البرنامج الذي شارك فيه وزير خارجية قطر قبل أيام جاء كما توقعنا بأن لن يقدم شيئًا جديدًا، فهي الأسطوانة المشروخة نفسها التي يعيدها النظام القطري بين الفترة والأخرى، ويمكن اختزالها تحت شعار (الهروب إلى الأمام)، كلام عام ومطاطي، دون أي فائدة سوى الظهور الإعلامي لتضليل الرأي العام، ولربما كان ذلك واضحًا على وجه مقدمة برنامج لقاء اليوم (ليلى الشيخلي) التي تبتسم بخجل حين يتهرب وزير الخارجية عن الإجابة بمراوغات سياسية فاشلة، لا تسمن ولا تغني من جوع!!. وعند تحليل المقابلة التي بثتها قناة الجزيرة يرى التناقض الكبير في الإجابات التي قدمها وزير خارجية قطر، فحين سألته مقدمة البرنامج عن مبادرة مطروحة لحل الأزمة بين قطر والدول المقاطعة الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، قال وزير الخارجية في إجابتين متناقضتين، الأولى هناك مبادرة مطروحة، والإجابة الثانية حوارنا مع السعودية كان إيجابيًا ولكنه توقف، فماذا نستفيد من تلك الإجابات، نعم ولا في آنٍ واحد؟!. إشكالية النظام القطري أنه يحاول الالتفاف على أصل الإشكالية وسبب المشكلة، لذا يحاول المراوغة وعدم التطرق لأصل الإشكالية، بل ويحاول وبإصرار تصوير الأمر وكأنما هناك حصار وتضييق على قطر بسبب الحقد والحسد من قطر!! والحقيقة التي يحاول الهروب منها أن الدول الأربع قد قاطعت النظام القطري لسببٍ واحد تتفرع منه إشكاليات كثيرة وخطيرة، وهو دعم القوى الإرهابية بالمنطقة، إخوان المسلمين وإيران وتركيا، لذا جاءت المطالب (13) لهذه الدول أساسًا لعودة العلاقات مع النظام القطري الذي يحاول المراوغة وعدم الاعتراف بالخطأ الكبير الذي يتحمله في المنطقة العربية، علمًا أن مطالب الدول الأربع هي نفسها التي تم التوافق عليها في العاصمة السعودية (الرياض) نهاية العام 2013م، وتم التوقيع عليها من قبل أمير قطر، ولا أكثر من ذلك. الغريب أن وزير خارجية قطر يقول في المقابلة بأن النظام القطري منفتح على الحوار، ومن يتقدم بخطوة يتقدم نظامه عشرًا، وها هي دول الخليج ومصر قد تقدمت بـ (13) مطلبًا لتعزيز أمن واستقرار دول المنطقة ومحاربة القوى الإرهابية، فماذا قدم النظام القطري في سبيل تعزيز الحوار وعودة العلاقات رغم مرور ألف يوم من الأزمة؟! يدعي وزير الخارجية أن النظام القطري حريص على وحدة مجلس التعاون الخليجي، والحقيقة أن النظام القطري لم يترك عدوًا للمنطقة إلا وعقد معه اتفاقية لتواجد قواته في مياه الخليج العربي، ولمن شاء فيتأمل في العلاقات القطرية مع إيران وتركيا، والدولتان تعبثان بالدول العربية منذ سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، فإيران أصابعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وتحتل الجزر الإماراتية وتتدخل في شؤون البحرين والكويت، وتركيا هي الأخرى أصابعها في الشمال السوري وفي الأراضي الليبية وكذلك تتواجد قواتها اليوم في مياه الخليج العربي بعد الاتفاقية العسكرية والأمنية مع النظام القطري، فعن أي وحدة خليجية يتحدث عنها وزير الخارجية القطري؟! وبعيون وقحة ولسان كذوب يدعي وزير الخارجية القطري أن الدول المقاطعة تسخر منصات التواصل الاجتماعية لتجييش الرأي العام ضد قطر، نريد شخصًا واحدًا يصدق هذه المزاعم والأكاذيب؟! الحقيقة التي يعلمها وزير خارجية قطر وغيره من المتابعين أن قطر سخَّرت كل إمكاناتها للنيل من الدول الخليجية والعربية منذ تدشين قناة الجزيرة نهاية العام 1996م، ويكفي سجلها الوقح ضد البحرين، فقد عانت البحرين من قناة الجزيرة الأمرَّين، فما من مناسبة إلا وبرنامج تبثه قناة الجزيرة يسيئ للبحرين ويتدخل في شؤونها! مع أن وزير خارجية قطر يعلم أن ما يقوله غير صحيح، وفيه مراوغة سياسية عبر قناة الجزيرة، إلا أنه يحاول تصوير المشهد بالمظلومية، وأن الضحية هي قطر، وأنه يسعى بكل ما يملك لتذليل الصعاب إلا أن أسلوبه وطرحه لا ينم عن ذلك، فهو لا زال يصف المقاطعة بـ(الحصار)، وأن الدول المقاطعة لم تنل إلا الخيبات والحسرات، فلماذا هو مصر على تقديم مبادرات يدعي أنها ناجحة، ثم لماذا لم يفصح عن تلك المبادرة (الجهنمية) لطرد الجماعات الإرهابية من قطر وتجفيف منابعهم، وإغلاق القنوات التي تقتات على الخلاف والشقاق بين الأشقاء، وإنهاء الاتفاقيات مع دول تضمر الشر للدول الخليجية والعربية. إن مثل هذه المقابلات لن تغيِّر من الواقع شيئًا إن لم يستجب النظام القطري للعقل والمنطق، فإن تعكير صفو الأمن بالخليج والمنطقة العربية يتحمل وزرها النظام القطري، وما مقاطعة الدول الأربع إلا محاولة حضارية لعودة النظام القطري لجادة الحق، وليتذكر وزير خارجية قطر أنه وأبناء الخليج العربي أبناء عمومه، وأن الظفر لا يخرج من لحمه!!..
مشاركة :