تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني خلال اجتماع لمجلس الوزراء الثلاثاء تضمنت بين سطورها رسالة دعم لحكومة عمر الرزاز التي وجدت نفسها خلال الأيام الماضية تصارع وحيدة في مواجهة حملة شرسة تجاوزت الفضاء الافتراضي. عمان - حملت إطلالة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وزيارته المفاجئة إلى مقر رئاسة الوزراء بعد غياب إعلامي طويل نسبيا، دلالات سياسية عدة لعل أهمها استمرارية الرهان على الحكومة الحالية ودعمه لرئيس الوزراء عمر الرزاز. ويواجه الرزاز في الفترة الأخيرة سيلا من الانتقادات تطاله من كل حدب وصوب في تعاطيه مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، لاسيما مع مؤشرات عن إمكانية حصول انتكاسة في المملكة في مواجهة وباء فايروس كورونا حيث عاودت الإصابات الارتفاع مجددا، وسط مخاوف من اضطرار الحكومة إلى اتخاذ قرار بالعودة وفرض الإغلاق الشامل، الأمر الذي سيكون بمثابة “القشة” التي ستقسم ظهر الاقتصاد المنهك. وأثّرت الحملة الواسعة التي يتعرض لها رئيس الوزراء بالواضح عليه من خلال اتخاذه لقرارات ثم التراجع عنها في اليوم الموالي، وليس أدل على ذلك من الضريبة على المباني، ويقول متابعون إن الرزاز يشعر هذه الأيام “كمن يصارع وحيدا”، لاسيما مع تصاعد الدعوات المطالبة بإنهاء العمل بقانون الدفاع الذي تم تفعيله في مارس الماضي على خلفية تفشي كورونا. وأوضح الملك عبدالله الثاني خلال ترأسه الثلاثاء لجلسة مجلس الوزراء أن الأردن تعامل مع أزمة كورونا- حتى اللحظة – بأقل الخسائر، إذا ما أخذ في الاعتبار مقارنة وضعه بالإقليم والعالم، مشيرا إلى أن المرحلة الجديدة هي “كيف نستطيع أن نطوّر الوضع الاقتصادي ونحمي مستقبل مواطنينا؟”. وحذر العاهل الأردني خلال الاجتماع، الذي شارك به ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني “إذا لم نعمل بجدية ولم نلتزم بقرارات الدولة واتباع الإجراءات المطلوبة، فإن إغلاق البلد من جديد هو أسوأ شيء قد يحدث في الأسابيع المقبلة”. وأكد أن الالتزام بالتعليمات التي تصدر عن الجهات المختصة ستسرع في تعافي الاقتصاد، مُشدداً على أن حماية المواطن ومعيشته ومستقبله مرتبطة بمدى التزامنا جميعاً، منبها إلى أهمية عدم الاستهانة بتبعات “كورونا” والاعتقاد بأن “الموضوع أصبح وراءنا”، مشيرا إلى ضرورة الالتزام بالنصائح والإرشادات والتعليمات وتكثيف التوعية الصحية. وكان الناطق باسم اللجنة الوبائية الدكتور نذير عبيدات أبدى تشاؤما في وقت سابق، معتبرا أن العودة إلى فرض الحظر واردة، لاسيما مع اكتشاف حالات إصابة أفقية لم يعرف بعد مصدرها في العاصمة عمان. ولفت الملك عبدالله إلى “الآثار السلبية التي قد تنتج عن عودة إغلاق البلد في حال فقدان السيطرة على انتشار وباء كورونا، وهو ما سيعيدنا إلى الوراء”. وخففت الحكومة الأردنية الخميس الماضي إجراءات الإغلاق وقررت تقليص ساعات حظر التجول اليومي إلى ست ساعات فقط بين الثانية عشرة ليلا والسادسة صباحا وإلغاء تقليص حظر التجول الشامل الذي كان يفرض لـ24 ساعة كل جمعة. وألغت الحكومة العمل بنظام حركة المركبات وفق رقم لوحتها المزدوج أو المفرد، وفتح المطاعم والمقاهي وفق قيود وضوابط، والسماح بتنظيم أنشطة الأندية والفعاليات الرياضية لكن دون جمهور. وقررت فتح المواقع السياحية أمام السياحة المحلية، وفتح قطاع الفنادق والضيافة والسماح بالطيران الداخلي. لكن سيستمر إغلاق الجامعات والمدارس والمعاهد ورياض الأطفال ودور السينما، وتبقى رحلات الطيران الخارجي متوقفة. خبراء الاقتصاد: الوضع في البلاد لا يحتمل المزيد من الإغلاق خبراء الاقتصاد: الوضع في البلاد لا يحتمل المزيد من الإغلاق ويقول خبراء اقتصاد إن الوضع في البلاد لا يحتمل المزيد من الإغلاق وبالتالي فإنه تقع على السلطة والمواطن مسؤولية مشتركة للحيلولة دون السير في هذا الخيار الذي لن تستطيع الدولة تحمل تبعاته لاسيما الاقتصادية منها. وفي معرض تطرقه للوضع الاقتصادي لم يخف الملك عبدالله الثاني انزعاجه من حالة التخبط والارتباك التي تبدو عليها حكومة الرزاز، لكن دون أن يرفع الغطاء عنها، في خطوة من شأنها أن تفرمل اندفاعات البعض في استهداف الأخيرة. وطالب الملك خلال الاجتماع الوزاري الحكومة بتوضيح الإجراءات التي تتخذها “من أجل حماية الاقتصاد الوطني وشرحها للقطاعات المختلفة، لكي يطمئن المواطن بأن غداً سيكون أفضل”. وشدد الملك على أنه يوجه دوما المؤسسات الحكومية والعسكرية والأمنية إلى الاهتمام بالمواطن الذي يشكل أولوية. وتتعرض الحكومة في الأيام الأخيرة لموجة انتقادات واسعة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي لتمتد إلى مجلس النواب، وذهب البعض من النواب حد اتهامها باستغلال أزمة كورونا وتعليق أعمال المجلس للهرب من المساءلة حيال القرارات التي تتخذها لاسيما تلك التي تمس شرائح واسعة من المجتمع الأردني. وقال النائب يحيى السعود إن تجميد انعقاد مجلس النواب خلال أزمة كورونا جاء متعمدا، حتى لا تكون هنالك جهات رقابية على الحكومة خلال هذه الفترة. وتساءل النائب بركات العبادي متى ستوقف الحكومة العمل بقانون الدفاع، وهل نحن بحاجة له بعد أن تمت إعادة القطاعات للعمل، وهل ستستمر الحكومة بإصدار أوامر الدفاع؟. وكان الرزاز أعلن قبل أيام، بموجب قانون الدفاع، جملة من القرارات تمس القطاع الخاص، من بينها منح أصحاب العمل المتضررين من كورونا أحقية تخفيض أجور العملة، بنسبة تصل إلى 60 في المئة، الأمر الذي أثار حفيظة شريحة واسعة من المواطنين، ليضطر في النهاية إلى التراجع بشكل موارب من خلال طرح أطر تنظم هذه العملية. ويشير المتابعون إلى أن عودة العاهل الأردني والمواقف التي صدرت عنه من شأنها أن تشكل دفعة معنوية مهمة بالنسبة للرزاز وحكومته، خاصة وأن الملك نفسه لا يملك حاليا ترف الاختيار والبحث عن بديل حكومي جديد، في ظل هذا الوضع المعقد ليس فقط داخليا بل وأيضا إقليميا في علاقة بالضغوط المسلطة على المملكة حيال موقفها الرافض بشدة لتوجه إسرائيل إلى ضم أراض في الضفة الغربية.
مشاركة :