حوار - إبراهيم بدوي:أكد سعادة الدكتور أحمد بن محمد المريخي، المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة، أن قطر تحظى بتقدير كبير داخل منظمة الأمم المتحدة لما لها من دور مميز وفعّال في دعم الجهود الإنسانية والتنموية حول العالم.وقال لـ الراية في أول حوار بعد تجديد تعيينه مبعوثاً إنسانياً للأمم المتحدة، لعام جديد: تجديد التعيين اعتراف من الأمم المتحدة، بدور قطر الإنساني المميز، وتقدير كبير لجهودها ومبادراتها التي كان لها أثر كبير في إرساء السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. وثمّن المبعوث الإنساني عالياً تعهد قطر في العام الحالي بتقديم تبرع سخي بقيمة 5 ملايين دولار لفترة خمس سنوات (2021-2017)، للصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، التابع للأمم المتحدة، مشيراً إلى أهمية هذا الصندوق في تغطية الاحتياجات الطارئة الأشد إلحاحاً لحين وصول مساعدات المانحين، حيث اتسعت الفجوة بين المساعدات والاحتياجات الإنسانية إلى ما يزيد على 17.8 مليار دولار العام الجاري. وشدّد د. المريخي على حرص الأمم المتحدة على تعزيز الشراكة والتعاون مع قطر وكافة دول مجلس التعاون الخليجي رغم الأزمة الراهنة، مؤكداً على ضرورة الفصل بين السياسة والعمل الإنساني. ونوه بتداعيات الأزمة الخليجية على العمل الإنساني، وتأثيرها غير المباشر على دعم المنظمات الخيرية القطرية لمنظمات الأمم المتحدة.. لافتاً إلى أن كثيراً من المنظمات الخليجية، خاصة القطرية، انشغلت بالأزمة أكثر من عملها في المجال الإنساني، وشراكاتها القائمة مع المنظمات الأممية الإنسانية. وأوضح المبعوث الأممي أنه من خلال التقييم الذي قامت به الأمم المتحدة، لم يكن لأي من المنظمات القطرية التي تتعاون معها، أي علاقة بمزاعم دعم أو تمويل الإرهاب، لافتاً إلى أن صورة قطر لم تهتز في الأمم المتحدة على الإطلاق، وأن المنظمة الأممية لا تعترف بقوائم إرهاب تصدرها دول ضد دول أخرى. وكشف عن عقد مؤتمر كبار المانحين لسوريا خارج الغرف المكيفة، ليتم وسط مناطق اللاجئين في لبنان ٢٣ يناير المقبل وذلك بهدف إطلاع المانحين عن كثب على نتائج مساعداتهم والتعرف على الاحتياجات من أرض الواقع. كما تناول الأزمات الإنسانية التي تعتصر منطقتنا والعالم ومساعيه لتوفير موارد جديدة للجهود الإنسانية عبر التعاون مع الدول ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ورجال الأعمال والتنسيق معها لرفع كفاءة المساعدات وتلبية احتياجات المتضرّرين. • ما دلالة التجديد لكم مبعوثاً إنسانياً للأمم المتحدة لعام جديد؟- أولاً أود التعبير عن خالص الشكر والتقدير لجريدة [ على اهتمامها الكبير بعمل المبعوث الأممي للشؤون الإنسانية. وبالنسبة لدلالة التجديد أو إعادة التعيين لعام آخر، فهو اعتراف من الأمم المتحدة، بدور قطر الإنساني المميز، وتقدير كبير لجهودها ومبادراتها على مستوى المساعدات الإنسانية والتنموية. الجهود القطرية• كيف تنظرون إلى الجهود التنموية القطرية في مناطق النزاع رغم صعوبتها؟- قطر لها دور رائد في الجهود التنموية، وعلى سبيل المثال، مبادرة «علّم طفلاً»، استطاعت توفير التعليم لأكثر من ١.٥ مليون طفل سوري خلال فترة وجيزة، إضافة إلى ملايين الأطفال في مناطق النزاع بالعالم. وأيضاً، مبادرة قطر لتعليم النازحين واللاجئين السوريين «كويست» كما أنني كنت شاهداً على ما قامت به قطر، في إقليم دارفور في السودان، بحكم عملي السابق مديراً لإدارة التنمية الدولية في وزارة الخارجية، ومديراً عاماً لصندوق قطر للتنمية. وخلال الاجتماعات، كان بعض المانحين يرون أنه لا يمكن البدء في التنمية، قبل إحلال السلام، فيما كانت رؤية دولة قطر ترتكز على أن السلام والتنمية يكملان بعضهما البعض ولا يمكن فصلهما. وبدأت قطر بالفعل مشروعاً رائداُ في دارفور بإنشاء خمس قرى خدمية نموذجية في خمس ولايات في دارفور. وتم إنشاؤها بجوار أراضي النازحين دون انتظار لحل النزاع، وكان لهذه المبادرة القطرية دور كبير، مشهود له في إرساء السلام والاستقرار بهذه المنطقة بشهادة التقارير الدولية. ومع افتتاح المشروع عام ٢٠١٥، رأينا أعداداً كبيرة من الناس يتوافدون على هذه المنطقة، ما يعني أنها أصبحت أكثر استقراراً وأماناً وهذا دليل ملموس على أهمية التنمية في تعزيز أمن واستقرار الشعوب. الأزمة الخليجية• بصفتكم مبعوثاً أممياً للشؤون الإنسانية، كيف تقيّمون التداعيات الإنسانية لحصار قطر؟- هذا الجانب يتعلق بحقوق الإنسان، ولكن من تداعيات الأزمة الخليجية على العمل الإنساني، أن كثيراً من المنظمات الخليجية، خاصة القطرية، انشغلت مع الأزمة أكثر من عملها في المجال الإنساني، وشراكاتها القائمة مع المنظمات الأممية الإنسانية، وبالتالي كان لذلك تأثير غير مباشر على دعم المنظمات الخيرية القطرية لمنظمات الأمم المتحدة. ومن الأفضل إخراج هذه المنظمات من الأزمة الراهنة وتداعياتها. ومن جانبي، فإنني أحث على الشراكة الفعّالة بين المنظمات الإنسانية القطرية، والمنظمات الدولية بشكل كبير، لأنها تحقق الشفافية والفعالية وترفع قدرات المنظمات القطرية بتبادل الخبرات مع هذه المنظمات الدولية في عملية منفعة متبادلة. التعاون مستمر• من ضمن أهداف المبعوث الإنساني بناء شراكات أقوى مع دول مجلس التعاون الخليجي، ما مدى استمرار التعاون مع الدول الخليجية في ظل الأزمة الراهنة؟- التعاون مستمر، ولكن مثلما قلت فإن الأزمة أثرت على تعامل المنظمات الخيرية القطرية مع الأمم المتحدة. وهذه أحد التحديات لسد الفجوة بين المساعدات والاحتياجات لأن المنظمات الخيرية والقطاع الخاص لهما دور كبير في دعم الأعمال الإنسانية. التصنيف الأممي• كيف استقبلت نبأ وضع 3 مؤسسات قطرية خيرية لها تعاون وثيق مع الأمم المتحدة على القائمة التي وضعتها دول الحصار للكيانات الإرهابية؟- لدينا شراكة مع كافة المنظمات الخيرية القطرية، ومن خلال التقييم الذي قمنا به في الأمم المتحدة، لم يكن لأي من هذه المنظمات القطرية أي علاقة بما يُسمى دعم أو تمويل الإرهاب. والأمم المتحدة لديها معايير واشتراطات يجب أن تتوفر في أي منظمة خيرية تتعامل معها. ونحن على استعداد للتعاون مع المنظمات القطرية التي تعاملنا معها سابقاً سواء كانت «قطر الخيرية» أو «راف» أو «الهلال الأحمر القطري» أو مؤسسة «عيد الخيرية».. ولمست خلال لقائي بالمسؤولين القطريين، حرصهم على تنظيم العمل الخيري، بما يضمن سلامته، وسلامة وصول المساعدات إلى مستحقيها وتعزيز اطمئنان المتبرّعين لما يقدّمونه من تبرّعات لهذه المنظمات. • بالحديث عن المعايير الأممية، ألا يشكّل قبول الأمم المتحدة للتبرعات القطرية دليلاً على شفافيتها وأن صورتها لم تهتز بادعاءات دعم الإرهاب؟- لابد من الفصل بين السياسة والعمل الإنساني والأمم المتحدة لا تعترف بقوائم إرهاب تصدرها دول ضد دول أخرى. وقطر صورتها لم تهتز في الأمم المتحدة على الإطلاق. ولدينا تعاون معها ومع كافة الدول بشكل حيادي لأننا نقف على مسافة واحدة من الجميع. وتبرّعات دولة قطر تؤكد على أهمية الشراكات ما بين الدول ومنظمات الأمم المتحدة لأنها شراكات مميزة وتؤكد على الدور الفعّال لهذه الدول داخل المنظمة الأممية. الفوضى• لكن.. ألا ترى أن توزيع الاتهامات جزافاً يضر بسمعة تلك المؤسسات المشهود بنزاهتها؟- هناك قانون دولي يحمي تلك المؤسسات وهذا التعاون، ولا شك أن في بداية أي أزمة، كان هناك نوع من الفوضى، وإذا لم نستطع أن نحكم الأمور وفق القانون، فسوف تزيد الفوضى. ولذلك لابد من اتباع المعايير الدولية التي تم الاتفاق عليها داخل المجتمع الدولي، وبما يُطمئِن المانحين والعاملين بالمجال الإنساني. ثمار التعاون• ماذا عن ثمار التعاون مع منظمات المجتمع المدني؟- نجحنا في عقد شراكات مع منظمات المجتمع المدني القطرية، والعربية، وكان لها تأثير كبير على الأرض لأنها تكون مطلعة على الأوضاع الداخلية أكثر من المنظمات الأممية بحكم تواجدها في الداخل. والأمم المتحدة تشجّع الشراكة مع منظمات المجتمع المدني وهو الأمر الذي يستوجب توفير الموارد لتقديم الخدمات المطلوبة للشعوب المتضرّرة، لأنه حين يقل دعم الدول المانحة، تقل خدماتنا وأحياناً تصل إلى إنهاء الخدمات بالكامل.فمثلاً في الصومال، هناك مفوّضية شؤون اللاجئين وتربطها شراكة مع برنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية ومع توفر الدعم اللازم يقوم كل في اختصاصه بتوفير المخيّمات والغذاء والدواء. وحين تقل الموارد نبدأ بتحديد الأولويات بالأشد احتياجاً وبالتالي تقل الخدمات في جوانب أخرى. • كيف ترى تعامل دول الخليج مع أزمة اللاجئين؟- من المهم فهم ثقافة هذه المنطقة، لأن التعامل مع اللاجئ السوري يختلف عنه مع اللاجئ من دول أمريكا اللاتينية على سبيل المثال. ولذلك فمن المهم فهم ثقافة الشعوب، لتعزيز فهم ظروفها واحتياجاتها الأساسية من جهة، وأيضاً للحفاظ على كرامة الإنسان المحتاج للمساعدة من جهة أخرى. ٢٣ يناير المقبل في لبنان.. وجولة لضمان ممرات آمنة.. د. المريخي:اجتماع كبار المانحين داخل مخيمات اللاجئين السوريينرفع نسبة المانحين المحتملين.. وسد الثغرات بين الجهات الفاعلة الدوحة- الراية: استعرض المبعوث الإنساني للأمم المتحدة نماذج حديثة على تطوير آليات العمل الإنساني داخل المنظومة الأممية. وقال: على سبيل المثال لا الحصر، انعقد اجتماع كبار المانحين لسوريا، مرتين في الدوحة، ووفقا للاستراتيجية الجديدة سيتم عقد اجتماع لكبار المانحين لسوريا 23 يناير المقبل خارج الغرف المكيفة، وبالتحديد في أحد مخيمات اللاجئين السوريين. ووقع الاختيار على لبنان للإطلاع بأنفسهم على الاحتياجات الإنسانية وحجم المنجزات التي ساهموا بها على أرض الواقع. وقال: سأقوم بزيارة بعض الدول التي تستضيف لاجئين سوريين، مثل صربيا، الشهر المقبل وقبلها اليونان، لضمان ممرات آمنة للاجئين، والإطلاع عن كثب على ما تقوم به هذه الدول من خدمات وطرحها على اجتماع بيروت لكبار المانحين لسوريا. وأضاف: نتطلع إلى التوسع جغرافياً خارج منطقة الخليج، واستهداف أفراد ولاعبين جدد من القطاع الخاص، لرفع نسبة المانحين المحتملين، بالإضافة إلى سد الثغرات بين الجهات الفاعلة في المجال الإنساني. وأضاف: كما أسعى إلى تحقيق التقارب بين المانحين التقليديين مثل الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا وغيرها والمانحين غير التقليديين مثل دول منطقة الخليج والهند والصين والبرازيل والمكسيك، في مشروع مشترك للأمم المتحدة، ولمست ترحيبا كبيرا من الطرفين. وسنقوم في إطار هذه الخطة بزيارات إلى عدد من الدول مثل البرازيل والمكسيك والصين والهند وتقديم مشاريع مشتركة لخلق هذا التقارب. وقال: يحقق هذا التقارب نقل ثقافة المانحين التقليديين، والاستفادة من تجارب المانحين غير التقليديين في العمل الإنساني، خاصة أن معظم الأزمات تتركز في منطقتنا، وهناك فرق بين الثقافة والخبرة فمثلا ثقافة اللجوء موجودة في العالم الغربي ولكنها ليست كذلك في هذه المنطقة.. فضلا عن تعزيز الربط ما بين الجهد الإنساني والتنموي حيث لمست الحاجة لهذا الأمر في زيارة قمت بها إلى الصومال وأثيوبيا لزيارة اللاجئين والنازحين الصوماليين، في شهر رمضان الماضي. وترأست خلالها وفدا يتكون من الدول المانحة، ومنظمات تنموية، مثل البنك الدولي، وبنك التنمية الإفريقي، والاتحاد الإفريقي. وتأكدت القناعة بضرورة هذا الترابط بين التنموي والإنساني، وتم التأكيد عليه في القمة الإنسانية في إسطنبول. مواقف لا ينساها المبعوث الإنساني حول المواقف الإنسانية التي لا ينساها د. المريخي قال: التقيت لاجئة صومالية في شهر رمضان الماضي. وقالت إنه كان لديها ٢٠٠ رأس من الإبل، و٤٠٠ رأس من الغنم، قبل ٣ شهور، واليوم تعيش في خيمة وليس لديها إلا عشرة من الإبل وعشرين رأسا من الغنم وهم هزال لا فائدة منهم. وأضافت: لا أريد أموالا وإنما أريد عودة الإبل والأغنام الخاصة بي وهنا تأتي أهمية الربط بين الجانبين الإنساني والتنموي بتقديم قرض لهذه المرأة لإعادة بناء حياتها من جديد. وقال: لا أخفيك أنه بسبب التعامل مع المآسي الإنسانية، تكون هناك ضغوط نفسية على من يتعامل مع المتضررين والمحتاجين. ولكننا نستطيع تجاوز هذه الضغوط، ببذل المزيد من الجهد لمساعدتهم. وأتذكر أثناء اجتماعنا، في الجمعية العامة بنيويورك، سبتمبر الماضي، عندما تحدثت معي عبر الفيديو وبمساعدة إحدى المنظمات الإنسانية، طفلة سورية تدعى «بانا» عمرها حوالى 9 سنوات، وقالت لي لا أريد اجتماعات ولكن أريد أن أحقق طموحي في الدراسة، فقلت لها إننا مجتمعين من أجلك وسيأتي اليوم الذي نلتقي فيه وتخبريني بتحقيق طموحك وإثبات ذاتك. والمغذى، أن صناعة الأمل تخفف عنك الضغوط النفسية وتساعد المتضررين على استكمال الحياة رغم كل التحديات. تعزيز التعاون الأممي مع القطاع الخاص قال د. المريخي: نسعى لتعزيز التعاون بين القطاع الخاص ومنظمات الأمم المتحدة، ليتم بشكل مؤسسي. وأضاف: وبعض الشركات ورجال الأعمال في القطاع الخاص، لا يريدون التعامل مع الأمم المتحدة باسم شركاتهم، وإنما بشكل مباشر مع الاحتياجات المطلوبة وبالتالي نعمل على تقديم آلية للتعاون بين القطاع الخاص والأمم المتحدة. وقال: خلال مشاركتي بالمنتدى الاقتصادي العالمي، المخصص للشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، في الأردن، ناقشنا توجيه القطاع الخاص إلى العمل الخيري. ولمسنا حماسا كبيرا من جانب الشركات الخاصة ورجال الأعمال للمساهمة في جهود الأمم المتحدة، واقترحوا تقديم مساهمات عينية، أو كوادر بشرية بتوفير المهندسين والأطباء والممرضين والمدربين لفترات معينة وليس بالضرورة تقديم مساعدات مالية. وقال: لدينا مكاتب متخصصة في جنيف ونيويورك تقوم بتحليل الأحداث وتطوراتها، وعلى سبيل المثال، أطلقنا تحذيرا من وقوع مجاعات في ٥ دول وهي اليمن والصومال والنيجر وجنوب السودان ونيجيريا. لا تأثير لخفض الدعم الأمريكي حول تأثير خفض الدعم الأمريكي للأمم المتحدة على عمل المبعوث الإنساني قال د. المريخي: الولايات المتحدة خفضت دعمها للأمم المتحدة بشكل عام، وليس لدينا رقم محدد أو مدى تأثير ذلك على العمل الإنساني.وأضاف: وفى تقديري، أنه لن يؤثر لأن الشؤون الإنسانية لها أولوية في الأمم المتحدة. وبعد تعيين الأمين العام الحالي للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس، سعى إلى إعادة هيكلة منظومة الأمم المتحدة، وساهم ذلك في خفض الكثير من المصاريف ونشكره على هذا الجهد حيث أصبح لدينا آلية أسهل وأكثر فاعلية عما سبق. الأزمات الإنسانية بالمنطقة من صنع البشر حول تفسير المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة لازدحام منطقتنا بالأزمات الإنسانية رغم ابتعادها عن كوارث الطبيعة قال: للأسف، منطقتنا مزدحمة بالأزمات الإنسانية من صنع البشر، بانتشار النزاعات والحروب. والتعامل مع الأزمات الإنسانية الناتجة عن الخلافات السياسية، أكثر تعقيدا من التعامل مع الأزمات من صنع الطبيعة، لأن الأخيرة تكون مؤقتة ونتعامل معها بشكل أكثر فاعلية. وبالتالي لابد من حل سياسي جذري لأي أزمة إنسانية من صنع البشر، فلا يمكننا الاعتماد على المساعدات فقط، رغم أهميتها، ويبقى الحل السياسي للأزمات التي تمر بها منطقتنا هو الحل الأنجع للسيطرة على هذه الفجوة بين المساعدات والاحتياجات ووقف اتساعها مع استمرار الأزمات. الفجوة بين المساعدات والاحتياجات.. أهم التحديات الدوحة- الراية: أكد د. أحمد بن محمد المريخي، المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة أن أبرز التحديات التي واجهته منذ توليه المنصب في ديسمبر ٢٠١٦ هي الفجوة بين المساعدات والاحتياجات الكبرى. وقال: شهد العام الجاري تضرر ٣٧ دولة واحتياجها للمساعدات الإنسانية أغلبها من الدول العربية، وبلغت قيمة ضرورات الحياة اللازمة للمتضررين ٢٣.٥ مليار دولار، وتم جمع ٦.٢ مليار دولار ولم يتم الإيفاء بالمبلغ الباقي وهو ١٧.٨ مليار دولار، أي تمت مساعدة ٢٦٪ فقط من العدد المستهدف من المحتاجين، فيما يقدر عددهم الإجمالي ١٤١.١ مليون إنسان. كما أن تقديم المساعدات الإنسانية لا يقتصر على التمويل فقط، بل أيضا رفع كفاءة الجهات الفاعلة في العمل الإنساني وتحقيق التفاهم والتنسيق بينها. والتحدي الأكبر في تقديري، هو تعب المانحين من تزايد الصراعات وإطالة أمد الأزمات بلا نهاية. د. أحمد بن محمد المريخي في سطور - خريج كلية الهندسة جامعة قطر تخصص هندسة ميكانيكية.- حاصل على الماجستير والدكتوراه في الإدارة الهندسية.- تولى عدة مناصب بالدولة، حيث عمل بوزارات الصحة والبلدية والأوقاف ثم مديراً ومؤسساً لإدارة التنمية الدولية بوزارة الخارجية.- تولى منصب المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة في ٨ ديسمبر ٢٠١٦ قدّمت 12 مليون دولار خلال الفترة من 2011 - 2016دعم قطري سخي لصندوق الطوارئ عن مساهمة قطر في الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، التابع للأمم المتحدة، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة والاستجابة لأشد الاحتياجات إلحاحاً.. قال د. أحمد بن محمد المريخي، المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة: قدّمت قطر تبرعاً سخياً لهذا الصندوق بما يفوق 12 مليون دولار في الفترة ما بين 2011 - 2016. وثمّن المبعوث الإنساني عالياً تعهد قطر العام الحالي بتقديم تبرع سخي بقيمة 5 ملايين دولار لفترة خمس سنوات (2021-2017) للصندوق، حيث تم تسديد الدفعة الأولى «مليون دولار» من قيمة التعهد في العام الحالي. وأشار إلى أهمية الصندوق في تغطية الاحتياجات الطارئة الأشد إلحاحاً لحين وصول مساعدات المانحين حيث اتسعت الفجوة بين المساعدات والاحتياجات الإنسانية إلى ما يزيد على ١٧ مليار دولار العام الجاري. لا نضمن سلامة عودة اللاجئين السوريين عن إمكانية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم.. قال د. المريخي: تم مناقشة هذه المسألة، ولدينا في الأمم المتحدة وجهة نظر، بأنه لا يمكن الحديث عن عودة اللاجئين ما لم يتوفر الأمن والسلامة لهم. وأضاف: لا توجد حتى الآن أي ضمانات لسلامة اللاجئين حال عودتهم ولا يزال ذلك موضوع نقاش داخل الأمم المتحدة. أهمية البعد التنموي في التعامل مع الأزمات أكد د. المريخي أهمية البعد التنموي في التعامل مع أزمات المنطقة، لامتدادها واستمرارها لسنوات مثل الأزمة السورية التي تقترب من نهاية العام السابع، وأيضاً، دخول الأزمة اليمنية عامها الرابع، فهناك جيل كامل في سوريا مهدّد بضياع فرصته في التعليم وكان لابد من التفكير في العمل التنموي والإنساني معاً دون انتظار لانتهاء الأزمة. رفع قدرات المنظمات غير الحكومية حول تأثير الحرب على الإرهاب منذ هجمات ١١ سبتمبر، على العمل الخيري والتعاون القائم بين المؤسسات الخيرية والأمم المتحدة قال د. المريخي: تمتلك منظمات الأمم المتحدة شرعية دولية، ونرفع تقارير مفصّلة للدول الأعضاء عن عملنا. وأضاف: بصفتي مبعوثاً إنسانياً، أسعى لعمل الشراكات ما بين المنظمات غير الحكومية الخيرية ومنظمات الأمم المتحدة، ما يعزّز من جهودنا في مواجهة الأزمات الإنسانية ويعطي شفافية، برفع قدرات هذه المنظمات غير الحكومية، بتعاونها مع المنظمات الأممية التي تعمل وفق معايير دولية معروفة. ولذلك فأنا دائماً ما أشجّع المنظمات الإنسانية لعمل شراكات مع منظمات الأمم المتحدة. وقال: نتعاون مع كافة الشركاء المحليين والدوليين، ما يعطينا قاعدة بيانات، توضّح لنا المواقع التي يمكن العمل فيها. إضافة للقيام بمراجعات دورية للجهات المستقبلة للمساعدات، للتأكد من وصولها إلى مستحقيها ولدينا مكتب وممثل إنساني في كافة مناطق النزاع، يقوم بتنسيق وتقييم التعاون مع الشركاء المحليين. المبعوث الإنساني يحظى بالاستقلالية سألنا د. المريخي عن استقلالية المبعوث الإنساني في عمله داخل منظومة الأمم المتحدة فقال: لعل أهم ما يميز عمل المبعوث الإنساني، هو الاستقلالية، فهو غير تابع لأي منظمة داخل الأمم المتحدة، ما يعطيني أفضلية، فأنا لا أسعى لمصلحة المنظمات الأممية فقط، بل أيضاً، مصلحة الدول المانحة، بحيث يكون هناك توافق وشراكة حقيقية تلبي مصالح كافة الأطراف وتصب في النهاية في صالح العمل الإنساني. وأضاف: يعد المبعوث الإنساني، حلقة وصل بالغة الأهمية، لنقل وجهات نظر المانحين إلى المنظمات الأممية الإنسانية، لتطوير سياستهم من جهة، وأيضاً نقل وجهة نظر المنظمات الأممية، ومشروعاتها للدول المانحة، لتعزيز الشراكة وتطويرها من جهة أخرى. أكبر الدول المانحة للأمم المتحدة تعد الولايات المتحدة أكبر الجهات المانحة للأمم المتحدة، حيث أسهمت بـ ٢٣.٤٪ من الاحتياجات الإنسانية العالمية، والمفوضية الأوروبية ١١.٣٪ والمملكة المتحدة ٦.٦٪، وألمانيا ٥.٢٪، واليابان ٥.١٪، وكندا ٤.٧٪، والسويد ٣٪، والنرويج ١.٦٪، وسويسرا ١.٢٪، والدنمارك ١٪ من الاحتياجات، بينما بقية دول العالم تتقاسم النسبة الباقية وهي ٩.٩٪. استمرار الأزمة الإنسانية في العراق قال د. المريخي: الأزمة الإنسانية قائمة ومازلنا نعمل من خلال مكاتبنا في العراق وسيكون هناك مؤتمر لإعادة الإعمار تستضيفه دولة الكويت، وتواصل منظمات الأمم المتحدة مساعيها لإنهاء الأزمة الإنسانية هناك. المنظمات الأممية قللت الكوارث في اليمن أكد د. المريخي أنه لولا تدخل المنظمات الأممية الإنسانية لكانت الأوضاع أسوأ مما هي عليه الآن في اليمن فيما يتعلق بالمجاعة ووقف انتشار مرض الكوليرا. وقال: لدينا ممثل للأمم المتحدة ومكاتب تقوم بتوزيع المساعدات داخل صنعاء وعدن، ولكن التحديات كبيرة فهناك دائماً فجوة بين المساعدات والاحتياجات وهناك صعوبات في الدخول إلى مناطق النزاع. وأضاف: ولدينا خطة عاجلة للاستجابة الإنسانية، في حالة وقوع أي أزمة. ونحث الدول المانحة، أن يكون تقديم المساعدات عبر هذه الخطة لتعزيز فاعليتها، حتى لا يكون هناك فائض في المساعدات بجانب وقصور في جانب آخر. وقال: ليس بالضرورة أن تدفع الدول منحة لمنظمات الأمم المتحدة لتنفيذ خطة الاستجابة الإنسانية ولكن يمكنها القيام بذلك بشكل ثنائي في إطار الخطة الأممية وبالتنسيق مع الأمم المتحدة لتحقيق الكفاءة والجودة في تقديم المساعدات وتلبية ما يحتاجه الناس على الأرض. الأمم المتحدة لم تتأخر في أزمة الروهينجا نفى د. المريخي تأخر تعامل الأمم المتحدة في التعامل مع أزمة الروهينجا.. وقال: على العكس، كانت المنظمة الدولية للهجرة، أول من تجاوب مع الأزمة داخل ميانمار. وكانت مفوضية شؤون اللاجئين، أول من تجاوب معها في بنجلاديش. وتقوم المنظمات الأممية بتوفير المأوى وتسجيل النازحين وحالتهم القانونية للحفاظ على حقوقهم. محاور الاستراتيجية الإنسانية أعلن سعادة الدكتور أحمد بن محمد المريخي، المبعوث الإنساني للأمين العام للأمم المتحدة عن محاور الإستراتيجية الإنسانية للعمل الإنساني. وأكد أن تلك الإستراتيجية ترتكز على 4 محاور رئيسة، أولها، حشد الموارد ويتجسّد بها دوري الأساسي، كمبعوث إنساني. وقال: أركز فيها على تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والقطاع الحكومي للدول، ومنظمات المجتمع المدني الإنسانية، والقطاع الخاص، لما لهم من دور فعّال في الشؤون الإنسانية. وأيضاً، توجيه الدول في كيفية التعامل مع الأمم المتحدة، بما يعطيها الشفافية وأن الدعم الذي تمنحه عبر المنظمة الأممية موثوق، إضافة إلى الاعتراف الدولي بجهود هذه الدول. وأضاف: والأمر الثاني في الإستراتيجية، يتعلق بعملية التوعية والتأييد، لأن كثير من الدول والمنظمات غير الحكومية، ليس لديها توعية كافية بمنظمات الأمم المتحدة العاملة على الأرض، وربما لدى بعضها تجربة سيّئة معها، ودوري هو توضيح التطور الذي حدث في عمل منظمات الأمم المتحدة، فالأوضاع حالياً مختلفة تماماً عنه منذ خمس سنوات على سبيل المثال. وقال: ثالثاً، تطوير السياسات داخل منظمات الأمم المتحدة، بحيث تتوافق وخطط المانحين خاصة المانحين الجدد أو المانحين غير التقليديين، رغم تحفظي على هذه التسمية، إلا أن الهدف منها، هو توضيح الفرق كمفهوم فقط، بين المانحين التقليديين، مثل الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي وغيرها، والمانحين غير التقليديين، مثل الدول الخليجية والعربية التي لها سجل حافل في العمل الإنساني والتنموي، ولديها مهارات وخبرات في كيفية التعامل مع الأزمات الإنسانية. وقال: رابعاً، تعزيز دور المبعوث الإنساني من خلال الزيارات الميدانية لأماكن المساعدات، لما لها من أثر كبير على تطوير العمل، بالاطلاع على عمل منظمات الأمم المتحدة على الأرض، وتكوين صورة واضحة ومقنعة، يتم نقلها للمانحين وبالتالي طلب الدعم الإضافي اللازم للجهود الإنسانية، وأيضاً التعرف على ما يتمنى المانحون تحقيقه على أرض الواقع.
مشاركة :