التعايش مع الوباء

  • 6/18/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

فيصل عابدون مرحلة التعايش مع فيروس كورونا والتي تدخلها الدول والشعوب اليوم بخطى حثيثة، لا تعني بالطبع أنه تم القضاء على خطر الوباء أو أن نمط الحياة الاجتماعية المعروف قبل تفشيه بات آمناً ويمكن العودة إليه كاملاً، ولكنها مرحلة تؤشر إلى نجاح نسبي لسياسات الاحتواء والسيطرة المطبقة لمحاصرة الأضرار الجسيمة المتوقعة على الأفراد والمجتمعات والتقليل من أخطارها.وبدرجة مساوية فإن مرحلة التعايش تشير أيضاً إلى ثبات أهمية الإرشادات الصحية في الممارسات الفردية داخل المجتمع، وبالتالي استقرار قواعد التباعد الاجتماعي وإجراءات العزل لدى المجتمعات التي كانت تواجه هذه السياسات بمقاومة على مستويات مختلفة. لكن التجربة الواقعية التي خاضتها مع التراكم المعلوماتي الذي وفرته السلطات وتراجع سطوة الأخبار الكاذبة والشائعات جعلت قواعد الحماية والوقاية أكثر رسوخاً باعتبارها الترياق المضاد الوحيد والممكن لمقاومة تفشي الوباء . ومرحلة التعايش هي المرحلة الوسطى بين فترة الإغلاق ومرحلة النجاة والسيطرة على الخطر. وما حدث في المرحلة الأولى أنه تم فرض قيود صارمة وإجراءات عزل متشددة. وعلى غرابة الإجراءات المطبقة وقسوتها إلا أنها كانت ضرورية للوصول إلى المرحلة التالية. وحتى أن ارتباط خطوات التطبيق على الأرض بالوجود الكثيف لقوات الأمن ما جعل شكل الحياة يبدو غريباً نوعاً ما، كان ضرورة أمنية لا مناص منها، وخطوات لا يمكن تفاديها وشرطاً حاسماً للنجاح. إذ إن الفرد العادي كما الجماعات يواجهون صعوبات بالغة في التخلي عن عاداتهم اليومية الراسخة على مدى آلاف السنين، وفي فترة زمنية قصيرة، بسهولة من دون وجود حافز ورادع قوي ومؤثر. ويظل الحذر والالتزام بالإرشادات الصحية وثقافة التباعد المستجد مطلوباً بشدة بعد عبور العالم مرحلة الاحتواء ودخوله مرحلة التعايش. وهناك على أي حال أكثر من سبب يدعو للتفاؤل بأننا عبرنا المرحلة الأولى بسلام وخسائر أقل مما كان متوقعاً بكثير. فالمناطق والبلاد التي خاضت تجارب مريرة مع فترات توحش الوباء، بدأت تسترد أنفاسها وباتت طواقمها العاملة أكثر ثقة في قدرتها على تقييم الأوضاع ومستويات الخطر وإمكانيات الحركة والمرونة في فسح المجال أمام المزيد من حريات التنقل للأفراد والجماعات وقطاعات الاقتصاد المختلفة. كما أن التفاؤل يأخذنا إلى أكثر من ذلك إلى حد الاعتقاد بأن فترة التعايش نفسها قد لا تطول كثيراً، فالمؤشرات على تسارع جهود العلماء للتوصل إلى دواء شاف يضع هذا الوباء المنفلت تحت السيطرة والتحكم، تبشر بنتائج وشيكة بل إن بعضها قد وصل بالفعل إلى مستوى التطبيق في بعض الدول وبات جاهزاً للتوزيع على بلدان العالم الأخرى. ولعل من أبرز البشريات في هذا الخصوص إعلان بريطانيا بدء الاستخدام الفوري لعقار "ديكساميثازون" في علاج الحالات الأشد خطورة من المصابين بفيروس كورونا. وهو دواء تم تطويره في مختبرات جامعة أوكسفورد وأثبت نجاحه في خفض معدّلات الوفاة بين المرضى في غرف العناية المشددة بنسبة 35 في المئة، كما خفض الوفيات في أوساط من يحصلون على الأكسجين بمعدل الخمس. Shiraz982003@yahoo.com

مشاركة :