تونس – حذّرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، إثر ظهور رئيس البرلمان راشد الغنوشي في حوار بقناة تلفزيونية خاصة، من أنّ تونس "بصدد حالة غزو ممنهجة تستهدف تمكَين أطراف مشبوهة من مؤسسات الدولة وهو ما يستوجب على وجه الاستعجال تطبيق القانون قبل فوات الأوان". وأدانت النقابة في بيان، حضور راشد الغنوشي في القناة التلفزيونية الخاصة "نسمة" في حوار مدته 44 دقيقة، معتبرة أنّها خطوة تعكس "افتقاره للوعي وثقافة احترام القانون". وأكدت مساندتها لموقف الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري (الهايكا)، التي عبرت عن استنكارها واستيائها من حضور رئيس مجلس نواب الشعب في القناة التلفزيونية. وكانت الهايكا قد اعتبرت تصرّف راشد الغنوشي سعيا لتكريس ثقافة عدم احترام القانون والإفلات من العقاب باعتبار القناة مخالفة للقانون منذ عدة سنوات. وقال هشام السنوسي عضو الهيئة إن “الغنوشي ترك الإعلام العمومي والخاص واختار الظهور في قناة غير قانونية وملفها موجود لدى هيئة مكافحة الفساد”، وبذلك “يتم تغليب المحاصصة الحزبية على الصالح العام واحترام القوانين”. وأوضح أن التلفزيون الوطني تم استدعاؤه قبل المساءلة غير أن الغنوشي خيّر الظهور إعلاميا في قناة غير قانونية. وطالبت النقابة الحكومة بتحمل مسؤوليتها تجاه مواصلة البث لبعض القنوات المسنودة من أحزاب وشخصيات تحوم حولها شبهات فساد، معتبرة أن استمرار ذلك ينزع كل مصداقية عن خطابات وشعارات محاربة الفساد. وفي سياق متّصل، دعت النقابة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إلى الإسراع في حسم الملفات التي بحوزتها منذ أشهر وقد سبق أن استلمتها من الهايكا ومصارحة الرأي العام بمآلات التقصي في شأن وسائل الإعلام المخالفة للقانون والتي تخضع لسلطة حزبية وسياسية. وكانت الهايكا قد أحالت في فبراير الماضي ملفات القنوات غير الحاصلة على إجازة والتي تبث بطريقة غير قانونية على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عملا بمقتضيات القانون الأساسي رقم 10 لعام 2017 والمتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين، وذلك تبعا لقرار مجلس الهيئة المؤرخ في 4 نوفمبر 2019. رئيس البرلمان في تلفزيون مخالف للقانون رئيس البرلمان في تلفزيون مخالف للقانون وتعتبر كلّ من قناة “نسمة” و“الزيتونة” والقناة الإذاعية “القرآن الكريم” وجميعها وسائل إعلام خاصة، غير قانونية باعتبارها تبث دون الحصول على ترخيص من الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري بوصفها الجهة الوحيدة المختصة قانونيا بمنح تراخيص إحداث واستغلال منشآت الاتصال السمعي والبصري في تونس. واعتبرت نقابة الصحفيين أن الدعم السياسي الحزبي بلغ حد توظيف المؤسسات العمومية لخدمة المارقين والمستقوين على هياكل الدولة وقوانينها، وهو ما شجّع "هذه اللوبيات على التمادي في إهانة الدولة والعبث بمؤسساتها". واستشهدت النقابة في نصّ البيان، بإقدام صاحب إذاعة القران الكريم غير القانونية إلى فتح فرع لها في محافظة صفاقس، جنوب شرق البلاد، أمام ناظر السلط المحلية وخاصة المحافظ (الوالي) الذي حملته مسؤولية خاصة لما وقع. وذكّر البيان الرأي العام التونسي بالهياكل العمومية المسؤولة على ضمان الترددات وضرورة استعمالها وفق القانون، والتي تخضع لإشراف وزارة تكنولوجيات الاتصال. وطالبت النقابة الوطنية للصحفيين بضرورة "مساءلة رئيس الحكومة عن سر هذا الغياب وهذا الصمت المريب". كما شدّدت النقابة على أن نتائج سياسة غض الطرف التي تتبعها السلطة التنفيذية، المتمثلة في رئاستي الحكومة والجمهورية ستكون وخيمة على مستقبل البلاد، كما ستشكل لبنة لتمركز الشبكات المافيوزية التي ستحول دون بناء دولة ديمقراطية مدنية قوامها حرية التعبير واحترام القانون والمؤسسات. ويواجه راشد الغنوشي، رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة، غضب الأحزاب السياسية بمختلف انتماءاتها الأيديولوجية بسبب إصراره على مواصلة عدم احترام القانون التونسي وتعديّه على صلاحيات السلطة التنفيذية الممثلة في رئيسي الحكومة والجمهورية. ويرى متابعون أن الغنوشي يسعى إلى تحويل مركز السلطة إلى البرلمان، بما يخدم أجندات الحركة الإسلامية في الاستحواذ على الشرعية القانونية، فضلا عن التغوّل في إدارة شؤون البلاد.
مشاركة :