أمهات ينافسن بناتهن على مقاعد الدراسـة فـي زمـن «كورونـا»

  • 6/14/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق:عبد الرحمن سعيد أمهات مكافحات انطلقن بإصرار وعزم لمواصلة طريق العلم في الكبر، بعد فترة طويلة من الابتعاد بسبب ظروف صعبة فرضتها عليهن حياتهن خلال فترة الشباب، فهؤلاء النسوة المواطنات اللوائي فاتتهن الفرصة في التعلم في الصغر قرّرن وبعزم مواصلة طريق العلم في الكبر، من خلال الالتحاق بالصفوف الدراسية سواء جامعية أو ثانوية عامة، واستطعن بجدارة واقتدار أن يرسمن طريق المستقبل بمواصلة تعليمهن. «الخليج» تحدثت إلى أمهات يدرسن في مكان واحد مع بناتهن لتمنح تلك التجربة شيئاً من الخصوصية التي تليق بهن، وأخريات يدرسن في الجامعات وأولادهن في المدارس، وفي المجمل كانت المحصلة تتخطى حدود الفخر والإيثار والطموح والإصرار، الجميع يريد لنفسه موقعاً أفضل.تطرقن إلى أبرز التحديات التي تواجه تلك الأمهات بالذات خلال الفصل الدراسي الحالي في ظل تطبيق التعليم عن بُعد في المدارس والجامعات. «الأم والبنت» تجلسان معاً في البيت والمدرسة أو الجامعة، تذاكران بحس الزمالة، وتنخرطان في مواقف إيجابية لا تفقد العمر بهجة الفرحة بالأمومة، ما دامت البنت أو الابن يفخران بأمّ عظيمة تكافح لتحصل على مكانة علمية مرموقة.المواطنة غنيمة الحمادي، أمُّ لأربعة أبناء، وبعد 27 عاماً من التوقف عن الدراسة حصلت على البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة العين بفرعها في العاصمة أبو ظبي بامتياز مع مرتبة الشرف، حيث دفعها إصرارها وعزيمتها لاستكمال دراستها التي توقفت عنها مرتين: الأولى عند زواجها، والثانية بعد مرض ابنها.وتوضح غنيمة أنها توقفت عن الدراسة المرة الأولى بعد حصولها على شهادة الثانوية العامة بمعدل 74% بسبب الزواج والتفرغ لتربية أبنائها وعائلتها في عام 1992م، ومن ثم التحقت بالجامعة في عام 2009م ولكنها توقفت مرة أخرى في عام 2010 بعد معرفتها بإصابة ابنها بمرض الدم الوراثي «الثلاسيميا»، والذي تطلب إجراء عملية زراعة نخاع العظم، الأمر الذي أجبرها على التفرغ التام والسفر لإجراء العملية خارج الدولة، وقد استغرق عدة سنوات حتى إتمام العلاج بشكل كامل.وتشير إلى أنها انضمت لاحقاً للدراسة بجامعة الحصن في عام 2016م لمدة سنة اضطرت بعدها إلى تغيير الجامعة بسبب ظروف الجامعة إدارياً مع وزارة التعليم العالي، فانتظمت حينها في جامعة العين فرع أبوظبي من عام 2017 حتى التخرج في عام 2019م بامتياز مع مرتبة الشرف بترتيب الأولى على الدفعة.وتؤكد أن الدافع لاستكمال الدراسة ليس من أجل العمل في مكان ما، ولا جني الأموال، بل كان دافعها هو شغفها في التعلم.وعن التعليم عن بُعد ومتابعة أبنائها في ذلك تقول غنيمة الحمادي، التعليم عن بُعد له محاسن ومساوئ مختلفة وأميل أكثر للنظر إلى الجانب الإيجابي منه. وتؤكد أنها ما زالت قادرة على متابعة أولادها في ظل تطبيق التعليم عن بُعد حيث إن الاعتماد على أحدث الوسائل في التكنولوجيا الحديثة لعب دوراً كبيراًَ في تسهيل التواصل مع الطاقم التدريسي والإداري، بالإضافة للاطّلاع المباشر على التقدم الدراسي بشكل دائم ومستمر. بصمة خيرة فيما تقول سلامة المريخي: أبلغ حالياً من العمر 33 عاماً، مطلقة منذ 10 أعوام ولي ابن واحد يبلغ من العمر 10 سنوات، تخرجت في مرحلة الثانوية العامة في عام 2005 والتحقت كباقي الطالبات الطموحات إلى إحدى جامعات الدولة رغبة في تحقيق أحد أحلامي، بترك بصمة خيرة في بلادي الحبيبة، ولم تمر على دراستي الجامعية سنتان حتى تزوجت في عام 2008 وتُهت في مشاغل الحياة ومسؤوليات الزواج، وتوقفت أول مرة لقرابة سنتين بسبب ظروف الزواج لم أحصل خلالها على مؤهل علمي معترف به، حيث إنني لم أكمل البرنامج حتى النهاية.وتضيف: كنت في ذاك الوقت ما زلت صغيرة، بعد زواج دام لمدة سنتين، انفصلت والتحقت مباشرة بأحد برامج الدبلوم المطروحة رغبة مني في الحصول على شهادة تؤهلني لوظيفة أفضل، حيث كنت أعمل بوزارة الداخلية بوظيفة مساعد إداري منذ عام 2010 ولمدة 4 سنوات، وبعد حصولي على شهادة الدبلوم في إدارة الموارد البشرية، لم أستطع استكمال برنامج البكالوريوس في ذات التخصص، وسرعان ما توقفت بسبب التحاق ابني بالمدرسة وزيادة متطلباته واحتياجه لي ولأنني لم أجد نفسي في ذاك التخصص، استمرت معاناتي بين مسؤوليات وظيفية ومسؤولية التربية والتدريس.وتقول: حين استكملت دراستي اكتشفت بأنني في مجال لا يمت لميولي بأية صلة وكان بهدف الحصول على شهادة فقط، ثم توقفت لمدة ثلاث سنوات، واكتشفت خلالها ميولي وطموحي وما أرغب أن أكون فيه، فالتحقت بجامعة أبوظبي تخصص القانون بطموح أن أكون قاضية يوماً ما.وتضيف: خلال مسيرتي الأكاديمية لم أستطع المعادلة بين ضغط العمل والدراسة في الوقت ذاته، حيث إن حبي وشغفي الشديد لتخصص القانون وكثرة الأعباء المنزلية اضطررت للاختيار بين دراستي ووظيفتي، فاخترت الدراسة على الوظيفة وقررت تقديم استقالتي في عام 2019 للتفرغ للدراسة ومسؤوليات ابني.وتتابع: وفي عام 2013 وبعد حصولي على مؤهل الدبلوم بجهد كبير بين وظيفة ودراسة ومسؤوليات تربوية، التحقت بالعمل بدائرة الصحة أبوظبي لمدة عام ونصف العام بمسمى سكرتير قانوني، ثم انتقلت لوظيفة مفتش في ذات الدائرة لمدة خمس سنوات، وخلال رحلة بحث عن مجالي الذي أحبه لمدة 3 سنوات وجدت نفسي أميل إلى المجال القانوني، قررت بعدها الالتحاق بجامعة أبوظبي، ودراسة القانون بها.وتوضح أنها تدرس حالياً بكل حب وشغف في جامعة أبوظبي، تخصص القانون الصف الثالث.وعن وجهة نظرها في تطبيق التعليم عن بُعد تقول سلامة المريخي: التعليم عن بُعد، هو نقطة تحول جبارة وقعت على المجتمع بطريقة مفاجئة وكان لها إيجابياتها العظيمة في ترسيخ مبدأ الاعتماد على الذات لدى الطلاب والبحث والحصول على المعلومة بجانب الجهد المبذول من قبل المعلمين وإدارات المدارس في إعطاء الدروس عن بُعد، إلا أنني أعتقد أن سلبياته تنحصر في الوقت الطويل الذي يقضيه الطالب على الأجهزة الإلكترونية من أجل الدراسة أو مشاهدة التلفاز أو اللعب. وتضيف: يشعر ابني بالفخر لاستكمالي دراستي، وكثيراً ما يشجعني لتحمل أعبائها. العلم نور «العلم ما له عمر» و«العلم نور يضيء العقول»، كانت تلك العبارات التي خاطبتنا بها فاطمة مبارك المحيربي أمّ لأربعة أبناء، واحدة منهم تدرس معها في الجامعة حتى الآن، تقول: تخرجت عام 1998 في مدرسة القادسية بنسبة 91.7%، وتم تصنيفي من المواطنات الأوائل على مستوى الدولة، وكنت ضمن أول دفعة تلتحق بجامعة زايد، حيث درست عاماً واحداً وتوقفت بسبب ظروف الزواج ومن ثم الأولاد، ومن ثم توقفت عن الدراسة عام 1999 لمدة 20 عاماً، وخلال هذه الفترة ما اشتغلت في دوام رسمي، لكني كنت متفرغة للأمومة وتربية الأبناء لتأسس أجيال. وتضيف أنها تقدمت بطلب لجامعة زايد في عام 2017 يفيد بأن ترجع تدرس ولكن لم تصدر الموافقة على الطلب، حيث إن شهادة الثانوية العامة منذ 20 عاماً، لذا طلبت إدارة الجامعة إعادة الثانوية العامة من ثم قامت بإعادتها كطالبة «منازل» في العام ذاته وتفوقت وحصلت على المركز الأول على الطالبات في المنازل على مستوى العاصمة أبوظبي فئة التعليم المستمر المتكامل، والثانية على مستوى الدولة. أما عن أبرز التحديات التي واجهت فاطمة تقول: يوم كنت أعيد الثانوية أغلب من حولي سخروا مني وما شجعوني مستخدمين عبارات جارحة لشعوري مثل «عجب لما شاب ودّوه الكتّاب»، لكني دائماً كنت أتجاهل هذه الطاقة السلبية والكلام غير البنّاء وأقول لنفسي ولهم «العلم نور».وتتابع: التحديات تكمن في أني توقفت 20 عاماً عن الدراسة، الأمر الذي جعل أسلوب التعليم والمواد تختلف بالنسبة لي، مثل مادتي الرياضيات والفيزياء كانتا من أبرز التحديات التي واجهتني، بينما باقي المواد مثل العربي وغيرها كانت بسيطة، حيث إني تأسست في المدرسة تأسيساً جيداً، لذلك استعنت بمدرسين خصوصيين لتقوية نفسي، وساعدوني على اجتياز الأمر، حيث وصلت كل مرة أمتحن أحصل على العلامة الكاملة في الرياضيات والفيزياء بالأخص دون عن باقي المواد. حصانة وظيفية الأم مريم إسماعيل البلوشي عمرها 39 عاماً وتدرس في الصف الثاني التأسيسي في إحدى جامعات أبو ظبي الخاصة، ابنتها فاطمة علي تبلغ من العمر 21 عاماً وتدرس مع والدتها في الجامعة ذاتها، كلتاهما تهتم في الحصول على شهادة جامعية من أجل حصانة وظيفية، حيث إن الأم تعمل موظفة استقبال في إحدى مؤسسات الدولة، وهي بحاجة إلى شهادة جامعية تؤمن بها وظيفتها.وتقول: درست في سنوات مبكرة في المدرسة النظامية، لكنها لم تتمكن من المواصلة لأسباب عائلية، فتوقفت عن مشروعها المبكر وانتقلت إلى مرحلة الزواج وتربية الأبناء في عام 1999م، والآن أمّ لثلاثة أبناء «بنتان وولد»، أكبرهم يبلغ من العمر 17 عاماً وما يزال دون السن القانونية للعمل، لذلك صار عليّ لزاماً أن أعمل في وظيفة ثابتة بحكم أن الأب لا يعمل لأسباب صحية. جامعة أبوظبي البروفيسور وقار أحمد، مدير جامعة أبو ظبي يؤكد حرص الجامعة على تهيئة كافة الظروف المناسبة للطلبة لضمان تفوقهم الأكاديمي وإتمام رحلتهم العلمية بنجاح، وإن تطلب ذلك مدة أطول من المعتاد، ويمكنهم متابعة الدراسة بسهولة ويسر بعد ذلك. ويبين أن الجامعة تدرك وتتفهم حاجة بعض الطلبة للانقطاع عن الدراسة لأسباب مختلفة، وتنظر في حالاتهن لضمان استكمالهن للدراسة بعد احتساب الساعات الدراسية المستوفية للشروط. كلية الخوارزمي يقول الدكتور عاصم الحاج رئيس كلية الخوارزمي الدولية: توفر الكلية لطلبتها أوقاتاً دراسية مرنة صباحية ومسائية وعلى نهاية الأسبوع، بحيث يستطيع العديد من الطلبة الجمع بين الدراسة ومواجهة ظروف الحياة في الوقت نفسه، مما يكسبهم الخبرة في مواجهة الصعاب، كما تسهم الدراسة المرنة في تسهيل عملية استكمال الطالب مدة دراسته نظراً لأن الوضع الراهن من وجود فيروس كورونا، صعّب الأمر على العديد من الطلبة.

مشاركة :