عندما تتسبب جائحة كورونا المستجد في التباعد الاجتماعي إلا أن “عزلة رحلة فن”، المعرض الفني الإفتراضي الذي جعل هناك تفاعل بين الفنان وبين متذوقي الفن، وخلق حراكاً فنياً باستخدام التقنية العلمية التي أصبحت وجهًا آخر لمفهوم العولمة بشكلها المستقبلي. فقد قرر مجموعة من الفنانات التشكيليات بمحافظة جدة تجربة إقامة معرض فني إفتراضي، يحتوي لوحات تعبيرية جميلة تعبر عن جائحة فيروس كورونا شارك به العديد من الفنانات التشكيليات، مثل الفنانة التشكيلية فاتن شاولي بعمل «لمسة حياة»، والفنانة ثريا ناجي بلوحة «إلى أين؟»، والفنانة سمية حجازي «ستزول»، والفنانة مرفت قواص «رغم الألم ننتظر الأمل»، والفنانة منال مرزا «الأعماق»، والفنانة هنادي فرحات «أمل» وهناء نتو «انتظار»، وغيرهن، ولم يكن هذا مذهلاً من حيث التصفح الإلكتروني، ولكن كان هناك مستوى مرتفع من الاهتمام الذي أبقى عالم الفن على تواصل. ومن جانبها بينت الفنانة التشكيلية هنادي فرحات المشرفة على هذا المعرض (لأضواء الوطن) بأن “عزلة رحلة فن” هو معرض افتراضي لعرض الأعمال الفنية المعبرة عن هذه الجائحة، لنواصل الحياة، وهي رسالة المعرض، وبقدر ما هي مؤلمة وقاسية هذه الجائحة إلا أنها فرضت علينا نموذجاً سلوكياً غير اعتيادي بحكم الإجراءات والتعليمات الصحية، وأنها أيضاً كشفت عن قدراتنا الهائلة في التعامل معها واستنباط أفكار وسلوكيات جديدة ربما لم تكن مألوفة من قبل. وفي نفس السياق ذكرت الفنانة التشكيلية سمية حجازي أنه بالرغم من النجاح الذي حققته مثل هذه المعارض الإفتراضية، فإنها تصلح لأن تكون بديلاً للمعارض الحقيقية، وسنعمل دائماً على أن نشجع من لديه الإبداعات الفنية في الاستفادة من هذه المعارض وخوض التجربة لعرض الأعمال الفنية. أما الفنانة التشكيلية فاتن شولي فإن لها فلسفة غير عن هذا المعرض حيث قالت: كانت الفنون دائماً وسيلة الشعوب للتواصل دون لغة، لكنها الآن أداتهم في التشبث بمظاهر الحياة، ومقاومة الخوف الذي أصبح ملازمًا لحال معظم شعوب العالم بسبب فيروس يطارد الأرواح دفعهم للمكوث في منازلهم، فما كان من هؤلاء الفنانات التشكيليات أن يقلن:”نحن ما زلنا هنا، وكل مُر سيمر”، وذلك بالعزف بالريشة والأوان للتعبير بما في الوجدان، ومشاركة الأعمال الفنية التي أبدعوها خلال فترة العزل الوقائي وعرضها للجمهور في فضاء إلكتروني يحاكي المعرض الحقيقي وهي تجربة غاية في الإبداع، نحاول التغلب على مستلزمات وإجراءات التعامل مع جائحة فيروس كورونا، وتقديم رؤية من خارج الصندوق، تستثمر تقنيات الواقع الافتراضي، ونقدم تجربة فنية لمتذوقي هذا الفن وهو في منزله. وأبدى الدكتور محمو صلاح العباشي، أحد متذوقي الفن إعجابه بهذا المعرض الافتراضي وما يحتويه من أعمال إبداعية، ولها أثر كبير في النفس رغم الحظر وإغلاق المعارض الفنية، ولكن أتى هذا المعرض كنافذة ضوء تتماشى مع نظرية التباعد الاجتماعي المطلوبة حالياً وبشدة من جهة، ومن جهة أخرى لا تحرم الإبداع من الإنتشار لحلحلة العزلة الراهنة وتفككها بأبعاد وملامح تستوعب حالة التذوق الفني وتنشر مدارسها المتعددة وسط الجمهور المتذوق، وفي الوقت نفسه تبقي على التفاعل بين الفنان أيًا كان موقعه أو منهجه أو وسيلته وبين المتلقي، باستخدام التقنية العلمية التي أصبحت وجهًا آخر لمفهوم العولمة بشكلها المستقبلي.
مشاركة :