يشرح الفيلم الوثائقي "عقيدة الصدمة" أسلوب التلاعب التي استخدمته الحكومات منذ الخمسينات من القرن الماضي وحتى اللحظة، الذي يعتمد على إستراتيجية الصدمة، وذلك لخصخصة المنافع العامة التي يمتلكها الشعب ورفع الرقابة عن الأسواق استجابة لسياسات الرأسمالية العالمية، هذا التلاعب يتم بهدف وضع المجتمع المستهدف في حالة صدمة يعاني بعدها الناس من الرهبة وفقد القدرة على الحركة مع ضياع الحقوق الوحشي عبر خيط تحريك الدمى وراء الأزمات التي غيرت العالم بالتزامن مع تصريحات حكوماتية يتم إلقاؤها بلا هوادة. تعيد الكاتبة نعومي كلاين بداية " العلاج بالصدمة " إلى الطب النفسي عندما تعاونت وكالة الاستخبارات الأمريكية مع الطبيب الكندي إيوين كاميرون وموّلت أبحاثه التي يعتقد من خلالها أن ثمة عاملين مهمين يتيحان له الحفاظ على إدراك الذاكرة والبيانات الحسية التي ترد باستمرار، ليستفيد من هذه الأبحاث " ميلتون فريدمان " المحاضر بقسم العلوم الاقتصادية بجامعة شيكاغو، حيث يرى فريدمان أن الأزمات فقط حقيقية أو متصورة هي التي تنتج تغيرا حقيقيا، وبذلك يتم نهب المال العام عبر وسائل تعتمد على الاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية والذرائع القسرية - التي تترك الناس في قبضة الخوف والقلق - لتمرير " إصلاحات " السوق الحرة المرفوضة شعبيا. أرخت كلاين الأزمات خلال العقود الأربعة الأخيرة والتي تضمنت برنامج فريدمان - شيكاغو الانقلابات العسكرية في أمريكا الجنوبية إثر الأزمات الاقتصادية والسياسية في تشيلي والأرجنتين والبرازيل انتقالا إلى تفكيك الاتحاد السوفييتي وانهياره بشكل نهائي وصولا إلى شرق آسيا واستغلال كارثة إعصار تسونامي وانتهاء بالدخول الأمريكي المسلح على دولة العراق-؛ ولأن كلاين كانت قد زارت بغداد أثناء الحرب وشاهدت الهجوم المكثف عليها وتدمير بناها التحتية؛ أطلقت مصطلح " فرط الصدم " الذي ولد نتيجة عزيمة المجتمع العراقي وإصراره على المقاومة، لتؤكد أن ما فعله جورج بوش في العراق كان تبنيا صريحا لعقيدة الصدمة التي يعتبر شعارها " الوقت الأفضل للاستثمار هو حين يكون الدم لا يزال على الأرض" فمهندسو الجيش الأمريكي كانوا على يقين تام أن البلد سيتم بيعه بالمزاد العلني بينما يكون العراقيون تحت تأثير صدمة القصف والتعذيب الجماعي وانقطاع الكهرباء والصدمة الاقتصادية، إذ إن الجيش الأمريكي كان قد رمى ثلاثين ألف قنبلة على العراق إضافة إلى عشرين ألف صاروخ كروز منقولة بشكل مباشر عبر السي إن إن وذلك لإحداث الخوف الجماعي وإيصال رسالة استعراض عالمية للقوة العسكرية لمن يتمرد على أمريكا.
مشاركة :