جنوب دارفور (السودان) – أدخل نبأ توقيف علي كوشيب أحد زعماء ميليشيا “الجنجويد” ومثوله الاثنين المقبل أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب مجازر في دارفور فرحا مؤقتا يضمد جراح النازحين بالإقليم. ولم يخف الضحايا أملهم في أن تفضي المحاكمة إلى إصدار عقوبات تتلاءم مع المجازر التي ارتكبها المتهم، وذلك بعد ما كشفت المحكمة الجنائية الدولية والنيابة العامة السودانية أن كوشيب المتهم بارتكاب مجازر في إقليم دارفور سيمثل أمام المحكمة الجنائية الاثنين المقبل للمرة الأولى أمام الدائرة التمهيدية. وعلي محمد عبدالرحمن، الشهير بـ”كوشيب” ملاحق بحوالي 50 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور الواقع غرب السودان، وقد سلم نفسه هذا الأسبوع في جمهورية أفريقيا الوسطى. ولم تتمالك الشابة السودانية بدرية صالح نفسها وأجهشت في البكاء حين تذكرت زوجها وشقيقها مع سماع نبأ كوشيب الذي تتهمه بقتلهما، إلا أن دموعها لم تخف فرحتها بمثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية. وقفت صالح وهي ترتدي الزي السوداني التقليدي “الثوب”، في مخيّم “السريف” للنازحين بولاية جنوب دارفور، وقالت “كوشيب قتل زوجي وشقيقي وهم يدفنون أحد أقاربنا في عام 2013 وتسبب في فرارنا من قريتنا”. وأضافت الشابة البالغة من العمر 34 عاما متحمسة، ومن حولها المنازل الطينية تغطيها سقفيات من الحشائش الجافة والأغطية البلاستيكية في المخيّم الذي يبعد نحو 5 كلم من مدينة نيالا عاصمة الولاية، “لم أصدق في بادئ الأمر أنه أُعتقل حتى سمعت بيان المدعية العامة للمحكمة”. وكوشيب، الذي يُعتقد أنه مولود في عام 1957، مقرب من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، الذي تلاحقه أيضا المحكمة الجنائية الدولية والموقوف حاليا في الخرطوم. وشهد إقليم دارفور، الذي يعادل مساحة فرنسا تقريبا، منذ عام 2003 نزاعا بين السلطة المركزية والمتمردين المتحدرين من أقليات إثنية وحربا أهلية، اتّسمت بأعمال وحشية ارتكبتها ميليشيات الجنجويد الموالية لنظام البشير. ووفق الأمم المتحدة، أدى هذا النزاع إلى مقتل ما لا يقلّ عن 300 ألف شخص وتشريد 2.5 مليون. عذاب لا ينسى عذاب لا ينسى ووصف حسن السنوسي، أحد النازحين بالمخيّم، الخبر بأنه “يبعث في النفس شعورا بالرضا”. وقال “كوشيب هاجم قريتنا (فندق) بخمس سيارات وقتل شقيقي ومعه 35 من أهل القرية، كان ذلك قبل ثماني سنوات ومن وقتها أعيش في المخيم لخوفي من بطشه”. وكوشيب متّهم بجرائم ارتُكبت في إطار نزاع دارفور بين عامي 2003 و2004 بينها جرائم قتل واغتصاب ونهب وتعذيب، وقد أشارت المحكمة إلى أنه “شارك شخصيا في بعض هذه الاعتداءات”. ويقول حامد أحمد حرير، وهو نازح آخر “حاولت العودة إلى قريتي رهيد البردي، لكن كوشيب اعتقلني لمدة يومين، وهددني بالقتل إن لم أخرج، ولم أعد إليها مرة أخرى”. وتبعد رهيد البردي حوالي 150 كلم جنوب غرب نيالا. وكتب مني أركو مناوي زعيم حركة تحرير السودان، إحدى الحركات المسلحة، على حسابه في موقع تويتر “القبض على كوشيب يعني نجاح العدالة الدولية وبالتالي انتصار للضحايا وننتظر محاكمة بقية المطلوبين وعلى رأسهم البشير”. Mini Arko Minawi. | مني اركو مناوي @ArkoMinawi نجاح المحكمة الدولية في القاء القبض علي كوشيب يعني نجاح العدالة وبالتالي انتصار للضحايا ، عقبال لباقي المطلوبين علي رأسهم البشير . 990 5:04 PM - Jun 9, 2020 Twitter Ads info and privacy 357 people are talking about this ويقول إسحاق محمد زعيم النازحين في مخيّم “كلمة”، أكبر المخيمات في الإقليم، “هذا ما ظللنا نطالب به وإذا سارت الأمور هكذا وتم القبض على بقية المطلوبين سيكون انتصارا كبيرا جدا لنا”. وعبّر الحاج عبدالرحمن عمر (70 عاما) عن سعادته قائلا “منازلنا ومزارعنا وأملاكنا استولوا عليها، بتأييد الحكومة المحلية”، مضيفا “أهلي تركوا أكثر من 150 متجرا في سوق مدينة رهيد البردي استولى عليها كوشيب وحوّلها لاستثمارات خاصة”. وإلى جانب البشير، لا تزال المحكمة الدولية تلاحق ثلاثة من المشتبه بهم في إطار تحقيقها حول الوضع في دارفور الذي فُتح في العام 2005 بعد إحالته من مجلس الأمن الدولي. وكانت الحكومة السودانية أبدت استعدادها في فبراير لمثول المطلوبين الآخرين أمام المحكمة. وقال فيصل محمد صالح المتحدث باسم الحكومة ووزير الثقافة والإعلام في بيان إن “الحكومة السودانية تعلن ترحيبها بهذه الخطوة، وتنتهز الفرصة لتأكيد موقفها المعلن سابقا باستعدادها لمناقشة أمر مثول بقية المتهمين المطلوبين من المحكمة الجنائية”. ووصفت الحكومة مثول المطلوبين بأنه “شرط لتحقيق السلام في دارفور”. وبشأن هذه الخطوة، جاء في أحدث تقرير حول دارفور للمدعي العام المحكمة الجنائية الدولية والذي نٌشر على موقعها الرسمي، “يأمل المكتب (المدعي العام) أن يغتنم السودان هذه الفرصة التاريخية قولا وفعلا”. وبحسب التقرير، قال المدعي العام “من اللازم لكي يجري مكتب المدعي العام تحقيقا أن تقلب السلطات السودانية الصفحة بشكل واضح على موقف الإدارة السابقة تجاه المحكمة”.
مشاركة :