنتاجات الدرامية، لأن سعر الحلقة في رمضان أغلى من سعرها خارج هذا الشهر الفضيل. وعندما تتنافس المحطات والفضائيات وتدفع مبالغ أكبر كي تشتري مسلسلات وبرامج، يصبح أحد هموم المنتجين إنتاج أعمال لمحطات تدفع لهم أكثر، كي يتمكنوا من تغطية المصاريف التي دفعوها، ومن ثم يبيعونها عرضاً ثانياً. ● وهل هذا الكلام يؤكد أن رمضان هو موسم لإنتاج أكبر كمّ ممكن من الأعمال، وليس لتقديم نوعية جيدة منها؟ - لا يمكن أن ننكر أن هناك أعمالاً لها وقعها وتترك أثراً في نفوس الناس ويُقدّم منها أجزاء. عندما دخلتُ مجال التمثيل، كنا في بداية الثمانينات نقدم مسلسلات تاريخية في رمضان كي نبيعها للمحطات العربية التي كان يهمها استقطاب الجمهور الموجود في بيته، ومن الطبيعي أن تعمل أي محطة لجذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين الصائمين الجالسين في بيوتهم، لأن التلفزيون هو وسيلة للترفيه. وعندما صارت مروحة الخيارات عند المحطات أكبر دخلت في منافسة في ما بينها، لأن كل محطة يهمها إرضاء جمهورها من خلال تقديم الأعمال المميزة، وكلنا يعرف أن رمضان يشكل موسماً للإنتاجات الأهمّ، عدا عن أن سعر الحلقة فيه يختلف عن سعرها خارجه وبسبب التنافس أيضاً. ● شخصياً هل تفضّل العمل في الدراما المشتركة لأنها ترضيك كممثل أكثر؟ - لا مشكلة عندي. اختيار العمل، سواء كان محلياً أو عربياً، يرتبط بالنسبة إليّ بالمسلسل والقصة والمنتج والدور والمخرج. وهناك مخرجون أرتاح للتعامل معهم أكثر من غيرهم لأنهم يحرصون على اختيار الأعمال المميزة. ومن بينهم على المستوى العربي، المخرج شوقي الماجري الذي تعاملتُ معه في مسلسل «أسمهان»، والذي يعرف الناس أعماله من ألوان صورته، كما شاركتُ معه في مسلسل «الأمين والمأمون» التاريخي. أنا شخصياً أعشق التاريخ، لأنني أعتبر أن تاريخنا كان يحمل مزايا فقدناها اليوم، وربما نتمكن باستدعائه من تحسين حاضرنا ومستقبلنا، وربما ينجح العمل التاريخي في ترك بصمة أو أثر إيجابي في النفوس، ولذلك أنا أستمتع بهذا النوع من المسلسلات، كما حصل معي مثلاً في «بنت الشهبندر». الأعمال التاريخية تهمني أكثر من الأعمال المودرن، عدا عن أنني أعشق اللغة العربية.
مشاركة :