عقول على صفيح ساخن.. بقلم : د. غادة طنطاوي -

  • 6/16/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من منكم لا يعرف قصة سوزانا كاهيلن..؟؟ صحفية أمريكية، تحقق حلمها الكبير بالانضمام إلى أسرة تحرير صحيفة نيويورك بوست الشهيرة في الرابعة و العشرين من عمرها، لكن الفرحة لم تكتمل..!! اذ أصيبت كاهيلن بعارضٍ صحي، شخصه الأطباء على أنه جنونٌ مطبق من الدرجة الأولى..!! ونصحوا عائلتها بإيداعها مصحة نفسية للمرضى شديدي الخطورة، لكن عائلتها رفضت بشدة. حتى أرسل الله لها طبيب أعصاب سوري، يدعى سهيل النجار، الذي قدم لسوزانا ورقةً وقلماً، مطالباً إياها برسم ساعة، استجابت الشابة بيدين مرتعشتين، ورسمت دائرة، ثم وضعت كل الأرقام من 1 إلى 9 على الجانب الأيمن، و هنا كان الجواب..!! توصل د. نجار إلى تشخيصٍ مبدئي، بأن سوزانا تعاني من اضطرابٍ بالجانب الأيمن في الدماغ، الذي يتحكم بالجانب الأيسر من الجسد، وتبع ذلك تأثر الجانب الأيسر، المسؤول عن مركز العاطفة بالمخ ما تسبب في خللٍ في الجهاز المناعي . وحتى الآن لم ينجح الأطباء في تشخيص 90% من الحالات المصابة، و10% فقط كتبت لهن النجاة، أغلبهن ممن ساقتهن العناية الإلهية لمراجعة الطبيب سهيل نجار. استغرق علاج كاهيلن أسبوعًا واحداً، وبعد قرابة العام، أعلن الأطباء شفائها تماماً من حالتها الغريبة النادرة، إذ كان من الممكن احتجازها بمصحةٍ عقلية مدى الحياة . الشاهد في الموضوع، كم من حالةٍ عصبية لم تُشَخَّص بوجهٍ دقيق في عالم الطب..!! لو كان الأمر في دول الخليج لاعتبروه نوعًا من المس أو السحر، و طافوا بمريضهم حول الدجالين و العرافين.. و كان الأمر سيزداد سوءً بعد الأخذ برأي فلان و علان من الأقارب..!! في الكثير من الأحيان لا نستطيع رؤية الصورة كاملة عن قرب، نبحث عن أسهل الحلول و نلقي باللوم على الجن و السحر.. لا أعترض أبدًا على وجود تلك الحقائق فهي مذكورة في القرآن، أنا فقط ضد مخلفات المجتمع التي مازالت راسخة في ذهن الجميع بالرغم من تطور العلم لدينا. نحن في الألفية الثالثة، لدينا الكثير من المفكرين، العلماء وأصحاب الرأي السديد في جميع التخصصات، فلنعطي العلم فرصة لإثبات وجوده أولًا عوضًا عن طرق باب الدجالين.. فنهاية تلك الطريق الكثير من العقول التي احترقت سلفًا على صفيح ساخن بسبب الجهل.

مشاركة :