ما هي تأثيرات عقوبات قانون قيصر الأميركي على سوريا؟

  • 6/18/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يدخل قانون العقوبات الأميركي المعروف باسم قيصر حيز التنفيذ ليشكل آخر خطوات واشنطن في معركتها الاقتصادية على النظام السوري المتهم بارتكاب انتهاكات واسعة خلال تسع سنوات من الحرب ويأمل اليوم في انطلاق ورشة إعادة الإعمار. وتعدّ العقوبات الجديدة الأكثر قساوة على سوريا وستفاقم الاقتصاد المنهك سوءاً، بينما يقول محللون إن المواطنين سيكونون أولى الضحايا. هل يحقق قانون قيصر أهدافه؟ وما هو تأثيره على الشعب وتداعياته على الدول الحليفة والمجاورة؟ ليست العقوبات جديدة على سوريا، إذ عرقلت الإجراءات الأميركية والأوروبية منذ سنوات قدراتها الاقتصادية، وطالت شركات ورجال أعمال وقطاعات مختلفة. وأعلنت واشنطن الأربعاء مجموعة أولى من العقوبات على 39 شخصاً أو كياناً، بينهم الرئيس بشار الأسد وزوجته أسماء، التي طالتها عقوبات أميركية لأول مرة. وعدا عن المسؤولين السوريين، يوسّع القانون دائرة الاستهداف لتطال كل شخص أجنبي يتعامل مع دمشق وحتى الكيانات الروسية والإيرانية، ويشمل مجالات عدة من البناء إلى النفط والغاز. وينص القانون على اتخاذ إجراءات خاصة بحق المصرف المركزي السوري إذا ثبت تورّطه في «عمليات تبييض الأموال». وبادر المصرف الأربعاء إلى تعديل سعر صرف الليرة مقابل الدولار من 700 إلى 1250 ليرة «لردم الفجوة بين سعر السوق وسعر الحوالات». ويقول إدوارد ديهنيرت من وحدة «ذي إكونوميست» للبحوث والمعلومات «لا يزال على الولايات المتحدة أن توضح أين وإلى أي حدّ سيتم تطبيق العقوبات، لكن من الممكن القول إن قطاعات العقارات والإعمار والطاقة والبنى التحتية ستتأثر بشكل خاص». وتشترط واشنطن لرفع العقوبات اجراءات عدة بينها محاسبة مرتكبي «جرائم الحرب» ووقف قصف المدنيين والإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة اللاجئين. ويرى ديهنيرت أن القانون «يُعدّ ظاهرياً آخر محاولة في جهود الولايات المتحدة لفرض تسوية سياسية والإطاحة بالأسد»، إلا أنه يشرح في الوقت ذاته أن ذلك «لن يحدث في أي وقت قريب، كون موقع الأسد حالياً مضموناً»، فهو يحظى بدعم إيران وروسيا ويسيطر بفضلهما على أكثر من 70 في المئة من مساحة البلاد. وبالنتيجة، سيكتفي القانون بـ «عرقلة قدرة النظام وأزلامه على الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي ستوفرها عملية إعادة الإعمار» المكلفة. ويرجّح ديهينرت أن واشنطن «ستنجح إلى حد ما في مساعيها، فقد صُممت العقوبات لإبقاء نظام الأسد منبوذاً، وسيكون تهديدها باتخاذ خطوات عقابية كافياً لإخافة غالبية تدفقات الاستثمارات الخارجية». ومن دون استثمارات ودعم خارجي، ستعاني دمشق لإطلاق إعادة الإعمار. تنديد نددت دمشق بالقانون وقالت إنه سيفاقم معاناة المدنيين. ويرى محللون أن الخشية من القانون، حتى قبل أسبوعين من تنفيذه، ساهمت إلى حدّ كبير في الإنهيار التاريخي لليرة التي تخطى سعر صرفها خلال أيام قليلة عتبة الثلاثة آلاف مقابل الدولار في السوق الموازية. وستفاقم العقوبات وفق ديهنيرت، «علل» الاقتصاد، و«للأسف سيكون الشعب أكثر من سيعاني» وسيرتفع معدل السوريين تحت خط الفقر. ويتوقّع الباحث الاقتصادي أن تشهد البلاد «نقصاً في المواد الضرورية، وبالتالي سترتفع الأسعار وسيعاني السوريون من تآكل أكبر في قدراتهم الشرائية مع تراجع في فرص العمل»، خصوصاً أن القدرة على استيراد السلع، وبينها المواد الغذائية والوقود، ستصبح أكثر تعقيداً. وتشهد مناطق سيطرة الحكومة أساساً منذ نحو عامين أزمة وقود حادة وساعات تقنين طويلة في التيار الكهربائي. وتصف هبة شعبان (28 عاماً)، طالبة الدراسات العليا في جامعة دمشق، قانون قيصر بأنه «وجه آخر للحرب». وتقول لفرانس برس «عانينا كثيراً من العقوبات المفروضة حالياً، والتي تجددت وتتجدد، وتتسبب بشكل أو بآخر بارتفاع أسعار المواد التموينية»، وتسأل «لكن هل سنشهد هذه المرة ليال باردة شتاء وحارة صيفاً جراء انقطاع الكهرباء؟». ولعل أكثر ما يثير خشية حسان توتنجي، مدير مستوصف في دمشق القديمة، هو أن تضع العقوبات «قيوداً على استيراد المعدّات والآلات التي يحتاجها أي مركز طبي والمواد الأولية الضرورية لصناعة الأدوية» في ظل شحّ عدد منها وارتفاع أسعارها مؤخراً. نفوذ تستهدف العقوبات نفوذ إيران وروسيا في سوريا، في وقت تسعى الدولتان لتعزيز حضورهما في الاقتصاد وإعادة الإعمار، إلا أن النتائج قد لا تأتي على قدر آمال واشنطن نظراً لخبرة موسكو وطهران في الإلتفاف على عقوبات اعتادتا عليها. ولا يستبعد ديهينرت أن يكون «للإجراءات تأثير عكسي، إذ عبر إبعاد حركة الاستثمارات التقليدية، تُقلل الولايات المتحدة من التنافس على فرص الاستثمار في سباق تتفوق فيه روسيا وإيران أساساً». ومن المتوقع أن تحدّ أيضاً من اندفاعة الإمارات المرتقبة للاستثمار في إعادة إعمار سوريا بعد انفتاح دبلوماسي مؤخراً. أمّا لبنان، البلد الذي لطالما شكّل رئة سوريا خلال الحرب وممراً للبضائع ومخزناً لرؤوس أموال رجال أعمالها، فقد يشهد تدهوراً أكبر في اقتصاده المنهار أساساً إذا لم تستثنه العقوبات. وتدرس لجنة وزارية تداعيات العقوبات على اقتصاد البلاد المنهك. ويُرجّح أن تنعكس العقوبات، وفق ديهينرت، على عمل شركات البناء اللبنانية في السوق السوري وشركات النقل، عدا عن أن قدرة لبنان على تصدير المنتجات الزراعية عبر سوريا إلى الدول العربية ستصبح محدودة. ويستنتج الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هيكو ويمان أنّ القيام بأعمال تجارية مع سوريا «سيصبح أكثر صعوبة وخطورة، وبالتالي فإن احتمال أن يُدخل أي شخص أموالاً للاستثمار أو لأعمال تجارية سيتراجع وقد لا يكون ممكناً».

مشاركة :