أبقى الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة دون تغيير وتعهد بالحفاظ على حزم التحفيز الاقتصادي غير المسبوقة حتى يتمكن الاقتصاد من «تجاوز الأحداث الأخيرة»، وصرح رئيسه جيروم باول بأن التوقعات الحالية تشير إلى عدم رفع أسعار الفائدة خلال العام الحالي أو المقبل. ذكر تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني أن الأسواق ترقبت صدور نبرة إيجابية نوعاً ما من اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي على أمل رؤية توقعات من صانعي السياسات بما يشير إلى حدوث تحول في الاقتصاد الأميركي بعد صدمة جائحة فيروس كورونا المستجد وعلى ظل الانتعاش المبكر لسوق الوظائف وارتفاع اسواق الأسهم. لكن، وفق التقرير، وعوضاً عن ذلك، أكد رئيس "الاحتياطي الفدرالي" جيروم باول وصناع السياسة النقدية تقديراتهم القاتمة للآفاق الاقتصادية للبلاد في السنوات المقبلة، مؤكدين احتياج الأوضاع الاقتصادية للمزيد من الدعم من الجهة التنظيمية على امتداد الأفق الاقتصادي. في التفاصيل، أبقى الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة دون تغيير وتعهد بالحفاظ على حزم التحفيز الاقتصادي غير المسبوقة حتى يتمكن الاقتصاد من "تجاوز الأحداث الأخيرة". وصرح باول للصحافيين بأن التوقعات الحالية تشير إلى عدم رفع أسعار الفائدة خلال العام الحالي أو العام المقبل. وقال: "لا نفكر في رفع أسعار الفائدة على الإطلاق، بل أننا لا نفكر في التفكير في رفع أسعار الفائدة". وأعلنت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة أنها "ملتزمة باستخدام كل الأدوات المتاحة لديها لدعم الاقتصاد الأميركي في هذا الوقت الصعب". كما عارض البنك تطبيق أسعار الفائدة السلبية وذلك على الرغم من تزايد الآراء التي تدعم مثل تلك التوجهات. وتوقع جميع مسؤولي بنك الاحتياطي الفدرالي باستثناء اثنين أن يبقى سعر الفائدة الرئيسي قريباً من الصفر حتى عام 2022. وفي ديسمبر 2019، توقع قادة الاحتياطي الفدرالي نمو الاقتصاد الأميركي بحوالي 2 في المئة للعام الحالي وأن يستقر معدل البطالة عند مستوى 3.5 في المئة. لكن خلال الاجتماع الأخير، صدرت توقعات جديدة تشير إلى توقع انكماش الاقتصاد بنسبة 6.5 في المئة في عام 2020 وأن تصل معدلات البطالة إلى 9.3 في المئة نزولاً من 13.3 في المئة في مايو قبل أن تتراجع إلى 6.5 في المئة في عام 2021. وأكد باول أن "المسار المستقبلي للاقتصاد يحيط به قدر كبير من انعدام اليقين وما يزال يعتمد إلى حد كبير على مسار الوباء". وأضاف باول أن الاحتياطي الفدرالي يدرس "أشكالاً صريحة" من التوجيه المستقبلي بشأن أسعار الفائدة وشراء الأصول في اطار مجموعة أدواته التقليدية لمواجهة الأزمات، هذا بالإضافة إلى نهج يعود إلى الثلاثينيات من القرن الماضي يتضمن استهداف أسعار الفائدة على طول منحنى العائد، وذكر إن فائدة ما يسمى "التحكم في منحنى العائد" تظل "محط التساؤلات". بيانات مختلطة كشفت البيانات الصادرة الأربعاء الماضي عن تراجع أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة للشهر الثالث على التوالي في مايو، إذ انخفضت بنسبة 0.1 في المئة الشهر الماضي بعد انخفاض بنسبة 0.8 في المئة في أبريل. وأظهر التقرير أن الطلب ظل ضعيفاً وسط الركود الناتج عن جائحة فيروس كورونا المستجد. وتعرضت الأسعار للضغوط بصفة رئيسية نتيجة لتراجع تكلفة البنزين بنسبة 3.5 في المئة والتي أعقبت انخفاضاً بنسبة 20.6 في المئة في أبريل. في المقابل، انتعشت أسعار المنتجين في مايو، إذ ارتفع المؤشر بنسبة 0.4 في المئة مقارنة بمستويات الشهر السابق. وتجاوز هذا النمو التوقعات بزيادة قدرها 0.1 في المئة وهو الأمر الذي اعتبره الاقتصاديون إشارة إلى أن أسوأ مرحلة من مراحل الانكماش الناتج عن تداعيات أزمة فيروس كورونا مرت بالفعل. وجدير بالذكر أن تلك البيانات أظهرت في أبريل الماضي انخفاض أسعار المنتجين بنسبة 1.3 في المئة، فيما يعد أعلى معدل تراجع شهري منذ العام 2009. أما على صعيد سوق العمل، بلغ عدد الأميركيين المتقدمين للحصول على إعانات البطالة الأولية 1.54 مليون فرد في الأسبوع المنتهي في 6 يونيو، وكان رقم طلبات اعانة البطالة الأولية أفضل قليلاً من التوقعات البالغة 1.55 مليون طلب، كما أنه تراجع عن مستويات الأسبوع السابق التي بلغت 1.89 مليون طلب. وظل عدد طلبات اعانة البطالة فوق مستوى 20 مليون طلب بما يعزز الرأي القائل إن سوق العمل قد يستغرق سنوات للتعافي من تداعيات الوباء حتى في ظل إعادة فتح أنشطة الأعمال. ويأتي أحدث تقرير لطلبات اعانة البطالة بعد أن أظهرت البيانات إضافة الشركات الأميركية 2.5 مليون وظيفة بشكل غير متوقع خلال شهر مايو بما أدى إلى انخفاض معدل البطالة من 14.7 في المئة إلى 13.3 في المئة. لكن وسط هذا التراجع فإن معدلات البطالة الأميركية لا تزال أعلى بكثير من مستويات الذروة التي سجلتها بعد الأزمة المالية العالمية في عامي 2008-2009. وحذر مسؤولو الاحتياطي الفدرالي من فقدان المزيد من الوظائف بالإضافة إلى أولئك الذين عانوا في الشهرين الأولين من بداية ظهور الجائحة، كما حذروا من أن تعافي الاقتصاد بشكل كامل قد لا يتحقق حتى نهاية العام المقبل. استهلت الأسهم الأميركية تداولات الأسبوع بمحو بعض من خسائرها بعد ملاحظة بعض بوادر الانتعاش الأولية، وبدأ المستثمرون أيضاً في التخلص من الدولار الأميركي في ظل ارتفاع الشعور بالأمان. واتخذت تلك التوجهات اتجاها معاكساً بعد إعلان الاحتياطي الفدرالي عن سياساته بما أعاد معنويات تجنب المخاطر للسيطرة على الاسواق، وطالت الأسهم ضغوط بيعية على مدار الثلاثة أيام الماضية وسجلت أكبر خسائرها يوم الخميس الماضي. حيث فقد مؤشر داو جونز الصناعي نسبة 6.9 في المئة من قيمته أو ما يعادل 1800 نقطة، فيما يعد أعمق خسائر يسجلها خلال يوم واحد منذ ثلاثة أشهر، وانهى المؤشر تداولات الأسبوع بانخفاض بلغت نسبته 7.22 في المئة وصولاً إلى مستوى 25,605.5 نقطة.
مشاركة :