فلتخرس أبواق الفتن | فضاء كويتي

  • 7/5/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تفجير مسجد الامام الصادق، وما سبقه من أحداث مشابهة، كان وبلا شك نتاج فكر إقصائي تكفيري، أكل عليه الدهر وشرب، ما زال البعض غير القليل يتعايش ويقتات من فتاته، نسأل الله أن يتلاشى ويتداثر هو وأصحابه. هذا الفكر ما كان له أن يتنامى إلا بواسطة أبواق، استغلت سذاجة البسطاء لاستمرار بقائهم وضمان تواصلهم، واتخذت من الفتن سبيلاً الى نيل الشهرة الزائفة والاموال الطائلة. أبواق الفتن كثيرة، من جميع المستويات والاصعدة، من قمة الهرم الى أسفله، من أصحاب المؤهلات العليا ماسحي «الأجواخ» الى الجهال المتعصبين أهل الفضول، من قنوات الفتنة والدمار الى صحف وعاظ السلاطين وما أكثرهم، هؤلاء شكلوا أفضل مساحيق غسيل الادمغة، بات البسيط لا يعي ولا يبصر غير أقوالهم وأفعالهم الخالدة، وأمسى هو أسيرهم يميل مع رياحهم الموبوءة. هذه الابواق، أساسها نبتة شيطانية تغذت وروت نتيجة تحالفات دينية سياسية، وأغدقت عليها من الاموال دول إقليمية بسذاجة، حتى إذا كبرت ونمت واشتد عودها، وامتلأت أغصانها بأفكار جهادية بالية، وحملت ثمارها قنابل حارقة واحزمة متفجرة، عادت وصوبت سهامها نحو العالم بأسره ونحو اليد التي زرعتها ايضا، «وعلى نفسها جنت براقش». هم دأبوا ليل نهار الى تكفير و«تلعين» الطرف الآخر، ما إن نطقت دولة هناك وحشرت أنفها في مأساة حدثت، الا وتعالت أصوات النعيق هنا لإخراج من هم على ملتهم من الدين، هي السياسة اللعينة التي دوما يؤخذ بجريرتها الافراد البسطاء، هم يتبارزون في لعب «الشطرنج» ونحن نتفرج، أصبحنا وقودا لمعاركهم الخاسرة. وعندما تدق ساعة الخطر، ويفجر الحزام الناسف، وتتناثر أجساد المصلين لتصبح أشلاء، وتتعالى الصيحات هنا وهناك ويرى العالم بأجمعه حجم المأساة، يلجأ هؤلاء الى «الاستنكار» وذرف دموع التماسيح، وسكب الماء على النار تهدئة للخطب، لأيام معدودة ثم «ترجع حليمة لعادتها القديمة». إنها «شيزوفرينا» جديدة تخلط التحريض بالاستنكار لخداع البسطاء ولضمان استمرار قنواتهم وبث سمومهم، ماهرون باللعب على الوتر الحساس، ترفع أصواتهم ما هدأ الناس وتخفض ما ثاروا، «اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزنوك». وهم حتى في استنكارهم لا حياء لهم، فيسعون ما استطاعوا إبعاد صاحب «الحورية» من فعلته، حتى وإن أقر أتباعه بفعله المشين، وقد رأينا بعد مأساة مسجد الامام الصادق كيف أن البعض حاول بطريقة أو بأخرى إبعاد التهمة عن المجرم الحقيقي وإلصاقها بإحدى الدول، «الحمد لله الذي جعل أعداءنا من الحمقى». إننا نعول الكثير من الامل على الشرفاء من الساسة والخطباء والكتاب، لوأد الفتنة وفضح هؤلاء المفسدين وإخراس هذه الأبواق، نعلم انه يوجد هناك الكثير من المخلصين في الجهات الرسمية ممن يصلون الليل بالنهار دأبا، لهم منا أجمل الثناء والتبجيل، ولكننا وللأسف لا نرى نتائج أعمالهم على أرض الواقع إلا في أوقات اشتداد الأزمات، وعندما تهدأ الامور تتراخى أفعالهم وتتوانى، وتبدأ من جديد أبواق الفتن بالعزف على أوتارهم القبيحة. نسأل الله العلي القدير أن يرحم شهداءنا الابرار، وأن يسكنهم فسيح جناته، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان، إنه غفور رحيم. * كاتب كويتي Twitter: @ftaleb

مشاركة :