شبح الجوع يلاحق سوريين أضناهم الغلاء | | صحيفة العرب

  • 6/11/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يعاني السوريون في هذه الأيام ارتفاعا حادا في أسعار المواد الأساسية، ولم يستطيعوا إخفاء استيائهم من هذه الحالة وسط المصاعب الاقتصادية التي يعيشونها. وأصبحت أحاديثهم اليومية في السوق، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتمحور حول الغلاء وانهيار الليرة وعجزهم عن توفير الطعام. دمشق- خلال أكثر من تسع سنوات من الحرب، بقيت أم أحمد وعائلتها بمنأى عن المعارك والقصف، لكنها اليوم تخشى على أطفالها الخمسة من الجوع مع تآكل قدرتها الشرائية جراء الهبوط الحاد في قيمة الليرة السورية. تقول أم أحمد (39 عاما) المقيمة في بلدة بنش في شمال غرب سوريا، “منذ أن بدأت الحرب، ذقنا كل أنواع الألم والعذاب، وأعتقد أنّ المجاعة هي التي سنذوقها” في الفترة المقبلة. وشهدت العملة المحلية هبوطا سريعا في قيمتها خلال الأيام القليلة الماضية في السوق الموازية، إذ ارتفع سعر صرفها مقابل الدولار بين يومي السبت والاثنين من 2300 إلى أكثر من ثلاثة آلاف، فيما سعر الصرف الرسمي مثبت على 700 ليرة. وتسبّب ذلك في ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية والسلع في أرجاء البلاد كافة ودفع بعض المتاجر إلى إغلاق أبوابها وسط امتعاض واسع في صفوف السكان. واضطر عدد من التجار إلى تغيير بطاقات الأسعار على المواد الغذائية ست مرات في الأسبوع الماضي وحده، حيث إن الأسعار ارتفعت بنسبة 30 في المئة الشهر الماضي. وقال التقرير إن العديد من تجار التجزئة توقفوا عن البيع حتى تستقر الأسعار على نطاق معين، مضيفا أن نسبة المبيعات وصلت إلى أدنى مستوى لها، حيث يسأل الناس عن الأسعار أكثر من الإقدام على الشراء. ليرات بلا قيمة ليرات بلا قيمة ومع ارتفاع الأسعار، تفكّر أم أحمد في شراء كيس من الطحين وإعداد المؤونة تحسّبا للمرحلة المقبلة، تقول “إذا استمر انهيار العملة، فنحن أمام مجاعة كبرى ولن يستطيع أحد شراء حاجياته”. وتتابع أم أحمد، مشيرة إلى أن زوجها يعمل بشكل متقطع، “نعيش الآن على بعض المدّخرات.. وقمنا كذلك ببيع أرض ورثناها، لكن لا أعتقد أن المال سيدوم كثيرا في ظل الغلاء الفاحش”. وقالت، “يجب على الحكومة أن تفعل أي شيء للسيطرة على هذا الهوس في الأسعار”. ويرى الخبير الاقتصادي والباحث لدى “تشاتام هاوس” زكي محشي أنّه “لا يمكن للنظام أن يسمح بالمزيد من الارتفاع في الأسعار لأنه يعلم أن هذا سيؤدي إلى.. اضطرابات اجتماعية لا يمكن احتواؤها”. إلا أنّه يتحدث عن “عوامل عدة تشير إلى أن الليرة السورية ستستمر في التراجع” مقابل الدولار. وأثار تراجع قيمة الليرة امتعاضا واسعا في صفوف التجار. ودفع بالعشرات من سكان مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا إلى التظاهر منذ الأحد الفارط احتجاجا على الأوضاع المعيشية الصعبة. ويعيش الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر، وفق إحصائيات الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ مايو 2019، بحسب برنامج الأغذية العالمي. وأعربت الأمم المتحدة عن القلق البالغ إزاء الارتفاع السريع في أسعار المواد الغذائية في أرجاء سوريا كافة. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل 133 في المئة منذ مايو 2019 بينما يعيش الجزء الأكبر من السوريين تحت خط الفقر وكتب نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية حول سوريا في الأمم المتحدة مارك كاتس في تغريدة الثلاثاء، أنّ “أكثر من تسعة ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في وقت تواصل فيه أسعار المواد الغذائية ارتفاعها مقابل انخفاض قيمة الليرة السورية بمعدّل قياسي”. وأردف قائلا، “ازدادت الأسعار بأكثر من الضعف في العام الماضي، حيث ارتفعت بنسبة 133 في المئة بجميع أنحاء البلاد”. في دمشق، بدأت لميس الشيخ (52 عاما) شيئا فشيئا الاقتصاد في مشترياتها الغذائية، تقول “الأسعار من نار.. ونشهد كل يوم قائمة أسعار جديدة أكثر ارتفاعا من اليوم السابق”. وتضيف، “نغيّر طعامنا اليومي بحسب الأسعار (…). يقولون إننا لا نزال في البداية، فليساعدنا الله”، مبدية خشيتها من أن “يأتي يوم أنزلُ فيه إلى السوق وأعود دون أن أشتري شيئا بسبب الغلاء”. وقالت سمر الحافظ وهي، ربة بيت لوكالة أنباء “شينخوا”، إن “الوضع الاقتصادي أصبح مخيفا في الأسابيع الأخيرة”. وتابعت، “لا أعرف ما حدث، فجأة ارتفعت الأسعار بشكل مرعب، أنا الآن أتسوق من خلال النظر إلى نوافذ المحلات لأنني لا أستطيع تحمل هذه الأسعار”. أسعار لا تستقر على حال أسعار لا تستقر على حال بالنسبة إلى رولا زيتونية، كان الوضع هو نفسه، حيث اشتكت من ارتفاع الأسعار الجنوني. وقالت “يجب على الحكومة أن تفعل أي شيء للسيطرة على هذا الهوس في الأسعار”، مشيرة إلى أن “راتب زوجي يكفي فقط لمدة خمسة أيام في الشهر وسط هذه الأسعار المجنونة”. وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الناس في مخاطبة الحكومة من خلال المنشورات التي تحث المسؤول على إيجاد مخرج لهذه الأزمة الاقتصادية لأن الناس لا يمكنهم تحمل هذا الوضع بعد الآن. ولا يميّز الغلاء بين منطقة وأخرى بغض النظر عن الجهات المسيطرة، ففي القامشلي، أقفلت بعض المحال وتراجع عدد الزبائن في أسواق اعتادت أن تكتظ شوارعها ومحالها ومقاهيها بالزوّار. داخل متجر للمواد الغذائية، يدقّق راشد أومري (50 عاما) في فواتيره، مبديا امتعاضه من وجود “سعر صباحا وآخر مخالفا له بعد الظهر”. ويضيف “عندما نبيع البضائع نخسر وعندما نشتريها نخسر”، معتبرا أن “كل ما يحصل خسارة في خسارة”. ويطغى الارتفاع السريع والمتواصل لسعر صرف الدولار على أحاديث الناس في الشارع. في سوق القامشلي، تبحث أم علاء (55 عاما) عما يمكنها شراؤه بأقل سعر ممكن. تقول الأم لثلاثة أولاد، أحدهم لا يزال يعيش معها، إن تكلفة الوجبات باتت مرتفعة جدا، “أليس حراما أن يصل سعر زجاجة الزيت إلى 3500 ليرة بعدما كان 500 ليرة فقط؟”.

مشاركة :