أظهرت جائحة كورونا الوجه البائس للعالم خصوصاً فيما يتعلّق بجوع الأطفال الذين فقدوا آباءهم في الحروب أو خسر المعيلون العمل بسبب انتشار الوباء وتوقف عجلة الإنتاج. وفيما يتعرض أكثر من أربعة ملايين طفل في العالم للجوع؛ يقف العقل حائراً وتنكسر النفس حزناً حين ترى أولئك الأطفال يتضورون جوعاً ونحن نمارس حياتنا الطبيعية داخل بيوتنا وأطفالنا بيننا ينعمون بالأمن والدفء والشبع! وقد نشكو من ارتفاع درجة الحرارة ونهرب لبرودة المكيفات نتناول أجود أنواع الحلويات ونحتسي القهوة الساخنة، بينما يواجه بعض الأطفال الخوف والجوع، وهو ما يشعرنا بالعجز والقصور والخيبة واليأس. وتقوم الحروب بغير استقصاد للأطفال ولكنها بهدف فرض القوة والتضييق على المسلحين، وقد تنفي أطراف الصراع وجود تجويع أصلاً، وأن الصور المنتشرة في وسائل الإعلام عن المجاعات ليست سوى ملفقة ولكنها حقائق لا يغيبها النفي! فالأمم المتحدة تقطع الجدل والاستخفاف بعقول المشاهدين حول تلفيق الصور؛ وتجزم بعجزها عن إيصال المساعدات الإنسانية إلى بلدان الصراع التي تدور فيها رحى الحروب، بما يعني مصداقية الأخبار وشفافية الصور! حيث لا يحصل الأطفال على الحليب والغذاء، فلا يستطيع السكان الخروج من بيوتهم بسبب الحصار المضروب عليهم لملاحقة المسلحين! أو بسبب الحجر تحسباً من انتشار فيروس كورونا. إن ممارسة التجويع للاستفادة من هذه المأساة الإنسانية واستغلالها من الأطراف المتنازعة لكسب نقاط سياسية على الأرض لا تقبلها الشرائع السماوية ولا الأخلاق السوية. وما يؤلم أن جوع الأطفال يقابله صمت دولي مطبق، وعدم التحرك الفوري لضمان تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن، وتخاذل الكتل الكبرى عن إدانة وشجب الوضع المأساوي، وعدم المسارعة بفك الحصار أو إسقاط المساعدات الإنسانية من خلال الطائرات مع اتخاذ الاحترازات من وباء كورونا. وما نرجوه من الله أن يلطف بالعالم كافة وبالأطفال الضعفاء خاصة، وما نأمله من حكومات العالم اتخاذ الإجراءات الفورية الكفيلة بضمان إيصال المساعدات الإنسانية بجميع السبل المتاحة التي تستدعيها عجالة الوضع الإنساني المتردي. مؤلم جداً حين يجوع الإنسان، وأكثر ألماً عندما يتضور الطفل جوعاً.
مشاركة :