يفضل سلامة البلوي قضاء شهر رمضان الكريم في البادية بين إبله وماشيته، هربا من صخب المدينة وضوضائها، فالرجل الطاعن في السن، دأب على صيامه في البر منذ 15 عاما. وفي هذا العام يستقبل البلوي «عكاظ» على مائدة الافطار بحفاوة البدوي الأصيل، وقد تجمع حوله أبناؤه وأحفاده. مؤكدا متعته بقضاء أيام رمضان في البادية حيث السكينة والهدوء. يقول عن ذلك: «في بعض أيام رمضان أصر على أن أتناول إفطاري في الصحراء بعيدا عن تعقيدات الحياة وتفاصيلها المملة، وغالبا ما يكون الإفطار على تمرات وماء وخبز القرص، وقد يأتي معي بعض أبنائي وأحفادي وأحيانا جميع العائلة لنتناول الإفطار هنا في البادية» . مبينا أن البدو في الماضي كانوا يعرفون دخول رمضان من الهلال، إذ يترقبون ظهوره كما الحال الآن. مضيفا بأن «بعض البدو ألهمهم الله بعض علوم الفلك وهم يتقنونها ويعرفون التواريخ والأزمنة من النجوم وعلاماتها». وقال «في الماضي كان الناس يجتمع بعضهم ببعض، .. كل يأتي بما عنده من خير وأرزاق في بيته، يتناولون سويا إفطارهم البسيط مع بعضهم البعض، وأحيانا نضطر للرحيل من مكان إلى آخر على ظهور الإبل في رمضان، لنقطع الأميال والمسافات الطويلة بحثا عن الماء والعشب. ويوضح البلوي أنه على الرغم من ذلك العناء والمشقة إلا أن الناس يبقون صائمين، لا يفطر منهم إلا بعض الضعفاء والنساء الذين لا طاقة لهم بتحمل الصوم، مؤكدا أن حياة البادية قديما كانت متعبة وشاقة، خصوصا حين يتزامن شهر الصوم مع الصيف. واشار البلوي إلى أن التمر يعتبر الوجبة الأساسية في السحور، وكانوا يفتقدون البرادات والثلاجات، والمكيفات، حيث كانوا يبللون قطعا من القماش في الماء ويضعونها على رؤوسهم لتقيهم حر الشمس ولهيب القيظ. وأضاف «على الرغم من كل تلك الصعوبات إلا أنك تجد البدوي حريصا على صيام يومه، يخرج باكرا مع إبله، ليقضي فترات النهار في الرعي وجمع الحطب وجلب المياه في حين تقوم النساء بتجهيز الإفطار الذي يتم بطرق بدائية عن طريق إشعال النار بالحطب الذي يجمع من الأشجار البرية». إلى ذلك، أكد أحد أحفاد البلوي أن جده بإمكانه أن يعيش حياة المدنية لكن عشقه للبر والصحراء هو الذي يهيمن عليه، الأمر الذي يجعله ينزع إلى الصيام في البادية، حتى وإن كان ثمن ذلك التعب والمشقة.
مشاركة :