شهدت مدينة يافا صدامات مع الشرطة، لليلة الثالثة على التوالي، خلال الاحتجاج الشعبي على مخطط بلدية تل أبيب- يافا، لهدم ما تبقى من «مقبرة الإسعاف الإسلامية» في المدينة، وبناء عمارة مكانها لإيواء اللاجئين الأفريقيين.وقال إمام «مسجد البحر» في يافا، الشيخ محمد عايش، إن مسلمي المدينة وكل أهلها العرب، ومعهم بعض المتضامنين اليهود، يتصدون للمشروع البلدي العدواني: «الذي يحاول حل مشكلة عنصرية بتعسف عنصري». وأوضح أن «أهالي يافا يصرون على وقف هذا المخطط المشؤوم الذي يسطو على المقبرة ويدنس حرمتها. أي تصرف آخر سيكون بمثابة دعم لمن يرضى بانتهاك حرمة أمواتنا والاعتداء على مقدساتنا، وبالتالي لن يتوقف نضالنا حيال هذا الموضوع حتى ننهي هذا المخطط».وكانت بلدية تل أبيب- يافا قد أقرت مشروعاً لإسكان عدد من اللاجئين الأفريقيين الذين لم يعد بمقدور الحكومة الإسرائيلية طردهم من البلاد. وعلى الرغم من المساحات الواسعة من الأرض، المتوفرة للبلدية، لم تجد سوى قطعة الأرض التي تضم ما تبقى من رفات الأموات. فهذه المقبرة قائمة منذ أكثر من مائتي سنة، وهي واحدة من عشرات المقابر والمقدسات الإسلامية والمسيحية الأخرى التي تسيطر عليها السلطات الإسرائيلية بالقوة، وتحاول هدمها لأغراض سياسية مغلفة بمشروعات تجارية. وقد تصدى أهالي يافا وعديد من «فلسطينيي 48» لإنقاذها، وتوجهوا إلى المحكمة الإسرائيلية طالبين نقل المشروع إلى مكان آخر في المدينة، لا ينطوي على مساس بمشاعر المسلمين؛ لكن المحكمة المركزية في تل أبيب رفضت الدعوى، وقبلت برأي البلدية التي اعتبرتها «مقبرة غير فاعلة وغير مستخدمة منذ 1948».وأقام الأهالي لجنة للدفاع عن «مقبرة الإسعاف»، مؤلفة من أهالي المدينة العرب، و«الهيئة الإسلامية»، ونشطاء سياسيين ووطنيين، أعلنوا رفضهم لقرار المحكمة، وتنظيم سلسلة نشاطات، بينها إقامة صلاة العشاء كل يوم فيها. وقرروا أيضاً مقاطعة كاملة لأي تعامل مع البلدية وأذرعها، ولأي تعامل مع الشرطة التي تحمي جرافات الهدم البلدية. وفي كل صلاة كهذه، كانت الشرطة ترفد قوات كبيرة وتفرق المصلين بالقوة، من خلال البطش بهم واعتقال عدد من شبابهم، وإصابة العشرات بالجراح، وبينهم عدد من الأطفال.وأمس، أعلن عضو بلدية تل أبيب- يافا، عبد القادر أبو شحادة، من قائمة يافا، الانسحاب من الائتلاف في بلدية تل أبيب- يافا، احتجاجاً على تجريف المقبرة وعنف الشرطة مع المتظاهرين. وأصدرت قائمة يافا بياناً بعنوان «تاريخنا وإرثنا الحضاري صمام الأمان لبقائنا وصمودنا في يافا»، أكدت فيه: «لقد انتخبنا للمجلس البلدي، قبل عامين، وانضممنا للائتلاف البلدي بهدف المساهمة في تطوير يافا، ودعم مجتمعنا العربي الفلسطيني اليافوي. على مدار سنتين، حاولنا التأثير على سيرورة اتخاذ القرارات العامة والمتعلقة بيافا، نجحنا وأنجزنا بعضها، وفي المقابل رأينا تجاهلاً وعدم تخصيص ميزانيات في مجالات عامة أخرى وحارقة يحتاجها المجتمع اليافوي. والتطورات الأخيرة في قضية (مقبرة الإسعاف الإسلامية)، وعدم احترام البلدية لاتفاق الائتلاف، وتجاهلها لمساعينا ومطالبنا من أجل الوصول لتسوية بخصوص المقبرة، والاستماع لنداء ومطالب الشارع اليافوي، دفعتنا في قائمة يافا لإعلان الانسحاب من الائتلاف البلدي».وقال أبو شحادة إن «تاريخ نضالنا اليافوي يثبت كل مرَّة من جديد قوة الإصرار وروح التضحية الموجودة بين أبنائه من أجل ضمان بقائنا في يافا، والتي يتم محاولة تهويد معالمها يوماً بعد يوم، إلى جانب الغلاء المعيشي والإسكاني الذي يعاني منه أهالي المدينة، والذي يضعهم أمام تحديات وقرارات صعبة، مثل الهجرة والسكن خارج المدينة».
مشاركة :