في ظل التطلعات إلى خلق واقع جديد أثناء الأزمة المتواصلة بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، يبرز دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الحفاظ على الصحة العامة وتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البحرين. وفي هذا الإطار، ينبغي أن ندرك أهمية التحول الرقمي بالنسبة لقطاع الأعمال والجهات الحكومية أثناء سعيها لإيجاد وسائل جديدة من أجل مواجهة الوباء وعودة الأمور لنصابها الطبيعي بأقرب وقت ممكن.لا شك أن أثر الأزمة قد طال الجميع ابتداءً من العاملين في القطاع الصحي وصولاً إلى المعلمين والتجّار والصناعيين وغيرهم. ولذلك بات الشغل الشاغل لجميع القطاعات في البحرين إعادة النظر في كيفية أداء أعمالها والقيمة التي توفرها لعملائها، مما يفرض متطلبات جديدة لتحقيق النجاح. وتأتي المنصات الرقمية كداعم أساسي على طريق توفر هذه المتطلبات، حيث لا يقتصر دورها على تمكين إنجاز الأعمال مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي فحسب، وإنما تتيح كذلك اتخاذ القرارات بسرعة وفعالية أكبر.على مدار الأشهر القليلة الماضية، حددنا أهم التقنيات التي ستؤدي دورًا مهمًا في التعامل مع الأزمة ومكافحة الفيروس. على سبيل المثال، تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة في دعم جهود العلماء والأطباء من أجل التوصل إلى اللقاح والعلاج اللازم للمرض، في حين تسهم التقنيات التعاونية الذكية للاتصالات في تمكين المعلمين والطلاب في جميع أنحاء البحرين من التواصل مع بعضهم البعض، وتوفر للأجيال الجديدة منصات متطورة لنيل مزيد من المعارف والخبرات. وتمكن الكاميرات وأنظمة التحليل المتطورة الجهات الحكومية من مراقبة الأماكن العامة بشكل أفضل وإجراء الاختبارات عن بعد للحفاظ على صحة المواطنين.وما كانت أي من هذه الإسهامات ممكنة لولا وجود بنية تحتية ونظام إيكولوجي متماسك لتقنية المعلومات والاتصالات في البحرين. ويعكس اعتماد البحرين المتنافي على التقنيات المتطورة بما فيها الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة القيمة الكبيرة التي ينطوي عليها التعاون في المجال التكنولوجي عندما يتم في إطار عمل مفتوح يسهم فيه جميع الأطراف في تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة. وقد أثبتت استثمارات الدولة في البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس على وجه التحديد فعاليتها في مجال توفير النطاق الترددي لتشغيل الأدوات الرقمية المستخدمة حاليًا في ظل أزمة تفشي وباء (كوفيد-19)، ولا شك بأن البحرين ستجني أفضل ثمار الاستثمار في شبكات الجيل الخامس على صعيد دفع عجلة تطوير مختلف القطاعات والصناعات. وستسهم الإمكانات التي يتيحها توفير شبكات الجيل الخامس في المستقبل بتحسين سعة الشبكات وتوفير وسائل فعالة من أجل التعامل مع الأزمات كفيروس كورونا المستجد، وإعادة الأمور لنصابها الطبيعي لاستكمال دورة التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البحرين بحسب الخطط والاستراتيجيات الوطنية الطموحة التي وضعتها حكومة المملكة.ويشكّل النظام الإيكولوجي المفتوح الأساس لمواجهة التحديات التي يفرضها فيروس كورونا المستجد، حيث يواجه كل قطاع اقتصادي تحدياته الخاصة التي تحتاج حلولاً مخصصة. ولا يمكن لدولة أو شركة إنشاء هذه الحلول من خلال العمل بمفردها. فلا يخفى على أحد بأن مواجهة الفيروس تتطلب مشاركة الخبرات بشكل أفضل، خاصة في المجال التكنولوجي، وهذا ما يتجلى في مبادرات عديدة كاتفاقية التعاون بين «بتلكو» و«إنجاز» و«هواوي» في وقت سابق من هذا العام لتعزيز قوة تغطية شبكة «واي فاي» بشكل كبير ودعم التعلم عن بعد. ومن خلال الاعتماد على نقاط قوة التعاون بين القطاعين العام والخاص، يمكن لقطاع تقنية المعلومات والاتصالات في البحرين المساهمة في تصميم الأنظمة التي تحتاجها المجتمعات والشركات لتتجاوز هذه الأزمة بشكل أفضل، ومتابعة مسيرة التنمية والتطوير بشكل سلس في مرحلة ما بعد الأزمة لاستكمال مراحل بناء الاقتصاد الرقمي المتنوع المستدام القائم على المعرفية لصالح مستقبل شعب البحرين وترسيخ مركزها الإقليمي والدولي كأحد أفضل حاضنات الاستثمار ورخاء المعيشة.
مشاركة :