"طبيب ينسى مقصاً داخل أحشاء مريض، وآخر ينسى شاشاً، وثالث يعطي مريضاً جرعة بنج زائدة". ويتزايد ضحايا الأخطاء الطبية، وتظل هذه الأخطاء قضية شائكة تتصدر اهتمام الناس والمجتمع بأطيافه كافة. (الجزيرة أونلاين) ناقشت هذه القضية مع عدد من القانونيين والباحثين الصحيين؛ فخرجت بالتالي.في البداية يؤكد المحامي والمستشار القانوني طلال بن عبـدالله الهندي أنه تزايدت في الآونة الأخيرة ظاهرة الأخطاء الطبية لدينا بشكل كبير، مبيناً أن الفقهاء عرفوا الخطأ الطبي بأنه: "كل مخالفة أو خروج من الطبيب في سلوكه على القواعد والأصول الطبية التي يقضي بها النظام العام، والمتعارف عليها نظرياً وعملياً وقت تنفيذه العمل الطبي، أو إخلاله بواجبات الحيطة والحذر واليقظة التي يفرضها القانون وواجبات المهنة على الطبيب، متى ترتبت على فعله نتائج جسيمة، في حين كان في قدرته، وواجباً عليه، أن يكون يقظاً وحذراً في تصرفه حتى لا يضر بالمريض".وقال الهندي: "مهنة الطبيب تعد من المهن التي لا تحتمل الخطأ، لأنَّ الطبيب يتعامل مع جسد الإنسان وحياته وكيانه المادي والمعنوي، فالخطأ الطبي هنا له أثر بالغ على المريض الذي وثق فيه وسلَّم له جسده، وبالتالي فإن أيّ خطأ قد يسلب من الإنسان روحه أو يحرمه من وظيفة عضو من أعضائه أو يشوه جسده"، لافتاً إلى أنه "يترتب على ذلك حرمانه من التمتع بقدراته الجسدية، وقد يصل الأمر إلى حرمانه من مصدر عيشه وعيش أسرته. ولكن السؤال هل العقوبات المقدرة على تلك المخالفات تساوي الضرر الواقع؟ ومع أن هناك لجنة قضائية مختصة وهي دعوي الأخطاء الطبية، وهي (الهيئة الصحية الشرعية)؛ فإن قراراتها تكون على مرتكب الخطأ الطبي فقط دون المساس بالمستشفى أو الجهة الطبية. وكما هو معلوم بأن التأمين يغطي قيمة الدية أو التعويض أو الإرش المحكوم به؛ لذلك لابد من إضافة عقوبات أخرى على المستشفى أو الجهة التي حدثت فيها المخالفة أو الخطأ الطبي حتى تكون العقوبات رادعة ومتساوية مع الفعل. وكذلك التعويض عن الضرر الأدبي الذي أصاب المضرور وذويه؛ لذلك لابد من إعادة النظر في كامل الموضوع، وإذا كنا نريد أن نخفف أو نحد من هذه الظاهرة فلابد من سن قوانين جديدة وقوية لحفظ حق المضرور وذويه، وحتى تقل تلك الأخطاء".وأبان الهندي أن القاضي يعتمد في إثبات موجب المسؤولية على أدلة الإثبات التي منها الإقرار وهو أقوى الأدلة.والشهادة كشهادة طبيب أو شخص على فعلٍ معين، والشهادة على التقصير في الإجراء أو مخالفة الأصول فهذا لا يقبل إلا من أهل خبرة و اختصاص وكذلك التسجيلات التوثيقية والمستندات والتقارير الطبية، موضحاً أن الحق الخاص وموجبات المسؤولية فيه أربعة منها كون الطبيب غير مؤهل ومخالفة الطبيب للأصول العلمية وأيضاً كونه غير مأذون له وألا يهدف من عمله إلى الشفاء أو تحقيق مصلحة مشروعة كعمليات التجميل التحسينية وتغيير الجنس والإجهاض المحرم وموت الرحمة وغيرها.ومن جهته أوضح الباحث والمدرب في سلامة المرضى سلطان المطيري أن قضايا سلامة المرضى مثل الأخطاء الطبية تستنزف الميزانيات المالية للمؤسسات الصحية، مبيناً أن الميزانيات المالية للرعاية الصحية معرضة للخسائر الفادحة بسبب قضايا سلامة المرضى، مبيناً أن العديد من الأخطاء الطبية والأخطاء الدوائية والأخطاء أثناء العمليات الجراحية ونقل الدم، إضافة إلى الحوادث الناتجة من التقصير في الرعاية الصحية، مثل سقوط المرضى وتقرحات السرير والعدوى المرتبطة بالرعاية الصحية.وأفاد المطيري بأن "الخطأ الطبي يحدث لأسباب عدة بعضها متعلق بنظام الرعاية الصحية مثل غياب السياسات والاجراءات وغياب التدريب وأدوات السلامة ودعم ادارات المنشآت الصحية لتطبيقات سلامة المرضى، بينما بعض الأخطاء الطبية يتعلق بالعنصر البشري وهم مقدمو الرعاية الصحية وذلك بسبب سلوكهم ومهاراتهم العملية. وتعتبر الأسباب المتعلقة بنظام الرعاية الصحية هي السبب الأكبر، وذلك بناء على إحدى الدراسات التي أكدت أن نظام الرعاية الصحية مسؤول عن 80% من الأخطاء الطبية".
مشاركة :