افتتاحية «جابان تايمز» من المتوقع أن يتعمق ضعف الاقتصاد الياباني تحت وطأة جائحة كوفيد-19 بعد تقلص الناتج المحلي الإجمالي السنوي بنسبة 3.4 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، وترتفع إلى 20% في الربع الثاني، وهو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. وقد تم رفع حالة الطوارئ التي أعلنت في أوائل إبريل/نيسان في كثير من مناطق البلاد باستثناء منطقة طوكيو الكبرى وهوكايدو، حيث انخفضت الإصابات الجديدة إلى مستويات قريبة من الصفر. ومع ذلك، من المتوقع أن يظل انطلاق النشاط الاقتصادي بطيئاً، حيث يستمر القلق بشأن تفشي الموجة الثانية. ويتم حث الناس على المدى الطويل، على تبني «أنماط حياة جديدة» مصممة لتجنب الاتصال بين البشر. وهناك آراء تفيد بأن الأمر سوف يستغرق بضع سنوات قبل عودة النشاط الاقتصادي إلى مستويات ما قبل الوباء. ومع احتمال استمرار التباطؤ الاقتصادي، فإن مفتاح الانتعاش المستقبلي سيكون في الحيلولة دون الوقوع في البطالة الجماعية والإفلاس، اللذين بدأت تظهر مؤشرات التعرض لهما على أرض الواقع. وعندما ينتهي خطر الوباء يخشى أن تثقل البطالة واسعة النطاق كاهل المستهلكين، وتضعف معدلات إنفاقهم في الوقت الذي يؤدي فشل الشركات إلى تفاقم فقدان الوظائف وعرقلة الانتعاش السريع. وعلى عكس الولايات المتحدة، حيث أدت عمليات الإغلاق لمواجهة الوباء إلى فقدان أكثر من 20 مليون وظيفة في إبريل وحده، وارتفعت معدلات البطالة إلى ما يقرب من 15 في المئة - وهو الأسوأ منذ الكساد العظيم في الثلاثينات - لم تشهد اليابان حتى الآن ارتفاعاً في معدلات فقدان الوظائف. ومع ذلك، انخفض عدد الأشخاص الذين يعانون أوضاع عمل غير نظامية مثل العاملين بدوام جزئي والعاملين المؤقتين في مارس بمقدار 260 ألف شخص فوق عدد العام السابق. ومن المتوقع أن يزداد الضرر الذي لحق بسوق العمل بشكل حاد في الأشهر المقبلة. وأول من يواجه مشاكل انخفاض فرص العمل هم الأشخاص المنخرطون في الوظائف غير النظامية منخفضة الأجر، حيث يستخدمهم أرباب العمل كبدائل رخيصة عن الموظفين المنتظمين بدوام كامل. وكان أكثر من 200 ألف عامل غير نظامي قد فقدوا وظائفهم في الأشهر القليلة الأولى من الأزمة المالية العالمية بعد انهيار بنك ليمان براذرز عام 2008. وقد زادت أعداد هؤلاء العمال غير النظاميين منذ ذلك الحين بأكثر من 4 ملايين لتصل إلى حوالي 21.6 مليون، وهو ما يمثل حوالي 40 في المئة من القوى العاملة في اليابان. وتحتاج الحكومة إلى تحديد كيفية تأثر عملهم بالوباء واتخاذ تدابير مستمرة لدعم أولئك الذين فقدوا وظائفهم أو انخفض دخلهم. من المتوقع أن يكون الضرر الذي أحدثه الوباء على الوظائف أسوأ مما كان عليه في الأزمة المالية العالمية 2008-2009، حيث يتوقع الخبراء ومراكز البحث فقدان أكثر من مليون وظيفة هذا العام. عندما تم الإعلان عن حالة الطوارئ بسبب كوفيد-19 أولاً في طوكيو وست ولايات أخرى في أوائل إبريل ثم في جميع أنحاء البلاد، تم حث الناس على البقاء في منازلهم وطلب من المتاجر إما الإغلاق الكلي أو العمل لساعات أقل. ويُعتقد أن ما يقرب من 80 في المئة من العاملين في صناعة الخدمات الغذائية - وهي من أكثر المتضررين في مكافحة الفيروس - هم عمال غير نظاميين. وتضم قطاعات الخدمات هذه عدداً كبيراً من الشركات الصغيرة التي يُخشى أن تكون ضعيفة جداً من الناحية المالية للاحتفاظ بعمالها على كشوف المرتبات في الأوقات الصعبة. لا شك في أن الضرر الناجم عن الوباء محسوس عبر مجموعة واسعة من القطاعات. فمع توقف حركة السفر عبر الحدود، انخفضت السياحة الوافدة إلى اليابان - أحد القطاعات القليلة سريعة النمو في السنوات الأخيرة - بنسبة 99.9 في المئة على أساس سنوي في إبريل، بعد انخفاض بنسبة 93 في المئة في مارس. وشهدت قطاعات البيع بالتجزئة والخدمات الأخرى التي اعتمدت بشكل متزايد على الاستهلاك القوي من قبل السياح الوافدين، انخفاضاً حاداً في مبيعاتها. ومع تعمق احتمالات حدوث ركود طويل الأمد، هناك توقعات قاتمة بأن إفلاس الشركات سيرتفع إلى أعلى مستوياته في سبع سنوات. وفي الأسبوع الماضي، قدمت شركة «رينون إنك»، وهي شركة تصنيع ملابس، طلباً للحماية من الإفلاس بعد أن تسبب الوباء في انخفاض مبيعاتها، مما جعلها أول شركة مدرجة تقع ضحية للوباء. ومع استمرار تراجع أرباح الشركات المدرجة في البورصة للسنة المالية المنتهية في مارس، تواجه آفاقاً قاتمة للسنة المقبلة حيث تتزايد المؤشرات على أن العديد من الشركات ستحد من توظيف خريجي 2021. وقد حظيت إجراءات حكومة رئيس الوزراء شينزو آبي بالتأييد خاصة في مجال تحسين ظروف سوق العمل. وتعهد آبي نفسه بحماية وظائف الناس وسبل عيشهم بينما تكافح الأمة الوباء. وينبغي عليها متابعة هذا التعهد ووقف الركود من التحول إلى أزمة توظيف أخرى تتسبب في أضرار طويلة الأمد.
مشاركة :