اقتحمت سيارات عسكرية إسرائيلية فجر أمس مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، وذلك للمرة الأولى منذ إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقف العمل بالتفاهمات والاتفاقيات مع إسرائيل والولايات المتحدة. وقالت مصادر أمنية إن أجهزة الأمن الفلسطينية أتلفت وثائق سرية تحسبا لاجتياحات إسرائيلية على غرار تلك التي نفذت خلال انتفاضة عام 2000 والتي شهدت دخول العديد من المقار الفلسطينية ومصادرة وثائق وأسلحة قبل تدميرها بالكامل. وأوضحت المصادر «تلقينا أوامر عُليا بإتلاف الوثائق السرية التي بحوزتنا ونفذنا هذه الأوامر بشكل سري، وقد نقلت المعلومات إلى حافظات إلكترونية وضعت في أماكن سرية». وكان الناطق باسم وزارة الداخلية الفلسطينية غسان نمر أكد في وقت سابق دخول الجيش الإسرائيلي مدينة رام الله. وقال «اقتحمت قوات الاحتلال، رام الله ومخيم الأمعري المحاذي لها بقوة كبيرة فجرا وذلك من أجل تنفيذ اعتقالات، وهذه المرة الاولى التي تقتحم فيها هذه القوات المدينة منذ انهاء الاتفاقيات بما فيها وقف العمل بالتنسيق الأمني». واشارت مصادر أمنية إلى أن الجيش الإسرائيلي اقتحم منزلين وفتشهما. وقال نادي الأسير الفلسطيني إن الجيش الإسرائيلي اعتقل أربعة شبان من مخيم الأمعري ومدينة البيرة الملاصقة لرام الله ضمن حملة شملت اعتقال 13 فلسطينياً من مختلف أنحاء الضفة. ووقعت خلال عملية الاقتحام مواجهات بين شبان فلسطينيين والجيش الإسرائيلي لكن لم يبلغ عن إصابات. إلى ذلك، قال خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة أمس إن خطة إسرائيل ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة تنتهك مبدأ أساسيا من مبادئ القانون الدولي يحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وحثوا الدول الأخرى على التحرك بفاعلية لمعارضة الخطة. وعبّر ما يقرب من 50 خبيراً مستقلاً في بيان مشترك عن الاستياء من دعم الولايات المتحدة لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «غير القانونية» لفرض السيادة من خلال ضم فعلي لأراض يسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها. وقال البيان «ضم أراض محتلة هو انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة ومعاهدات جنيف ويتناقض مع قاعدة أساسية أكدها مرارا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والجمعية العامة مفادها أن الاستيلاء على الأراضي بالحرب أو بالقوة غير مقبول». وأضاف أن ما سيتبقى من الضفة الغربية بعد ضم حوالي 30 في المئة سيرقى إلى «بانتوستان فلسطينية». ويشير تعبير بانتوستان تاريخيا إلى المناطق الإقليمية المنفصلة المحددة كأوطان في ظل نظام الفصل العنصري الذي كانت تتبعه جنوب أفريقيا. وقال بيان الخبراء «لقد أكدت الأمم المتحدة في مناسبات عديدة أن الاحتلال الإسرائيلي الذي مضى عليه 53 عاما مصدر انتهاكات شديدة لحقوق الإنسان بحق الشعب الفلسطيني». وأضاف أن من هذه الانتهاكات مصادرة الأراضي وعنف المستوطنين وهدم البيوت والاستخدام المفرط للقوة والتعذيب والقيود المفروضة على وسائل الإعلام وحرية التعبير ونظاما مزدوجا للحقوق المتفاوتة سياسيا وقانونيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا يقوم على أساس العرق والجنسية. وتابع «أن تلك الانتهاكات لحقوق الإنسان ستتزايد بالتأكيد بعد الضم». ورحب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ببيان خبراء الأمم المتحدة كتذكير للمجتمع الدولي بمسؤولياته، وبفداحة الموقف وبالحاجة العاجلة لتنفيذ إجراءات للمحاسبة من أجل إنهاء الاستيطان غير القانوني بما يشمل الضم لإنقاذ آفاق السلام ودعم النظام العالمي القائم على قواعد.
مشاركة :