نيودلهي – تعمل الهند والصين على التوصل إلى تهدئة، بعد يومين من حدوث اشتباك عنيف بين قوات الدولتين النوويتين في أحدث مواجهة بين الطرفين منذ عقود. وقُتل في هذه المواجهة التي حدثت في منطقة الهيمالايا 20 جنديا هنديا على الأقل في أعنف اشتباك بين القوتين النوويتين منذ 45 عاما. وحمّل كل طرف مسؤولية الاشتباك الذي وقع ليل الإثنين على الحدود في الهيمالايا بين التبت الصينية ومنطقة لداخ الهندية، للطرف الآخر، وسط تحذير محلّلين من أوضاع “مقلقة”. وعلى الصعيد الدبلوماسي، تحادث وزيرا خارجية الصين والهند هاتفيا الأربعاء واتفقا على “خفض حدة التوتر على الأرض والحفاظ على السلام والهدوء في المناطق الحدودية”. وفي بيان لها الأربعاء دانت الحكومة الهندية “عملا مخططا له عن سابق تصور وتصميم” من قبل الصين، وأوضحت أن وزيري الخارجية اتفقا على “عدم الإقدام على أي خطوة قد تؤجج التوتر” على الحدود. وكثيرا ما تقع مواجهات بين الدولتين النوويتين عبر حدودهما المتنازع عليها والممتدة 3500 كلم، دون أن ينجم عن ذلك سقوط قتلى منذ عقود. ولكن الجيش الهندي أعلن الثلاثاء مقتل عشرين من جنوده في المواجهة. وكانت الهند قد أعلنت في وقت سابق مقتل ثلاثة من جنودها، لكنها أفادت في بيان الثلاثاء أن 17 آخرين “أصيبوا بجروح بالغة، قضوا متأثرين بإصابتهم، ما يرفع حصيلة القتلى إلى عشرين”. وكان الجيش الهندي قد أعلن في وقت سابق سقوط ضحايا “من الجانبين” في الحادثة التي وقعت الإثنين، علما بأن بكين لم تشر إلى أي قتلى أو جرحى وسارعت إلى توجيه أصابع الاتهام لنيودلهي في الحادثة. وجاء في بيان لمتحدث عسكري هندي أن “مسؤولين عسكريين كبارا من الجانبين يعقدون اجتماعا الآن في الموقع لتهدئة الوضع”. ونفى ضابط في الجيش الهندي، يتمركز في المنطقة، وقوع أي إطلاق نار في المنطقة الجبلية الوعرة في وادي غالوان ذي الأهمية الاستراتيجية. وقال الضابط طالبا عدم ذكره اسمه “حصل عراك عنيف بالأيدي”. وأكدت بكين الثلاثاء وقوع الحادثة دون أن تشير إلى سقوط قتلى أو جرحى. واتهمت الهند بتجاوز الحدود “ومهاجمة عناصر صينيين”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تجاو ليجيان إن جنودا هنودا “عبروا خط الحدود مرتين، واستفزوا وهاجموا عناصر صينيين ما أدى إلى مواجهة جسدية خطيرة بين قوات الحدود على الجانبين”. وأضاف “مجددا نطلب بشكل رسمي أن تتخذ الهند الموقف المناسب وتقوم بضبط جنودها على الحدود”. ورد عليه المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية أنوراغ سريفاستافا بالقول إن الاشتباك نجم عن “محاولة الجانب الصيني إحداث تغيير أحادي في الوضع القائم” على الحدود. العديد من الأطراف الدولية والأممية تعرض وساطتها من أجل تفادي مواجهة شاملة العديد من الأطراف الدولية والأممية تعرض وساطتها من أجل تفادي مواجهة شاملة وفي مواجهة هذا التصعيد الخطير بين قوتين نوويتين تعرض العديد من الأطراف الدولية والأممية وساطتها من أجل تفادي مواجهة شاملة. وفي نيويورك، أعربت متحدّثة باسم الأمم المتحدة عن قلق المنظمة من هذا التصعيد. وقالت إري كانيكو “إننّا نحثّ الجانبين على ممارسة أقصى قدر من ضبط النفس”، مرحّبة بالتزام البلدين تهدئة الوضع. وأعربت الولايات المتحدة عن أملها في أن تتوصّل الصين والهند إلى “حلّ سلمي”. وقال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنّ “كلّا من الهند والصين أعربتا عن رغبتهما في نزع فتيل التصعيد، ونحن ندعم حلا سلميا للوضع الراهن”. وفي الـ9 من مايو، أصيب العديد من الجنود الهنود والصينيين بجروح في اشتباكات بالأيدي ورشق الحجارة في ناكولا بولاية سيكيم الهندية المحاذية لبوتان ونيبال والصين. ولكن وزارة الخارجية الصينية أعلنت الأسبوع الماضي أن “إجماعا إيجابيا” بشأن تسوية المسألة الحدودية الأخيرة، تم التوصل إليه في أعقاب “اتصالات فاعلة” من خلال القنوات الدبلوماسية والعسكرية. وفي بيان لاحق، قالت وزارة الخارجية الهندية إن الجانبين “سيواصلان الحوار العسكري والدبلوماسي لتسوية الوضع وضمان السلام والهدوء في المناطق الحدودية”. ولكن مصادر وتقارير إخبارية هندية أشارت إلى أن القوات الصينية لا تزال في أجزاء من وادي غالوان وفي الضفة الشمالية من بحيرة بانغونغ تسو التي احتلتها في الأسابيع الأخيرة. ولم تنجح الهند والصين في التوصل لاتفاق إطلاقا بشأن طول “خط السيطرة الفعلية” الحدودي، وتلجأ كل منهما إلى مقترحات مختلفة عرضتها بريطانيا على الصين في القرن التاسع عشر لدعم مطالبهما. وتقول الهند إن طول الحدود يبلغ 3.500 كلم. ولا تعلن الصين أي أرقام لكن وسائل الإعلام الرسمية تقول إن الحدود يجب أن تكون 2.000 كلم عند احتساب مطالب الصين في جامو وكشمير ولداخ ومناطق أخرى. وكثيرا ما كانت العلاقات بين الصين والهند شائكة. وخاض البلدان حربا قصيرة في 1962 استولت فيها الصين على أراض من الهند. وأعقب ذلك اشتباكات أوقعت قتلى في 1967، لكن آخر حادثة إطلاق نار كانت عام 1975. وفي 2017 وقعت مواجهة استمرت 72 يوما بعد أن دخلت قوات صينية هضبة دوكلام المتنازع عليها والواقعة على الحدود بين الصين والهند وبوتان. وبعد ذلك سعى رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ إلى تهدئة التوتر خلال اجتماعات قمة. وقالت المسؤولة الكبيرة في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون جنوب آسيا، أليس ويلز، الشهر الماضي إن الصين تسعى إلى زعزعة التوازن الإقليمي ويتعين “مقاومتها”. كما عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب الوساطة، لكنّ الجانبين تجاهلا العرض.
مشاركة :