«أمنا رويحة الجنة»... أحداث متشابكة وصراع لا يهدأ | مشاهير

  • 7/6/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يحظى المسلسل الاجتماعي «أمنا رويحة الجنة»، الذي يُعرَض حالياً على شاشة «الراي»، بنسبة عالية من متابعة المشاهدين، كما يحوز الكثير من النقاش حول فحواه ورسالته وتقنياته الدرامية. المسلسل الذي كتبته المؤلفة هبة مشاري حمادي، ضم عدداً من القضايا الاجتماعية والإنسانية، حرصت الكاتبة على أن تصنع منها خلطةً درامية ذكية وحبكة محكمة، زادها إتقاناً وبراعةً استمرار الأحداث في التصاعد، منذ بدايتها في مباراة للأداء بين الفنانين الذين جسدوا شخوص العمل. المسلسل يتمحور حول قصة إنسانية أسرية من خلال شخصية «فاطمة»، التي تجسد دورها الفنانة سعاد عبدالله، التي كانت تعيش مع أطفالها في فترة الثمانينات، ولكنها بسبب الضغط عليها، وثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها، تقع ضحية جلطة، تنسيها أكثر من ثلاثين سنة من عمرها، وتنسى خلالها فترة الغزو الغاشم، وبعض الأحداث المحلية، بينما كبر أبناؤها وتزوجوا ولم يعودوا يذكرونها، بعدما توهموا أنها هجرتهم عمداً وهم صغار، ويطرح العمل قضايا ومواضيع عديدة، منها علاقة الأزواج بعضهم ببعض، والمشاكل التي تظهر بينهم ويكون ضحيتها الأبناء، وحب الذات، والجشع، ومشكلة الزواج في السر، والطيبة الزائدة التي كثيراً ما تطيح بالإنسان إلى حافة الهلاك، والحب الصادق البريء، وغيرها من المواضيع التي تدخل في نسيج حياة الناس وهمومهم. الفنانة مرام البلوشي التي حلت كضيفة شرف على المسلسل، جسدت شخصية الفنانة سعاد عبدالله في مرحلة شبابها، في ثلاث حلقات تقريباً، وقد أجادت البلوشي هذا الدور وتقمصت بعض حركات ومفردات «أم طلال»، ومشاركتها كضيفة شرف تُحسب لها، لأنها قبلت بحلقات محدودة، لكنها تركت في العمل بصمة واضحة، وهذا ما أثنت عليه الفنانة سعاد عبدالله نفسها. أما «أم طلال» بطلة العمل، فقدمت دورها بحرفية عالية، حيث تراوح أداؤها - وفقاً لسياق الأحداث - بين حالات إنسانية متلاحقة حيناً ومتداخلة حيناً آخر، وامتزجت أحاسيسها بين القوة والضعف والحب والصبر والحسرة والأمل، كما يظهر دور صديقتها التي تساعدها في كثير من المواقف، وجسدت دورها الفنانة أسمهان توفيق، والتي تنقل أداؤها بين الكوميديا والجدية. المخرج البحريني محمد القفاص، عرف كيف يتحكم بحرفية بارعة في سير الأحداث بالرغم من تداخل الخيوط وتزاحم الأحداث، وتصاعدها بسرعة عالية، وتنوع الأزمنة حتى على مستوى الحلقة الواحدة، فاستطاع أن يركِّب الأحداث كلوحة من الفسيفساء، ويقدم السياق للمتلقي بسلاسة وأريحية. ولعل مما يضاف إلى إنجازات القفاص، أنه بذل بلا شك جهداً ضخماً للسيطرة على العدد الكبير من الأطفال الذين يشاركون في المسلسل، وتمكنه من تدريبهم والتحكم في حركتهم أمام الكاميرا، وهو أمر ليس من السهل تحقيقه بصحبة أطفال ربما لا يدركون مسؤولية العمل الذي يؤدونه، وقد شهد الكثيرون بأن هؤلاء الأطفال «ملح العمل»، وهي شهادة تصب في رصيد القفاص بالدرجة الأولى. حاول المسلسل أن يكون مختلفاً بشكل عام عن بقية الأعمال، لناحية الإخراج، والألوان والموسيقى التصويرية، والحبكة، وبرز خلاله عدد من الممثلين والممثلات من بينهم الفنانة ملاك التي قدمت شخصية «طيبة» زوجة «فاروق» (بشار الشطي) أحد أبناء الفنانة سعاد عبدالله، وهو الشخص الجاد الذي يحمل عُقداً نفسية تجعل من الصعب التعامل معه، وملاك قدمت دور الزوجة التي لديها صعوبة في الكلام، وتعاني صفات الخوف وعدم القدرة على التصرف، لكنها تحولت إلى امرأة أخرى حين شكت أن فاروق متزوج بأخرى، وقد لعبت الشخصية بكل دقة، من دون مبالغة في الناحيتين، بل عرفت كيف تتقن التحول من شخصية إلى أخرى. كذلك الفنان بشار الشطي جسد دور «فاروق» الجاد في حياته، والمتزمت في رأيه، والمتزوج في السر، ولكن «عقده» بدأت تخرب عليه زواجيه الأول والثاني، وقد نجح الشطي في إظهار إمكاناته التمثيلية، وتقمص الشخصية إلى درجة إقناع المشاهدين بنفسيته المطربة، ومن أهم لحظاته في العمل حين التقى والدته وأنكر وجودها وهو يراها أمامه، لكن بعدما دخلت البيت، وذكّرته بطفولته معها كابر أولاً، ثم بكى وانكسر سراً، وقد أجاد تمثيل الحالة والتقمص والانتقال. أما الفنانة هند البلوشي، وهي آخر العنقود، فهي عصبية وماكرة وخبيثة، ولا تعرف معنى الرحمة، وتهدف إلى تحطيم من حولها، وأولهم والدتها، وردة فعل غياب الأم وطلاقها من زوجها زادا من قسوتها التي أصبحت تهيمن على شخصيتها. أجادت هند البلوشي، وأظهرت ما لديها من طاقة فنية جعلتها تأخذ مكانها بين رفاقها الممثلين في «أمنا رويحة الجنة»، وإذا كانت مشاداتها المستمرة وصداماتها القاسية مع والدتها أغضبت الكثير من المتابعين، فهذا دليل على أنها تعمقت في شخصيتها إلى أبعد نقطة. من الوجوه الجديدة التي ظهرت في المسلسل، في أول عمل لها الممثلة لولوة الملا، التي قدمت دور «نوف» ابنة أسمهان توفيق صديقة العائلة الرئيسية، وهي كوميدية الطابع، فتاة تخجل من أمها كونها تريد أن تزوجها بأي طريقة، وهي عفوية، محبة للحياة وبسيطة جداً لدرجة أنها لا تعرف الذرابة، لا تنشغل إلا بالأكل والوناسة، لكنها تقع في الحب الذي يغيرها من النقيض إلى النقيض، وقد تركت لولوة انطباعاً إيجابياً لدى الجمهور بأنها ستصنع لها اسماً لامعاً في الفترة المقبلة، بعد بدايتها القوية في المسلسل. «أمنا رويحة الجنة» تأليف هبة مشاري حمادة، إخراج محمد القفاص، وبطولة سعاد عبدالله، بمشاركة أسمهان توفيق ويعقوب عبدالله ولمياء طارق وهبة الدري وملاك وحسين المهدي وبشار الشطي وهند البلوشي وعبدالمحسن القفاص وضيفة الشرف مرام البلوشي وسمير القلاف، ومجموعة من المشاركين.

مشاركة :