حوار - إبراهيم بدوي: أشاد سعادة الدكتور أحمد بن محمد المريخي، المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بالشراكة الاستراتيجية المتنامية بين قطر والأمم المتحدة مثمناً دعم قطر الإنساني الأخير لعمليات الأمم المتحدة في أفغانستان واليمن في ظل جائحة فيروس كورونا (كوفيد -١٩). وأوضح سعادته في حوار مع الراية عبر الهاتف، أن الرحلات الإنسانية القطرية ساهمت في تأمين المساعدات الإنسانية الطارئة إلى أفغانستان وإعادة موظفي الأمم المتحدة في اليمن ممن انتهت فترة عملهم إلى ديارهم وأسرهم، مؤكداً أن قطر صارت مركزاً رئيسياً لمكافحة كورونا عالمياً مع وجود مطار حمد الدولي والخطوط الجوية القطرية المتميزة، وعبر تقديم مساعدات طبية للعديد من دول العالم فضلاً عن إعادة المسافرين العالقين من مختلف الدول، ما يعكس تضامنها مع كافة الشعوب وقت الشدائد. وأكّد سعادة المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة أن قطر دولة ملتزمة بتعهداتها رغم دخول الأزمة الخليجية عامها الرابع، مؤكداً أن الدوحة صاحبة تاريخ مشهود في دعم العمل الإنساني للأمم المتحدة من منطلقات النخوة العربية والشريعة الإسلامية، كما تحدث عن بيت الأمم المتحدة في الدوحة وأهميته ومهامه، وغيرها من التفاصيل في السطور التالية: • سعادة الدكتور أحمد بن محمد المريخي، بصفتكم مستشاراً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة، وفي ظل جائحة كورونا العالمية، ما تقييمكم للتعاون القائم بين قطر والمنظمة الأممية في هذا الصدد؟ - أشكر في البداية جريدة الراية على إتاحة هذه الفرصة لإلقاء الضوء على جهود التعاون القائم بين قطر والأمم المتحدة، فالعلاقة بين الجانبين علاقة وطيدة وليست مبنية فقط على تعهدات، فبعض الدول تقدم تعهدات دون التزام، لكن قطر لها تميز في الالتزام بما تتعهد به وتقوم بتنفيذه، وتثبت دائماً أنها دولة أفعال ومبادرات وتمتلك احترافية خاصة عند تقديمها التعهدات لارتكازها على تقييم مدروس وفعّال وذي تأثير إيجابي في حياة المنتفعين مع سرعة في التنفيذ والإنجاز. وفيما يتعلق بجائحة كوفيد -١٩ (كورونا) فقد أصبحت قطر مركزاً رئيسياً لجهود مكافحة الوباء عالمياً عبر مطار حمد الدولي والخطوط الجوية القطرية وما لديها من وجهات سفر متعددة ما يعطيها القدرة على تغطية معظم دول العالم، لذا فإن لها دوراً فعّالاً للغاية في هذه الأزمة. إشادة أممية • نالت قطر إشادة أممية لدعمها إنشاء جسر جوي من الدوحة إلى كابول، وتسهيل إعادة نشر بعض موظفي الأمم المتحدة في اليمن، ما الفارق الذي صنعه الدعم القطري؟ - لا يخفى على أحد تقديم سعادة السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، الشكر لدولة قطر وصاحب السمو أمير البلاد المفدى، تقديراً لما قدمته قطر للأمم المتحدة خلال هذا الوباء، حيث أنشأت قطر جسراً جوياً من الدوحة إلى كابول، وقمت بالتواصل مع وزارة الخارجية وهيئة الطيران المدني والخطوط الجوية القطرية، لتسهيل هذا الجسر، وأتقدم لهم جميعاً بخالص الشكر لما أبدوه من تعاون وطيد وقوي لتوفير هذه الخدمة الجوية الإنسانية، والجهود القطرية مكّنت الأمم المتحدة من تأمين وصول ونشر المساعدات الإنسانية الطارئة إلى أفغانستان، بالإضافة إلى إعادة تبديل موظفي الأمم المتحدة. كما قدمت قطر دعماً مهماً وفي الوقت المناسب لنقل موظفي بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة، كجزء من الإجراء المؤقت لعمليات الأمم المتحدة في اليمن، ما ساعد موظفي الأمم المتحدة على حرية الحركة، وعودة من انتهت مدتهم إلى أسرهم. ورغم أن كثيراً من الدول أغلقت المطارات والخطوط الجوية خلال جائحة كورونا، إلا أن قطر وفرت مطار حمد الدولي والخطوط الجوية القطرية ذات السمعة العالمية المشرفة، لنقل موظفي الأمم المتحدة بعد أخذ كافة التدابير الاحترازية والوقائية اللازمة. مبادرات قطرية • إلى أي مدى تخفف مبادرات قطر الإنسانية والإغاثية من أعباء المنظمة الأممية؟ - لا شك أن مساعدات قطر الإنسانية والإغاثية للكثير من الدول لمكافحة فيروس كورونا تعكس تضامنها مع الشعوب وقت الشدائد باعتبارها عضواً فاعلاً في الأمم المتحدة وبالطبع ساهمت هذه المساعدات في تخفيف ثقل أعباء الوباء على منظمة الصحة العالمية وشملت مظلة المساعدات القطرية نحو ٢١ دولة حول العالم سواء دول متقدمة أو فقيرة، كما ساهمت في إعادة المسافرين العالقين من مختلف الدول. اتفاقيات مهمة • ماذا عن تطورات التعاون الأممي مع القطاع الخاص في قطر، وإمكانية تجاوزه لجائحة كورونا؟ - العديد من مؤسسات وشركات القطاع الخاص في قطر وقعت اتفاقيات مهمة مع الأمم المتحدة منها الخطوط الجوية القطرية التي وقعت اتفاقية مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للإغاثة الإنسانية ومساعدة النازحين حول العالم، كما وقعت قطر الخيرية اتفاقية جديدة مع اليونيسيف لدعم احتياجات العاملين في المجال الإنساني في سوريا والأردن والتي سببتها الجائحة، ما يعني أن روافد العمل الإنساني في قطر متعددة ومتنوعة سواء من الدولة أو القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني وجميعها يساهم بإيجابية في التخفيف من تداعيات أزمة كورونا. ونسعى حالياً لمساعدة القطاع الخاص القطري على فهم كيفية الاستفادة من منظمات الأمم المتحدة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة في تعاون الكل فيه رابح، حيث يستفيد القطاع الخاص بفهم المعايير الدولية في تنفيذ المشاريع الإنمائية، بفتح أسواق خارجية، ورفع قدرات العاملين لديه، فيما تستفيد الأمم المتحدة بتنفيذ أهدافها الإنمائية لعام ٢٠٣٠. كورونا واللاجئون • من واقع خبرتك في العمل الإنساني، ما خطورة كورونا على مناطق اللاجئين والنازحين؟ - هذا سؤال مهم جداً، فكما رأينا هناك تحديات مدمرة يفرضها هذا الوباء على دول متقدمة، ذات قدرات وأنظمة صحية متطورة، فما بالنا بتأثيرها على اللاجئين والنازحين من ضحايا الحروب والنزاعات وكوراث الطبيعة، فهم في حاجة أكبر للدعم. وبالرغم من ذلك تقوم كافة منظمات الأمم المتحدة المعنية، بالعمل على قدم وساق لضمان استمرار الخدمات المقدمة لهم. وبالطبع لا تزال الاحتياجات تفوق قدرات الأمم المتحدة وخلال نهاية هذا الشهر سيكون هناك مؤتمر للمانحين لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وكان هناك مؤتمر آخر للمانحين لليمن الشهر الجاري، وكل ذلك يصب في تمكين منظمات الأمم المتحدة من الاستمرار في تقديم المساعدات والدعم للمحتاجين. الأزمة الخليجية • كيف ترون التزام قطر الدائم تجاه التحديات العالمية المشتركة رغم ما تمر به من أزمة خليجية منذ عام ٢٠١٧؟ - بالرغم من أن دولة قطر تمر بأزمة خليجية دخلت عامها الرابع، وجدنا سمو الأمير يشارك في مؤتمر القمة العالمي للقاحات ٢٠٢٠ مؤخرًا، وأعلنت قطر عن مساهمتها بمبلغ ٢٠ مليون دولار، ما يدل على أن دولة قطر قادرة على تقديم المساعدات الإنسانية وتعطيها أولوية، وملتزمة بهذا الدور المشهود مهما كانت الظروف، حتى أصبح ذكر الشؤون الإنسانية مقرونًا باسم قطر في كافة المحافل الدولية. صورة قطر • من واقع عملك، ما هي صورة قطر في عيون الأمم المتحدة؟ قطر لها مكانة وتقدير كبيران في منظمة الأمم المتحدة ويعكس ذلك الاتفاق على إنشاء مقر بيت الأمم المتحدة في الدوحة وكان اختياري مبعوثًا إنسانيًا ثم مستشارًا خاصًا للأمين العام، تقديرًا لما تقوم به دولة قطر من جهود ومبادرات. وتتمتع قطر بمكانة كبيرة كلاعب رئيسي ومهم في تقديم الدعم والخبرات المهمة لتنفيذ المشاريع الأممية لخير الإنسانية وخير شعوب العالم كافة. بيت الأمم المتحدة • هل من أنباء جديدة عن مقر بيت الأمم المتحدة في الدوحة؟ لا يزال العمل قائماً على قدم وساق رغم أن جائحة كورونا سببت تأخير انتقال موظفي الأمم المتحدة إلى الدوحة لمباشرة عملهم، ونتابع مع وزارة الخارجية ومن الطرف الآخر مع منظمات الأمم المتحدة. وبعد مرور الجائحة سوف نرى المقر في الدوحة. • ماذا نعني ببيت الأمم المتحدة؟ - بيت الأمم المتحدة موجود في عدد من الدول وهناك مقر له بالمنطقة في دولة الكويت، وسوف يضم بيت الأمم المتحدة في الدوحة المنظمات الدولية العاملة التي وقعت مع دولة قطر اتفاقية مقر، ما يسهل التنسيق بين كافة هذه المنظمات والقطاعات المختلفة في الدولة وفهم الاحتياجات ورسم خطط واضحة المعالم بين الدولة ومنظمات الأمم المتحدة، كما يساعد على فهم الاحتياجات المستقبلية. • ما أهمية وجود بيت الأمم المتحدة في قطر؟ - لا شك أنه يعمق الشراكة الاستراتيجية بين قطر والأمم المتحدة، ويوطد العلاقات بما يزيد من سرعة تنفيذ المشاريع وفاعليتها، فمن المهم فهم احتياجات المانحين مثلما نهتم بالمحتاجين للدعم، ويجب ألا نعمل كمنظمات للأمم المتحدة بعيدًا عن فهم ما يحتاجه المانح والوجهات التي يرغب في تقديم الدعم لها، وعلى سبيل المثال، حين نذكر التعليم والصحة، نذكر دولة قطر، وبالتالي وجود مكاتب للأمم المتحدة سوف يؤدي إلى تقارب الرؤى ويساعد المنظمات الدولية على تقديم مقترحات تتواءم مع احتياجات المانحين. ومن جهة أخرى، سوف يعطي بيت الأمم المتحدة الفرصة لإيجاد جيل من الشباب الذي يفهم دور منظمات الأمم المتحدة. ولدينا مبادرة لتدريب كوادر شبابية قطرية للعمل في المنظمات الأممية ما يعزز دور وفاعلية قطر من داخل منظومة الأمم المتحدة، خاصة أن دولة قطر صاحبة تاريخ مشهود في دعم العمل الإنساني للأمم المتحدة من منطلقات النخوة العربية والشريعة الإسلامية، ما جعلها صاحبة خبرات تراكمية في كيفية تقديم المساعدات وفهم أكبر للمنطقة وتستفيد الأمم المتحدة من هذه الخبرات المهمة في تقديم مساعدات فعّالة للشعوب المحتاجة. الاستجابة لكورونا • يرى البعض أن الأمم المتحدة ممثلة في منظمة الصحة العالمية تأخرت في الاستجابة لخطر كورونا، ما ردكم على ذلك؟ - منظمة الصحة العالمية أعلنت حالة الطوارئ ضد الفيروس في ٣٠ يناير، ولم يكن هناك سوى ١٠ حالات في أوروبا، فلم يكن هناك تأخير، والأمر يرجع إلى استجابة كل دولة لهذا الإعلان، فبعض الدول قالت في البداية إنه فيروس عادي مثل إنفلونزا الطيور وسينتهي، فلم يكن هناك وضوح للرؤية لدى بعض الدول رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية. • إلى أي مدى تأثرت أجندة عملكم مع انتشار الفيروس؟ - جائحة كورونا عدلت الكثير من المفاهيم الشخصية والمهنية، وكثيرون أصبحوا يعملون من المنزل، فهو أكبر حالة طوارئ للصحة العامة والأسرع انتشاراً منذ قرن كامل، ما يسلط الضوء على التحديات التي تواجه الأمم المتحدة في التعامل مع الدول ومؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني. ونعمل على مبادرة التحالف الدولي الإنساني للقطاع الخاص، حيث كشفت جائحة كورونا عن أهمية دور القطاع الخاص، خاصة قطاع الصحة الذي يلعب أدواراً حاسمة في سلاسل توريد الإمدادات الطبية لمواجهة هذه الجائحة. قصص النجاح • تصحيح المفاهيم الخاطئة عن منظومة الأمم المتحدة وعملها، أحد مهام عملكم، فما أبرز هذه المفاهيم وواقعها الصحيح؟ - كثير من المفاهيم نتجت عن تقديم الأمم المتحدة مقترحات وطلبات للدول المناحة دون عرض قصص النجاح التي ساهمت فيها هذه الدول، مثل قصص أطفال تلقوا التعليم، وشباب حصلوا على فرص عمل، ونساء وجدن مصدر رزق، وغيرها من قصص النجاح التي تعزز ثقة وفهم المانحين لعمل المنظمة الأممية وهو ما تم على سبيل المثال حين نظمنا زيارات ميدانية لممثلي الدول المانحة إلى مناطق اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا، ونتج عنه فارق كبير في فهم الدول المانحة لعمل منظمات الأمم المتحدة. وبالتالي لتصحيح المفاهيم لابد أن نكون فاعلين ومنخرطين في العمل الأممي مثلما تترأس دولة قطر اللجنة الإنسانية في الأمم المتحدة، وتقديمها المساعدات بنفسها سواء على مستوى الدولة أو القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لصالح الشعوب حول العالم. الدكتور أحمد بن محمد المريخي في سطور في يناير ٢٠٢٠، عيّن سعادة السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، سعادة الدكتور أحمد بن محمد المريخي مستشاراً خاصاً له. وكان قد شغل منصب المبعوث الإنساني الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الفترة من ديسمبر 2016 إلى ديسمبر 2019. ويمتلك سعادة الدكتور المريخي سجلاً حافلاً من الخبرة في المجالين الدبلوماسي والإنساني، حيث تقلد العديد من المناصب في وزارة الخارجية وفي مؤسسات أخرى داخل الدولة، قبل أن ينتقل للعمل في منظمة الأمم المتحدة.
مشاركة :