تتفاقم في المدارس الكندية، ظاهرة الحمل غير المشروع بين مراهقات وقاصرات تتراوح أعمارهن بين 13 و17 سنة. وتخلّف تداعياتها صدمة واستنكاراً ونقمة في الأوساط الاجتماعية والسياسية والتربوية. وتتحول يوماً بعد يوم إلى قضية رأي عام يندّد بهذه الممارسات «المنحرفة»، التي تصفها وسائل إعلام كندية بـ «الوباء الذي يجتاح العالم الغربي». ولا تقتصر هذه الظاهرة على الحمل غير المشروع بين المراهقات فحسب، بل تشمل قاصرات لا يزلن على مقاعد صفوف الدراسة الابتدائية والمتوسطة، وكثيرات منهن بتن أمهات. تشير صحيفة «لابرس» في مونتريال، إلى أن عدد المراهقات اللواتي يقعن ضحايا الحمل غير المشروع في كيبيك، يتجاوز 12 ألف مراهقة سنوياً، بينهن 2500 يلجأن إلى الإجهاض، و10 في المئة يتابعن الدراسة. ويفيد معهد الإحصاء في كيبيك، بأن مدارس مونتريال تشهد سنوياً، ما لا يقل عن 1000 فتاة حامل دون سن الـ18، 5 في المئة منهن يحتفظن بالطفل، و20.4 في المئة يتخلّصن منه بالإجهاض، و7 في المئة يتابعن الدراسة إلى ما قبل موعد الولادة. ويشير استطلاع نشر حديثاً، إلى أن 80 في المئة من القاصرات يتعرّضن للحمل بين 13 و17 سنة، 15 في المئة منهن يجهلن وسائل الوقاية وأمور الإخصاب، ويخفين علاقتهن الجنسية عن أهلهن، و45 في المئة يقعن ضحايا معلومات خاطئة عن الجنس. ويرى باحثون في علوم الجنس والتربية والنفس والاجتماع في نتيجة الاستطلاع، أن «معضلة» الحمل المبكر للمراهقات، علاوة على كونه غير مشروع، مسألة تفتقر إلى الحد الأدنى من الثقافة الجنسية والاجتماعية والصحية. فالمراهقات يحلمن بأن ينجبن أطفالاً ويصبحن أمهات، من دون أن يعلمن شيئاً عن أخطار الحمل والولادة وما بعدها. ويتأثّر بعضهن الآخر بما يسمع من الصديقات أو بما يشاهده على شاشات السينما والتلفزيون، أو يسيء فهم دروس التربية الجنسية، أو يجهل وسائل الوقاية من ممارسة الجنس. ومنهن كثيرات لا يصارحن الأهل بما ينتابهن من أعراض نفسية، ورغبات في كشف أسرار الجنس. والى ذلك، يخلّف الجهل بهذه الأمور تداعيات سلبية خطيرة، ليس أقلها الضياع والعزلة والقلق والاكتئاب والصدمات النفسية، فضلاً عن صعوبة التوفيق بين الحمل والدراسة أو التخلّي عنها نهائياً، ما قد يدفع المراهقة إلى الاندفاع وراء المخدرات والكحول أو الوصول إلى حال اليأس التي تؤدّي أحياناً إلى الانتحار. وإزاء تفاقم ظاهرة الحمل غير المشروع في أوساط التلميذات القاصرات، وصعوبة ما قد يواجهن من مسؤوليات كتلميذة وأم ومراهقة، ومن أعباء الاحتقاظ بالطفل ورعايته وتربيته، وتلافياً لتعرّضهن للفشل في الدراسة أو لصعوبة متابعتها أو لتسرّبهن المبكر، أطلقت إحدى المؤسسات الخاصة في مونتريال (تعود ملكيتها الى أندريه ولوسي شانيون وتتلقى من حكومة كيبيك منحة مقدارها 100 ألف دولار كندي سنوياً) مبادرة هي الأولى من نوعها، تقضي بتقديم برنامج رعاية للأمهات المراهقات واحتضانهن وتربيتهن، يتضمن كما توضح مديرة المؤسسة لويز كوفسكي، ثلاثة أهداف هي: إكمال تعليم الأمهات المراهقات في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، تدريبهن على مهارات الأمومة، والعناية بنمو الأطفال ورعايتهم. وتضيف كوفسكي: «يحتضن البرنامج حالياً بضع عشرات من القاصرات، بعضهن حامل أو مع طفله. وجميعهن يواظبن على الدراسة إلى ما بعد الولادة وحتى بلوغ سن الرشد وعلى نفقة المؤسسة»، لافتة إلى أن عدد الولادات بلغ العام الماضي حوالى 100 حالة، وهو أعلى معدل ولادات بين المراهقات في كيبيك.
مشاركة :