«ماريا» تعيد تدوير المخلفات الزراعية: تحولها إلى قطع تخدم الأثاث ومستلزمات المنزل

  • 6/13/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعيدًا عن صخب المدينة، وزحمة شوارعها، وتلوث هواءها، تقيم مارية الأتاسي بمزرعتها الخاصة منذ حوالي 15 عامًا، قاصدة من إقامتها هناك، التقرب إلى الطبيعة، والعودة إلى الإنسانية التي شوهتها حياة المدينة، على حد تعبيرها، بينما لا يعكر صفو هذه الحالة سوى الرغبة في شغل أوقات الفراغ والبحث عن عمل أو هواية، حتى جاءت فكرة الاستفادة من المخالفات الزراعية الموجودة في مزراعتها والمزارع من حولها، بتحويلها إلى أعمال فنية عن طريق إعادة التدوير. «المحب يرى في محبوبته ما لا يراه الآخرين» بهذه العبارة، استهلت «مارية» حديثها مع «المصري لايت»، فحبها لمزرعتها دفعها للبحث عن وسيلة للاستفادة من كل تفاصيلها، حتى المخلفات. بدأت الفكرة تشغل «ماريا» منذ حوالي 4 سنوات، غير أن ضيق الوقت لم يسعفها لتنفيذ أفكارها، حتى سنحت لها الفرصة، بوصولها لسن المعاش، وقتها فقط تفرغت لتطبيق ما تعلمته من خلال شبكة الإنترنت على ما جمعته من مخالفات زراعية، لتصنع منها قطعًا فنية تستخدم بديكورات المنازل والمكاتب. قصدت السيدة ذي الـ 62 عامًا متجرًا لبيع أدوات النجارة، لجلب ما تحتاجه من مستلزمات لتنفيذ قطعها الفنية، فاقتنت منشارًا كهربائيًا، وأخر يدوي، إلى جانب الاركت، والشينيور، وغيرها من المقتنيات التي تعينيها في تنفيذ فكرتها، لتقوم بعدها بتحويل «جراج» مزرعتها لورشة متكاملة الأركان، تصنع بها ما يحلو لها من قطع فنية طبيعية. لتبدأ بعدها في سرد قصتها مع إعادة تدوير المخالفات الزراعية لصنع قطع فنية تستخدم بديكورات المنازل والمكاتب مصنوعة من المواد الطبيعية بالكامل. ولم تكن فكرة إعادة تدوير المخالفات الزراعية لصنع التحف الفنية وليدة اللحظة، بل يرجع عمرها لحوالي أربع سنوات تقريبًا، غير أن ضيق الوقت لم يكن ليسعفها لتنفيذ أفكارها، حتى سنحت لها الفرصة، بوصولها لسن المعاش، وقتها فقط تفرغت لتطبيق ما تعلمته من خلال شبكة الإنترنت على ما جمعته من المخالفات الزراعية. عدد من الكراسي لشرفة مزرعتها، ومنضدة كبيرة، لا تضطر لإدخالهما للمنزل خوفًا عليهما من عوامل الطقس، إلى جانب عدد من القطع التي تستخدم في الديكور مثل الاباليك، قصريات الزرع، الأباجورات، البراويز، وغيرها من المنتجات المصنوعة بالكامل من المواد الطبيعية، تلك كانت مجمل الأعمال التي قامت «مارية» بصنيعها منذ أن قررت إعادة تدوير المخالفات الزراعية لصنع قضعها الفنية. ليس ذلك فحسب، فبمرور الوقت، تخلت «مارية» عن شراء أي مستلزمات أثاثية لمنزلها إلا نادرًا: «أي حاجة بقيت بحتاجها بفكر الأول قبل ما أشتريها أنا أقدر اعملها من الأغصان ومخالفات الأشجار ولا لأ»، وتدلل السيدة العاشقة للطبيعة على ذلك: «روحت في يوم اشتري قطعة مطبخية لوضع برطمانات التوابل والبهارات، ملقتش أي حاجة عجبتني، والأسعار كانت مبالغ فيها جدًا، فقررت أن صنعه بما يناسب ذوقتي بنفسي». ضربت «مارية» عدة عصافير بحجر واحد، وذلك بإعادة تدويرها للمخالفات الزراعية، ليس بصنع تلك المنتجات متعددة الاستخدامات، أو بالتخلص من مخالفات مزرعتها دون الإضرار بالبيئة، بل أصبحت تجد سلوها في قضاء أوقاتها بإعادة تدوير المخالفات الزراعية من أغصان الأشجار ولوف النخيل والأوراق المتساقطة لصناعة تلك المنتجات، وهنا تقول السيدة الستينية: «إعادة تدوير مخالفات المزرعة ابعد عني شبح الملل والشيخوخة اللي كنت متخوفة منه قبل بلوغ سن المعاش». مضت «مارية» في طريق إعادة تدوير المخالفات الزراعية، ولكن هذه المرة بتبني مبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تهدف لنشر التوعية بضرورة وضع حد للتلوث البيئي الناجم عن الطرق الخاطئة للتخلص من تلك المخالفات، فبدأت بنشر أعمالها التي صنعت بالكامل من تلك المخالفات لتشجيع الأخرين على سلك نفس مسارها، وهو ما لقى رد فعل إيجابي بين مستخدمي تلك المواقع: «أعمالي ذات أهداف ثلاثية الأبعاد وهما الحفاظ على البيئة من التلوث، وأن تكون ذات بعد إنساني، وتبرز جمال وعظمة الخالق في الكون، وده كان السبب في رد الفعل الإيجابي اللي حصلت عليه». شيء واحد لم تضعه «مارية» في حسبانها، قبل أخذ زمام المبادرة بالتوعية من خلال نشر مجمل أعمالها، وهي الطلبات التي تلقتها من الأشخاص الراغبين في اقتناء تلك القطع الفنية الطبيعية، وهو الأمر الذي جعلها تعيد ترتيب أوراقها من جديد: «أنا بحب المنتجات اللي بخرجها من إعادة تدوير المخالفات ومكنش هدفي من أول ما بدأت الحصول على أي ربح مادي إطلاقًا». إصرار مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على اقتناء منتجات «مارية» دفعها للتفكير خلال تلك الفترة في مدى إمكانية الاستجابة لتلك الرغبات، إلا أنها لم تحسم قرارها بعد، وعن ذلك توضح «مريا»:«مجاش في بالي أبدًا أن مبادرتي ممكن تتحول لمشروع تجاري عشان كدة صعب احسم أمري بسهولة» مضيفة أن أقسى أمنياتها كانت رغبتها للفت الانتباه للجمال تلك المخالفات التي يتم حرقها وإمكانية الاستفادة منها بأقل التكاليف لصنع منتج طبيعي ذات مظهر جميل. طرح منتجاتها للبيع من عدمه، لا يشغل «مارية»، ففتوى قصيرة الأمد لقلبها ستحسم قراراها خلال الفترة المقبلة، أما حاليًا، فهي ترغب في الاستمتاع باللحظات السعيدة التي تقضيها، حيث تعتبر نفساها تعيش واحدة من أجمل فترات حياتها بحسب وصفها: «عايشة أجمل أيام حياتي وحاسة أن بحقق ذاتي بصنع منتجات متوافقة مع مبادئي، وتخدم قناعتي، وتزيد من تصالحي مع نفسي».

مشاركة :