تحريك الدمى .. عزف موسيقي من نوع آخر

  • 3/18/2023
  • 23:34
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتحرك 18 يدا من موقعها غير الظاهر فوق خشبة مسرح الدمى في مدينة سالزبورج النمساوية لضخ الحياة في الشخصيات الموجودة أمام الجمهور، وهو فن تجاوز عمره الـ100 عام، يختزن قدرا كبيرا من السحر، ويتطلب مهارة يحتاج اكتسابها إلى أعوام من التدريب. ومن بين الذين يتولون شد الخيوط "من علو مترين فوق المسرح" إدوارد فانك، بنظارته المستديرة وشاربه الرفيع وشعره الأشعث. نما فانك شغوفا بعالم ما وراء كواليس العروض منذ طفولته في باريس، ويعشق التقنية التي اخترعها قبل 110 أعوام مؤسس مسرح سالزبورج البديع النحات النمساوي أنتون أيشر، التي باتت اليوم ضمن قوائم اليونسكو التراثية. وشبه فانك البالغ 34 عاما فن تحريك الدمى بـ"العزف على آلة موسيقية". وقال: "العازف لا يفكر في أوتار آلته أثناء العزف"، ويعرف النوتات التي يفترض عليه أن يعزفها. أما على مسرح الدمى، فحركات الشخصيات تكون بالغة الدقة، وتظهر المشاعر بصورة ملموسة. يستخدم محركو الدمى في مهمتهم أداة على شكل صليب صغير توضع على يد واحدة، تمكنهم من جعل الشخصيات "تقبل أو تعانق"، وهو ما "ليس ممكنا دائما بتقنية مختلفة". وليس متاحا تعلم كيفية استخدام هذه التقنية في أي مدرسة، وما على المهتم إلا أن يتدرب في هذا المسرح بالذات، ويستلزم إتقان هذا الفن على النحو الأمثل أعواما عدة، علما أن بعض الشخصيات المعقدة قد تكون لها عشرات الخيوط، ويتطلب تحريكها نحو خمسة متخصصين. ومحركو الدمى هم أيضا صانعوها، إذ يخصصون ساعات يوميا لهذه الكائنات الخشبية التي يوجد المئات منها في المشاغل، قبل أن ينتقلوا إلى قاعة المسرح لتحريكها خلال العروض. ويتولى الفنانون أنفسهم نحت الدمى الخشبية وطلاءها وإلباسها، وهي تمثل شخصيات أشهر الحكايات، ومنها "سنو وايت والأقزام السبعة"، و"الأمير الصغير"، و"الناي السحري"، أو المستوحاة من المسرحيات الغنائية. ورأى إدوارد فانك المتخصص في تصميم الأزياء المسرحية والفخور بانتمائه إلى الفريق أنها "مهنة غير عادية". وزاد في الأعوام الأخيرة عدد جمهور المسرح الذي يعتاش منه 19 شخصا. واستنتج فانك أن الناس "سئموا العالم الافتراضي"، وعادوا يهتمون مجددا "بما يمكن لمسه وسماعه ورؤيته". وعدت إيلزي لاوبيشلر (79 عاما) التي واظبت منذ صغرها في الحضور إلى هذا المسرح، أن "هذا الفن رائع حقا"، وتحرص اليوم على أن تعرف أحفادها به. وأضافت: "أنا أحب الدمى، ولباقة حركاتها، وكونها يمكن أن تمثل أي شيء، سواء كانت راقصة باليه أو تنينا أو شخصية كاسبيرل التقليدية الجرمانية".

مشاركة :