صار الاستثمار في خدمات الحج والعمرة ضمن التوجه الاستراتيجي للدولة يستهدف تنويع مداخيل الاقتصاد الوطني فضلاً عن تسهيل أداء عبادات يؤديها كل مسلم ولهذا الاستثمار فيها استثمار بدعوة سيدنا إبراهيم الذي دعا لأبناء كانوا ومازالوا يقيمون في (وادٍ غير ذي زرع) ولاشك شهدت مرافق الحج والعمرة والحرمان توسعات صارت مكان فخر للأمة. لكن الوضع القائم مثلما يُنبىء بصورة المستقبل يشير لضرورة تحسين صناعة الحج والعمرة فالمرافق المتوفرة وإن استوعبت الزوار لا تزال محصورة في مساحات ضيقة لا تلبي الطلب على السكن والخدمات ولهذا الأسعار بالحرمين في بعض المواسم تصل لأرقام فلكية وفي ظل الزيادة المتوقعة في عدد المسلمين ومعدل الاقبال المتزايد على أداء فريضة الحج والعمرة نحتاج لإعادة التفكير بتشجيع الاستثمارفي السياحة الدينية ومرافقها. والحكمة ضالة المؤمن وهي في تجارب من سبقنا ومنها تجارب هونج كونج وسنغافوره إذ رغم محدودية المساحة التي بحجم حي من أحياء الرياض مع ذلك عدد زوار هونج كونج يصل لخمسين مليون زائر سنويا بسبب التنظيم المدهش الذي ينسي الزائر مشقة السفر ووعثاء الترحال ومع فارق المقارنة إلا أن التجارب العالمية تستلزم إجراء تعديل جوهري في مساحات الحرم المكي من أن تكون( 2) كيلومتر مربع إلى مساحات أوسع لأن حدود الحرم حوالي( 15) كيلومتراً مربعاً وهي مساحات هائلة تسمح بإنشاء مرافق كافية ووصلها بمطار على مسافة لا تتعدى ثلاثين كيلومتراً من مكة المكرمة على نحو ما اقترح الدكتور إبراهيم التركي، وتقوم الدولة بعرضه في مناقصة تتنافسها شركات عالمية ومحليه وتمنح للشركة الأجدر وفق دراسة جدوى كما في تجربة مطار الأمير محمد بن عبد العزيز بالمدينة وهو رابع أكبر مطارات المملكة. على أن تكون ضمن الإنشاءات بنية تحتية من طرق وسكك حديدية للحرم المكي ومنه للمدينة ولأنحاء المملكة ويمكن التفكير مستقبلاً بربط دول الخليج بالمطار ويفضل أن تنشيء الدولة محطات طاقة متجددة وتخطيط أراضٍ يُسمح لمن يرغب بالاستثمار فيها بتهيئتها لاستقبال ما بين خمسين إلى مائة مليون زائر في السنة. ويكون البناء بمفهوم الحي الذكي على مسافة خمسة كيلومترات من الحرم لاستيعاب زيادة سنوية تبلغ 25% وتكون به مرافق خدمية وأسواق ومستشفيات وعمائر سكنية تجسد ما يتطلع إليه الزوار والسكان وبلوغ ذلك الهدف ممكن ولكنه يستدعي إرسال إشارات حمراء قوية من جهات مختصة بما يكُف أيدي البيروقراطيين وأصحاب المصالح الشخصية وبما يحد من تعقيدات تحول دون تحقيق هذا الحلم. إن الاستثمار بخدمات الحج والعمرة استثمار في المستقبل وفي موارد لا تنفد ولا تنضب ولعلها أفضل من البترول وأعتبر الاستثمار فيها عبادة، وأنها مصدر إيرادات مستقبلية مضمونة.
مشاركة :