طالب مختصون اجتماعيون بإقرار عقوبات رادعة وسن القوانين اللازمة للحد والقضاء على حالات التحرش بالنساء في الاسواق والمجمعات التجارية، لاسيما بعد انتشارها بين اوساط الشباب بشكل مخالف للدين والتقاليد والعادات. ولعل حادثة التحرش التي وقعت مؤخرا في احد المجمعات التجارية في مدينة الظهران خير دليل على ضرورة تنفيذ حملات لتوعية الشباب بخطورة تصرفاتهم على المجتمع بشكل عام. وفي هذا الاطار تقول فاطمة محمد، اسباب التحرش كثيرة ولكن اهمها عدم وجود رادع قوي ولا قوانين تضبط المتحرش، فأخشى لو ذهبت لأشتكي في المحكمة ان يطلب مني القاضي احضار شهود على الحالة او اجلد، ولا ننكر انه الشرع لكن الظروف اختلفت في زمننا وبات لا بد من الوقوف مع الفتيات حتى لا يكن ضحية القهر والسكوت عن مثل هذه الجريمة في حق المراة لاسيما ان مجتمعنا محافظ وياخذ بظواهر الامور دون تقصي الحقائق ومثل تلك التحرشات قد تؤثر على مستقبل الفتاة حتى لو كانت ضحية وحتى لو توقف الامر على سمعتها كفتاة، فالشاب حتى لو كان له ماض اسود يبقى في مجتمعنا رجلا لا يعيبه عيب وهو مقبول في المجتمع كرجل بكل عيوبه اما نحن فلا يحق لنا حتى الكلام عن تلك الجريمة بشكل او بآخر فقد تتعرض الفتاة للتحرشات او الابتزاز وتسكت، ولهذا يستمر المتحرشون في ممارسة الايذاء والتحرش حيث يعرفون ان المجتمع والعادات والتقاليد نادرا ما تنصف المرأة خاصة بهذا الشان. وترى انه بات من الضروري ان تقوم المرأة بحماية نفسها بشكل ذاتي خاصة في ظل تساهل المجتمع وتخاذله عن انصافها، وتضيف استغرب عدم وجود أدوات دفاع عن النفس وعدم انتشارها في الاسواق رغم حاجة أي امرأة اليها سواء في بلدنا او غيرها من البلاد. مرض شبابي ووصفت سمية جعفران التحرش بالفتيات بالمرض الذي يصيب الشباب في كافة المجمعات، وارجعت اسبابه الى اللبس الملفت للانتباه او التفاعل مع التحرشات اللفظية ولكن هذا لا ينفي الاسباب الاخرى المتعلقة بالشباب وابتعادهم عن الاخلاق الاسلامية من خلال التحرش اللفظي والجسدي مما يجعل الفتيات في حاجة الى الدفاع عن انفسهن بكافة الطرق فلماذا لا توجد مراكز لتعليم الفتاة فنون الدفاع عن النفس من اساليب الرياضات المختلفة كالجودو والتايكوندو. فراغ قاتل وقال الشاب علي محمد، بدأ التحرش بالظهور لعدة اسباب اهمها ضعف الوازع الديني لدى الشباب وعدم تقيدهم بالاخلاق الاسلامية، فالشاب قد يلاحق الفتاة المهيأة لذلك اما المحتشمة لا يتجرأ على مضايقتها، وقد يكون المتحرش تعرض لظروف وامراض نفسية متراكمة اوصلته لهذه الحالة. وأضاف يجب على الشباب الحرص على الصحبة الصالحة وعلى الاسرة مساعدتهم في ذلك، فلا يوجد أي مسوغات للتحرش ولكن الشباب ينقصهم الكثير من الاحتياجات التي تستغل اوقات الفراغ لديهم وتنمي مهاراتهم بدلا من تركهم مستسلمين للفراغ القاتل الذي يدفعهم للقيام بتصرفات خادشة ولا تمت للمجتمع بصلة. من جانبه ذكر الاخصائي الاجتماعي استاذ علم النفس بجامعة القصيم الدكتور عبدالعزيز المشيقح، ان ظاهرة التحرش حديثة وغريبة على مجتمعنا ولم تأت من فراغ وبدأت في الظهور مع اختلال دور الاسرة وتجلي قيم كنا نحاربها ووجود تركيبة سكانية متشابكة اضافة الى تنامي وسائل التواصل الاجتماعي الذي كنا نحذر منه وكذلك ان مثل تلك التحرشات العلنية لا تتعرض لها الا فتيات لديهن استعداد لذلك كأن تكون متبرجة، فعلى الفتاة الاحتشام في لبسها وعدم تعريض نفسها لمثل تلك التحرشات، اما الاعتداء فيختلف عن التحرش وهو جريمة يعاقب عليها القانون فمثلا ما حصل في المنطقة الشرقية من احداث مؤخرا هو اعتداء وليس تحرشا ويجب ان تتخذ عقوبات صارمة وجازمة تتكفل بردع المعتدي حتى يصبح عبرة لغيره، فمثل تلك التصرفات تعتبر اعتداء على حرية الانسان وكرامته وعلى أمن الاسرة والمجتمع. واضاف يوجد العديد من الاسباب التي ساهمت بشكل او باخر في ظهور التحرش بالفتيات من ضمنها هجوم المجتمع على الشباب فشبابنا يفتقد الانتماء الاجتماعي وهناك قصور في المراكز الثقافية والترفيهية التي يمارس فيها الشاب هواياته ويفرغ فيها طاقاته بشكل ايجابي فلا يوجد لدينا مراكز متطورة تحاكي احتياجات الشباب في جميع مدن المملكة كباقي دول العالم، وقد تكون في بعض المدن لكن على استحياء، فبيوت الشباب التي كنا نتمنى ان تكون رمزا هي في الحقيقة تتوارى داخل المدن الرياضية التي هي اساسا مغلقة حتى شبابنا لا يعرفون المدن الرياضية الا وقت المباريات، فهي مبان حديثة واندية ضخمة مؤهلة ومجهزة لكن لا يدخلها الشباب، فالمبالغ والرسوم عالية جدا، كما ان حرمان الشباب من الاساتذة المثقفين في التعليم الذي يحمل مسؤولية جزء من الاشكالية اذ ليس هناك اساتذة ذوو ثقافة عالية بل يقتصر الامر على تخصص معين او مادة معينة لكن جميل ان نجد استاذا لديه خبرة في كل المعارف يعين طلابه على مواجهة المشاكل التي قد تواجههم، فالتعليم بحاجة الى اساتذة مثقفين وليس متعلمين، فضلا عن ان اختفاء ثقافة العيب بين الشباب ساهم في ظهور العديد من السلبيات في المجتمع يصعب السيطرة عليها نظرا لتنامي المدن وتزايد الكثافة السكانية. وانتقد الدكتور المشيقح غياب العقوبات الصارمة التي يجب اتخاذها في حق المتحرشين. في المقابل، شدد التربوي فهد يوسف النفيعي على أهمية دور الوالدين في التربية، وخاصة الأم، وقال «لا بد أن يواجه التحرش بالنهي القاطع»، فيما أرجع التربوي جارالله العجمي انتشار هذه الظواهر إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وقال إنها تلعب دورا في إضلال الشباب والفتيات والتأثير على أخلاقهم، داعيا الشباب إلى معاملة الفتيات معاملة الأخ لأخته، فيدافع عنهم ويحميهم لا أن يتعدى عليهم.
مشاركة :